Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر August 23, 2019
A A A
لا حياة للتصنيف الائتماني خارج فضاء الإصلاحات المالية
الكاتب: إيفون أنور صعيبي - نداء الوطن

ينتظر لبنان اليوم نتائج “تصنيفه الائتماني” من قبل “standard and poor’s”. قيل الكثير عن هذا الموضوع في الايام القليلة الماضية ورُبطت زيارة الحريري الاخيرة الى واشنطن بهذا الملف. قيل إن الولايات المتحدة تساعد الحريري في الضغط على وكالة “ستاندرد أند بورز” من أجل منح لبنان فترة سماح لمدّة ستة أشهر قبل خفضها تصنيفه من درجة (B-) إلى (CCC+). بغض النظر عن نتيجة التصنيف سلبية كانت أم إيجابية، فهي لا تحدث أي فارق لناحية عمق المشاكل المالية التي نواجهها. لا تعمل وكالة S&P على الطريقة اللبنانية ومن المستبعد ان تنصاع للضغوطات الاميركية او غيرها خصوصاً وانها في العام 2011 قامت بتخفيض تصنيف الولايات المتحدة بذاتها. من هذا المنطلق من شبه المستحيل ان تخاطر وكالة تصنيف عالمية مثل “ستاندرد أند بورز” بسمعتها وترضخ لضغوطات دولية خدمة لحسابات سياسية ولو كانت أميركية. لذا، ولو ان الوكالة ستتريّث بخفض تصنيف لبنان، فليس ضرورياً ان يكون ذلك مرتبطاً بزيارة الحريري الى الولايات المتحدة، بل ان ذلك عائد، بحسب عدد من الخبراء الى حالة لبنان المالية والتي لم تتسم بالحرج بعد في ما خص دفع المستحقات الناجمة عن اليوروبوندز والتي ترتكز عليها S&P في عملية التقييم.

اذا، لا تكمن المشكلة الفعلية في تخفيض التصنيف او تأجيله، ولا أيضا في ما يشاع عن التهديد بتخفيضه لحسابات خارجية، اذ لن يكون هناك فارق إن تمّ تخفيض تصنيفنا الائتماني نقطة، علماً ان عملية التخفيض لم تكن محسومة لاعتبار ان ما يهم S&P ليس ميزان المدفوعات او احتياطي لبنان بالعملات الاجنبية على غرار البنك الدولي او غيره من وكالات التصنيف العالمية كـ “موديز” و”فيتش” بل ان التقييم بحسب S&P لخفض التصنيف او رفعه يرتكز على سندات الخزينة بالليرة اللبنانية اضافة الى اليوروبوندز وعلى مدى امكان اتسديد هذه المستحقات. في هذا الاطار تشير الارقام الاخيرة التي نشرها البنك المركزي الى ان لبنان قادر على دفع هذه المستحقات. لكن وبموازاة ذلك لا يستبعد مصدر متابع أن يتمّ تخفيض تصنيف المصارف اللبنانية بما انها عاجزة منذ فترة عن جذب رساميل جديدة كما وانها تتكبد خسائر غير متوقعة جرّاء انخفاض قيمة اليوروبوندز خلال الايام الاخيرة.

وبغضّ النظر عن تخفيض التصنيف أم لا، او إن تمّ الأخذ في الاعتبار دقة المرحلة الراهنة وحساسيتها ام لا، وبغض النظر إن أعطي لبنان فترة سماح أم لا، وبعيداً من اسباب انخفاض قيمة اليوروبوندز ومدى ارتباطها باشاعة خفض التصنيف وعدم رغبة المستثمرين بالمخاطرة بحمل هذه السندات، وبعيداً من تراجع احتياطي المركزي بالعملات الاجنبية وتراجع محفظة سنداته، تبقى “الاصلاحات المالية ” المنشودة نقطة الارتكاز والبداية. بدونها لن تُطبق موازنة 2019 ببنودها، ولن تُقر موازنة 2020 في موعدها الدستوري، ولن تُحترم مقررات “سيدر” وأيضاً لن تنفذ خطّة الكهرباء، كما ولن تبقى خطة “ماكينزي” سوى حبر على ورق…