Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر August 19, 2019
A A A
كيف ظهرت عملتنا الوطنية ومتى نالت “استقلالها”؟
الكاتب: روزيت فاضل - النهار

في 2 كانون الثاني 1919، أسس الفرنسيون أول مصرف لهم باسم “البنك الفرنسي لسوريا”، الذي تحول في ما بعد الى ” بنك سوريا ولبنان الكبير”. وخلال “قيام دولة لبنان الكبير في 1 أيلول 1920، ظهرت الليرة اللبنانية الى جانب الليرة السورية المتداولة، وقيمتهما واحدة”.
في كتاب إبراهيم نعوم كنعان عن “بيروت في التاريخ” في جزئه الثاني (ص. 235)، تركيز واضح على انتقال محيطنا من حكم الدولة العثمانية الى مرحلة جديدة بدأت مع دخول القوات الفرنسية. في المصدر، يتناول كنعان دعوة الحاكم الفرنسي دي بياباب جميع صيارفة بنوك بيروت ومديريها للاجتماع في 11 تشرين الأول 1918، وذلك للتداول بمصير العملة الورقية التركية المنتشرة، من دون ان يتخذ أي اجراء بشأنها في انتظار التطورات.
وذكر الدكتور عصام شبارو في كتابه عن تاريخ بيروت (ص. 1547) أن الاستياء عمّ أهالي بيروت وجبل لبنان وسوريا بعد إصدار الحاكم الفرنسي دي بياباب القرار المذكور في اول تشرين الثاني 1918 وحدد فيه أن العملة الورقية المصرية عملة رسمية وحيدة، وفرض تداولها وصرفها بالليرة الذهبية العثمانية على أساس سعرها القانوني.
ماذا يقول شبارو عن مرحلة تأسيس الفرنسيين لأول مصرف في عام 1919؟ ذكر في كتابه معلومات مهمة مستنداً إلى جريدة “لسان الحال” في عددها 7830 الصادر في 2 تموز 1919 أن “رأسمال “البنك الفرنسي لسوريا” قدره عشرة ملايين فرنك فرنسي، موزعة على واحد وخمسين ألف سهم قيمة الواحد منها خمسمئة فرنك فرنسي”، مشيراً الى انه “بيع من الأسهم 40 الفاً نقداً، وأبقي أحد عشر ألفاً للبنك السلطاني العثماني لقاء موجوداته والتنازل عن أسهمه”.
وركز شبارو نقلاً عن المصدر نفسه أنه “أصبح مركزه الرئيسي في باريس، ومدته 99 عاماً اعتباراً من يوم تأسيسه”، مشيراً الى انه “بذلك غدا البنك فرنسياً برأسماله ومركزه الرئيسي، ومجلس إدارته….. واتخذ فرع البنك في بيروت، مركزاً له في بناء يخص فرع بنك سالونيك، الذي تمت تصفيته، وعين سليم دانا مديراً للفرع، وابرهام وادوار ساسون وكيلين”.
رغم احتجاج بعض البيروتيين ومنهم رئيس غرفة تجارة بيروت عمر الداعوق على قرار المفوض السامي الفرنسي الجنرال غورو الصادر في 31 آذار 1920 بمنح البنك امتيازاً بإصدار الورق النقدي السوري، واعتماد نقد سوري على أساس الفرنك الفرنسي اعتباراً من أول أيار 1920، تمت عملية إنزال النقد السوري الجديد من دون صعاب وحقق البعض أرباحاً في بيروت، بسبب المضاربات الناتجة من سعر العملات.
بعد قيام دولة لبنان الكبير في أول أيلول 1920، ظهرت الليرة اللبنانية الى جانب الليرة السورية المتداولة وقيمتها واحدة. ذكر شبارو في كتابه (ص. 1550) انه “في عام 1922، أعلن قيام “بنك سوريا ولبنان الكبير” في شارع اللنبي قرب منطقة المرفأ، وهو عبارة عن شركة فرنسية، مركزها باريس…”.
ولفت شبارو الى أنه “رغم قيام الجمهورية اللبنانية في 23 أيار 1926، استمر اسم لبنان الكبير على العملة، حتى ازيلت كلمة “الكبير” من اسم “بنك سوريا ولبنان الكبير” اعتباراً من أيار 1937 وأصبح اسمه بنك سوريا ولبنان، وصدرت الليرة تحمل هذا الاسم الجديد، وحدّدت قيمتها بعشرين فرنكاً فرنسياً، ما أدى الى ربط النقد بالفرنك الفرنسي”.
متى نالت عملتنا الوطنية “استقلالها”؟ الجواب بسيط عند شبارو، وهو يرتبط بتحرك في هذا الاتجاه بعد شهرين أو ثلاثة من استقلال لبنان في 22 تشرين الثاني 1943. في التفاصيل، أنه “وقع اتفاق 25 كانون الثاني 1944، بموجبه انفصلت الليرة السورية اللبنانية عن الفرنك الفرنسي، الذي استعيض عنه بتغطية الجنيه الإسترليني”.
وتقدمت الأمور في مسيرة استقلال عملتنا الوطنية حيث أشار شبارو الى أنه “بموجب اتفاق 24 كانون الثاني 1948، انفصلت الليرة اللبنانية عن الليرة السورية، مع الإشارة الى ان “بنك سوريا ولبنان” تابع إصدار النقد اللبناني حتى عام 1963، تاريخ تأسيس مصرف لبنان او “البنك المركزي” في اول شارع الحمراء، في حين تحول “بنك سوريا ولبنان ” الى مصرف عادي…”.