Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر February 12, 2021
A A A
لا خبر يقين عن موعد الولادة الحكومية
الكاتب: ابراهيم بيرم - النهار

التأرجح بين الانفراج والمزيد من الانهيار هو السمة التي يمكن اطلاقها على نتائج الجهود الحثيثة التي تبذلها فرنسا صاحبة المبادرة الحصرية لمساعدة لبنان على تجاوز واحدة من ازماته عبر استيلاد حكومة جديدة موعودة، مدخلا اجباريا لاي محاولات انقاذ وفرملة الانزلاق نحو قاع الانهيار.
باريس تطلق اكثر من برهان ودليل على انها جادة اكثر من اي وقت لتوفير ظروف انجاح مبادرتها التي ارتطمت خلال الاشهر الستة الماضية مرتين بحائط صد الاخفاق والخيبة مما حدا بالبعض الى اطلاق رهان بان باريس التي تزعم علما ودراية في شعاب الوضع اللبناني على وشك ان تنعي للعالمين مبادرة بنت عليها عمارة من الامال.
وفق ما صار شائعا فان العاصمة الفرنسية قد انتقلت في الايام القليلة الماضية الى مرحلة عنوانها “تحصين مبادرتها وتصفيحها ” توطئة لتوفير فرص النجاح الاكيدقبل ان تعطي الاذن الى موفدها بالانتقال الى بيروت ثانية حاملا معه هذه المرة بشارة الانفراج الناجز.
لذا هي استقبلت الرئيس المكلف سعد الحريري على مائدة رئيسها ايمانويل ماكرون متداولا معه خصوصا في سبل اعادة فتح الابواب الموصدة باحكام بينه وبين قصر بعبدا من خلال طروحات وعروض تسووية توليفية.وفي السياق عينه مازال التكهن بامكان ان يزور ماكرون الرياض لاقناعها بضرورة التراجع عن ثوابت سبق وجاهرت بها بشان مستقبل الوضع في لبنان قائما ومتفاعلا.
اذن العهدة كل العهدة على حراك باريس دون اي شىء اخر لاسيما ان الاميال الشاسعة التي قطعها الرئيس الحريري اخيرا بين اربع عواصم لم ينتج عنها ما يبل غليل المتعطشين الى رؤية الحكومة المنتظرة.
هل فعلا ينطوي المشهد المتحرك والواعد بادرة امل وجدية اكثر من اي وقت مضى على نحو يضع حدا لازمة فراغ حكومي بدات منذ اكثر من ستة شهور؟
قرب انفتاح باب الفرج هو ما يراهن عليه نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي ويتبناه. وليست المرة الاولى التي يصر السياسي المخضرم على التبشير بانفراج وشيك لاتلبث رياح المعطيات المعاكسة ان تذروه لكن رايه الواثق هذه المرة هو ان “كل السبل تقود الى خلاصة واحدة وهي ان لامفر امام كل الذين لهم باع في عملية استيلاد الحكومة الا ان يتخلوا عن رهاناتهم الطائرة ويتخففوا من امالهم المفتقرة الى الواقعية وان يقدموا استطرادا بعزم على ما احجموا عنه سابقا اي الافراج عن مراسيم تاليف الحكومة.
وعليه فان الفرزلي في حديث الى “النهار” لايخشى هذه المرة ان تطوح بتوقعه هذا وقائع الصراع المحتدم حول التأليف الموعود.
هذه “الثقة المتعاظمة” عند الفرزلي بقرب ابصار الحكومة النورمردها عنده الى ثلاثة اعتبارات:
الاول ان ثمة موانع وعوائق عطلت سابقا المبادرة الفرنسية قد انتفت اخيرا ولاسيما بعد تبدل السيد القديم للبيت الابيض بسيد اخر يحمل نظرة مختلفة.وعليه فان باريس التي كبل يديها في السابق سيف ترامب امامها الان فرصة كبرى لتحصين المبادرة التي اطلقتها باريحية في اب الماضي ومن ثم دفعها باتجاه مدخلها الاساس وهو استيلاد الحكومة.
الثاني : يفترض بالذين استمروا في السابق بلعبة المشاغبة والرهان على التناقضات والخلافات بغية تحقيق انقلاب جذري يقلب الاوضاع راسا على عقب متوسلين بطبيعة الحال مرحلة احتدام الصراعات وتصادم الخيارات الاقليمية،ان يكونوا اقتنعوا بان رهاناتهم قد حوصرت تماما وتاليا عليهم التزام الهدوء.
وما نذهب اليه يقول الفرزلي “ليس حسابات ضيقة او تمنيات هوائية بل هو حصيلة معطيات ووقائع فرضت نفسها بعناد اخيراوفي صدارتها:
– تعزز مناخات الذهاب اقليميا ودوليا نحو التسويات الكبرى وخصوصا في الاقليم
– عودة الحياة الى دور دول الاتحاد الاوروبي بعد فترة قمع طويل كبل خلاله يد القارة الاوروبية عن الفعل والتاثير.وفي هذا السياق بادرت باريس الى اعادة “تعويم” مبادرتها اللبنانية والعمل على حقنها بجرعة كبرى من الدينامية والتزخيم.
لذا ايضا لم يكن غريبا جواب الموفد القطري الى بيروت عندما نفى ان يكون يحمل معه اي بديل للمبادرة الفرنسية معلنا في المقابل ان بلاده جاهزة للدعم والرفد بعد ان تمضي المبادرة اياها نحو هدفها الاسمى وهو تاليف الحكومة.
وانا، يضيف الفرزلي، اعيد كلامي السابق بان السعودية ما برحت تنتظر البشرى بولادة حكومة جديدة في بيروت لتشرع في مبادرة تعتزمها وهي دعم لبنان بمساعدة قدرها مليار دولار.
والثالث هو ارتفاع منسوب الضغوط الداخلية من جهات ومراجع وازنة وفاعلة الى درجة بات يصعب معها المضي قدما في عملية عرقلة الولادة الحكومية. ويضاف الى ذلك استشراء ” الاهتراء”في عمل الدولة والمؤسسات فضلا عن تعمق ازمات الناس الاجتماعية والاقتصادية والارقام المرعبة لاولئك الحاملين امالهم الخائبة ومرارتهم المتصاعدة من بلد يفتقد عنصر الامان والاستقرار،ينتظرون دورهم للهجرة والنزوح مما يعيد الى الذاكرة حكايا النكبات الجماعية غداة الحربين العالميتين.
ويضيف الفرزلي الى كل هذه المعطيات معطى اخر من شانه ان يساهم في تعزيز الظروف الملائمة لانجاح جهود عملية التاليف الموعودة وهو واقعة “التعاطي الموضوعي والعميق لـ”حزب الله” مع مسالة ملء الفراغ الحكومي منذ بدايات الفراغ لحد اليوم، ولا اغالي اذا قلت ان مقاربة الحزب للامر وثباته عند موقفه رغم ضغوط عليه قد فرمل اندفاعات البعض واعادهم الى جادة التعقل والروية.
ويخلص الفرزلي: انطلاقا من كل هذه المعطيات ارى ان مسالة ولادة الحكومة جدية اكثر من اي وقت مضى وان كان مازال يصعب تحديد موعد زمني لكني ازعم ان موعدنا مع التاليف هو الصبح والصبح دوما ليس ببعيد.