Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر April 3, 2024
A A A
لا تراجع عند “الاعتدال”… وتعوّل على بري و”الخماسية”
الكاتب: رضوان عقيل - النهار

أكثر المتفائلين بمبادرة كتلة “الاعتدال الوطني” لا يرى انها ستحقق خرقاً في التقريب بين الكتل النيابية وتهيئة الظروف المؤاتية لانتخاب رئيس للجمهورية في بلد مفتوحة ابوابه على سيل من التحديات والازمات الامنية والاقتصادية. وعلى رغم النيات الايجابية التي ينطلق منها اعضاء الكتلة الشمالية واستماعهم الى كلام وتصريحات معسولة ومشجعة من سائر الكتل، إلا ان كل الاجواء لا توحي حتى الآن بان مساعيهم وجولاتهم على الكتل والنواب المستقلين ستعبّد الطريق الى جلسات انتخاب جدية توصل رئيساً الى قصر بعبدا الى حين اثبات العكس، مع الاشارة الى ان اعضاء الكتلة لن يتراجعوا ولم يعلنوا ان محاولتهم باءت بالفشل بل يُجمعون على استمرارهم فيها. والمشكلة ليست عند “الاعتدال” بل عند الكتل الاخرى من الضفتين إذ تتمسك بخياراتها الاولى التي رسمتها حيال رؤيتها لانتخاب الرئيس، ولن تتأخر اي منها في تخطي قواعد الدستور والقفز فوقها وتعطيل نصاب الجلسات الذي يتطلب حضور الثلثين عند شعور كل فريق ان منافسه يقترب من عتبة الـ 65 صوتا. ورغم زخم الدعم الذي تلقته “الاعتدال” لمبادرتها من اعضاء “المجموعة الخماسية” الا ان نوابها الذين تحركوا على اكثر من محور تبين انهم غير قادرين على حمل هذه المهمة وانضاجها في جلسات انتخاب رئاسية دونها عقبات عدة. ولم تتمكن العواصم الغربية والعربية المنضوية في “الخماسية” وما تمثله كل منها من تأثير في البيئات اللبنانية المتنازعة من دفع النواب الى انتخاب رئيس للجمهورية حتى الان. ويعرف اعضاء “الاعتدال” ردود الكتل ولو ان جهات لم تعطهم اجوبة حاسمة حيال مبادرتهم، الا ان البعض يقول ان ما تقوم به “الاعتدال” من اتصالات ومحاولات سيصل الى طريق انتخابية مسدودة حيث تعترضها جملة من الالغام والشروط و”الفيتوات” المتبادلة. صحيح انها تلقت اجواء مؤيدة من اكثر من كتلة ونواب مستقلين و”تغييريين” لكن ثمة اكثر من جهة ترى انه لا يمكن تطبيق مبادرتها نتيجة جملة من المسائل التي جرى وضعها على شكل انتزاع تعهد من النواب، اهمها الالتزام بعدم مغادرة جلسة الانتخاب او بالاحرى تطيير النصاب، علما ان لا شيء يجبر النائب على المشاركة في جلسة الانتخاب. ولم تتلق “الاعتدال” من اي كتلة طلب اطفاء محرك مبادرتها، وستزودها كتلة “حزب الله” بردّها بعد اجتماعها مع سفراء “الخماسية”، مع تشديدها على ان موقفها “لن يكون سلبيا”. وترتكز مبادرة “الاعتدال” على اربع نقاط تعمل على تحقيقها وبلورتها بين ضفتي المجموعتين في المجلس وهي: من يدعو الى جلسة اللقاء التشاوري، من يرأسها، مشاركة ممثلي الكتل في طاولة اللقاء، التأكيد على حضور جلسات انتخاب بدورات متتالية وعدم الانسحاب منها وفرط النصاب المطلوب. ولا يريد نواب المعارضة حتى الآن ان تصدر الدعوة عن الامانة العامة لمجلس النواب من اجل ألا يصبح هذا الامر “تقليدا”،

ولا يريدون ايضا ان يكون اللقاء برئاسة الرئيس نبيه بري إذ يعتبرونه “طرفا”. ويقول النائب احمد الخير ان كلاً من الفريقين تقدم بخطوة حتى الان (المشاركة في اللقاء وعدم الانسحاب من الجلسات) ويمكن التعويل عليهم لإحداث الخرق الايجابي المنتظر. وستعاود “الاعتدال” اتصالاتها مع الكتل وعقد اجتماع مع “الخماسية” في 17 الجاري. وينقل الخير عن بري انهم تلقوا منه كل الدعم والمساندة لانجاح مبادرتهم، ووعدهم بان نواب كتلته “التنمية والتحرير” لن يغادروا جلسات الانتخاب “وهذا امر جيد ومشجع” بحسب الخير وزميله سجيع عطية.

من جهته، يردّ رئيس المجلس بانه على تفاهمه مع “الاعتدال” و”الخماسية” وستلقى منهما كل الدعم والمؤازرة واستغلال كل فرصة تساعد في انتخاب رئيس للجمهورية. وفي خضم كل التعقيدات التي تواجه “الاعتدال” فانها لن تتراجع عن مبادرتها وستستمر بالاتصالات مع مختلف الكتل، وترى انه رغم الاجواء الضبايية بين الافرقاء يمكن التعويل على إحداث خرق يؤدي الى جلسة انتخاب رئاسية، وانه عند التوصل الى هدنة في جنوب لبنان سيحضر الموفد الفرنسي جان – ايف لودريان الى بيروت، مع تذكير “الاعتدال” بان حراكها يلقى دعما كبيرا من “الخماسية” والامم المتحدة مع موافقة كل الكتل بما فيها “حزب الله” على عدم ربط ملف الرئاسة بالحرب المفتوحة في غزة والجنوب. ولا بد من التذكير هنا بان اتمام الاستحقاق الرئاسي هو مصلحة لبنانية للجميع ويشكل حجر الاساس في اطلاق عجلة الدولة ومؤسساتها. وتحتاج الوعود التي اطلقتها الكتل الى اقرانها بالفعل في البرلمان الى طاولة اللقاء التشاوري. وتثبت الوقائع هنا ان من الصعوبة اتمام هذا الاستحقاق المعطل من دون التوصل الى تسوية حقيقية لا تقدر “الاعتدال” على بلورتها بسهولة وهي لا تزال في الامتحان. ويبقى المطلوب بحسب “الاعتدال” استغلال مبادرتها والافادة منها وتخطي الحواجز بين الكتل التي ستظهر علامات امكان تخطيها او اعتذارها عن هذه المهمة بعد عيد الفطر.