Beirut weather 26.41 ° C
تاريخ النشر July 4, 2024
A A A
كوابح كبيرة للحرب: مسار التفاوض يدخل بتفاصيل الاتفاق
الكاتب: منير الربيع

كتب منير الربيع في “المدن”:

هل تعمل إسرائيل على الإطاحة بكل محاولات إرساء خفض التصعيد على الجبهة مع لبنان؟ على مدى الأيام الماضية، بدا واضحاً انعكاس وتأثير زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، ولقاءاته مع مسؤولين إسرائيليين في تل أبيب وواشنطن، على مسار الجبهة. إذ تراجع منسوب العمليات وتوقف الإسرائيليون عن عمليات الاغتيال.

التفاصيل ومعضلة الأسلحة
لكن الإسرائيليين اختاروا توقيت زيارة هوكشتاين إلى باريس ولقائه بالمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، لينفذوا عملية اغتيال ضد أحد أبرز قادة حزب الله الميدانيين. يأتي ذلك في وقت تشير فيه معطيات ديبلوماسية إلى استعداد هوكشتاين لتفعيل مساره التفاوضي على قاعدة الجولات المكوكية بين بيروت وتل أبيب، لإبقاء التصعيد منخفضاً والعمليات على نطاق جغرافي ضيق، مع شرط حزب الله الأساسي وهو وقف عمليات الاغتيال.
لا تزال المفاوضات مستمرة، بينما لا أحد قادر على الجزم بما سيقرره رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.

في الخطوات العملانية لمسار التفاوض، هناك مؤشرات تفيد بالعمل على تفاصيل الاتفاق المعروض، أي ما تحت الخطوط العريضة التي وضعها الأميركيون، وتركوا تفاصيلها للأطراف الأخرى. بمعنى أنه في حال تمكن الفرنسيون من إحراز تقدم في هذه التفاصيل فلا بأس، وبحال الألمان هم الذين حققوا التقدم، فكل ذلك سيقود إلى نتيجة واحدة وهو انتاج اتفاق يضمن الاستقرار وسحب أسباب التصعيد أو حتى أشكاله. والمقصود بالأشكال هنا هو ما يرتبط بمعضلة أسلحة الحزب المتطورة والصواريخ الدقيقة.

الحاجة إلى الوقت
كذلك، فإن الجوانب التفصيلية لهذا الاتفاق، والتي يتم البحث بها، تتعلق بوقف التحليق الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية. أي منع هذا النوع من الاعتداءات، وصولاً إلى تثبيت ترسيم الحدود البرية والنقاش في النقاط العالقة، وفي تفاصيل عودة المهجرين على جانبي الحدود وكيفية إعادة الإعمار.

وتشير المعلومات إلى أن هذا المسار التفاوضي سيكون بحاجة إلى مزيد من الوقت. وفيما يشدد حزب الله على أن البحث في تفاصيل أي اتفاق سيكون مرتبطاً بوقف النار في غزة، فإن القوى الدولية والغربية تحاول العمل على منع توسيع المواجهات وحصرها ضمن مساحة جغرافية ضئيلة، كما اقترح هوكشتاين سابقاً، حول حصر العمليات في مزارع شبعا، باعتبارها مناطق متنازع عليها بنظر القانون الدولي.

كوابح الحرب
حسب ما تؤكد مصادر ديبلوماسية غربية، فإن كوابح الحرب كبيرة جداً ولا تزال فعّالة، والموقف الأميركي واضح وحاسم في تجنبها. وهو ما يتقاطع عليه الأميركيون مع الإيرانيين والأوروبيين. كذلك لا يمكن إغفال الظروف الداخلية الإسرائيلية التي تضعف موقف الحرب، في ظل الخسائر الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية التي تتكبدها من جراء حربها على غزة. وبالتالي، لن تكون قادرة على تحمّل كم أكبر من الخسائر في حال فتحت الجبهة اللبنانية. ولذا، فإن كوابح الحرب سياسية وعسكرية وموضوعية.

أي تصعيد سيحصل من قبيل عمليات موضعية أو زيادة منسوب القصف والاستهداف، غايتها الوصول إلى اتفاق أو تفاهم. وبالتالي، هناك تصور عام داخل لبنان وخارجه يشير إلى أن الضربات مهما بلغت من التصعيد، فإن سياقها سيصب في خانة تحسين شروط التفاوض من قبل كل طرف، خصوصاً أن لبنان يشكل اهتماماً مشتركاً بين الأميركيين والإيرانيين. وهما الطرفان المقرران فيه بدرجة أولى، ولا قدرة للإسرائيليين على التأثير فيه، بخلاف وضع غزة حيث القرار السياسي الإسرائيلي فيه هو الأبرز والأكثر تأثيراً.
وطالما أن لبنان هو نقطة تقاطع أو تواصل إيرانية أميركية، فإن ذلك دافع للاعتقاد بعدم اندلاع الحرب الكبرى أو الشاملة.