ما ان نذكر إهدن حتى يتوارد الى فكرنا الكنائس وخصوصًا كنيسة سيدة الحصن الذي لا يمكن لأحد ان يزور إهدن الّا ويزورها.
يقول العلامة الأب الدكتور يوسف يمين: بنيت
كنيسة السيدة في الجيل الثامن على انقاض
“أناة” بنت إيل الكنعانية التي كانت تلقّب بالعذارء والبتول والمحاربة”.
ويقول الطوباوي البطريرك اسطفان الدويهي الاهدني:
“إنّ كنيسة سيدة الحصن، قديمة العهد.
في سنة ١٤٩١، طلب أهالي إهدن شفاعة والدة الخلاص الواقع هيكلها على رأس الجبل، وهي سيدة الحصن، فأحرزوا انتصارًا كبيرًا”!.
تقع كنيسة سيدة الحصن على قمة جبل عال يشرف على مدينة إهدن من كلّ الجهات: الشمالية والجنوبية والغربية والشرقية وهي صغيرة الحجم بنيت بالحجارة على صخر الجبل، وأرضيتها أيضًا صخر طبيعي. فيها مذبح واحد للجهة الشرقية، وباب واحد للجهة الغربية. وفيها جرن معمودية قديم يعود إلى سنة بنائها.
هدمت الكنيسة وتجدّد بناؤها عدة مرات. وأراد الإهدنيون أن تبقى أمهم مريم العذراء حصنًا لهم بعد حصار الملك قلاوون لإهدن وقلعتيها الذي دام أربعين يوما وأدّى إلى دمار هاتين القلعتين وما تحويهما من كنائس وحرق إهدن وهرب أبناؤها فاعادوا بناء الكنيسة سنة ١٢٨٥.
روى الخوري مخائيل الدويهي في كتابه المخطوط بدير الشرفة وقال: “فلما كان تاريخ سنة ١٧٠٥ صارت زلزلة عظيمة في ٢٤ من تشرين الثاني، وهبطت أماكن كثيرة، وقتل أناس كثيرون في مواضع ومواضع وهبط حائط سيدة الحصين الغربي في القرية واعاد الاهدنيون بناءها.
سنة ١٩٢٦ مُدّ سطح الكنيسة بالباطون، وفتحت لها نافذة في حائطها الجنوبي. وسنة ١٩٣٤، تكلّلت الكنيسة بالقبة والجرس.
واشتهرت كنيسة سيدة الحصن بعجائبها الكثيرة، فقلّما التمس زائرها شفاعة السيدة إلا نال نعمة. وأصبح مزارها مقصدًا للمؤمنين من كلّ انحاء لبنان والعالم، وخصوصًا في عيد ميلادها يوم ٨ أيلول.
تضرّع إليها الإهدنيون سنة ١٤٨٨، فأحرزوا انتصارًا على الغزاة، والتمسوا شفاعتها لطرد اليعاقبة ثمّ المتاولة. وكانوا في كلّ مرّة، يقومون بتطواف إلى الجبل لشكر الأمّ السماوية على تحصينها رعيتهم من كلّ مضطهد ومناهض للمسيحية .
اما كنيسة سيدة الحصن الكبيرة فبناها الشيخ فايز معوض سنة ١٩٩٠ على نفقته الخاصّة. بناؤها من باطون مسلح، بشكل هندسي متكاتف، حتى تصمد في وجه العواصف. يعلوها تمثال للسيدة العذراء تفتح ذراعيها المقدّستين لتضمّ أبناءها. وفي باحة الكنيسة قبر يحوي جثمان الشيخ فايز تعلوه منحوتة تخليداً لشخصه. وذلك بحسب كتاب “إهدن فردوس الكنائس والأديار حجارة تتكلم” للخوري يوحنا مخلوف.
وكانت «سيّدة الحصن» شفيعة الإهدنيين التاريخية ومزارهم اليومي، وقد جسّدت «العبادة المريمية» التي كان وما يزال يمتاز بها الإهدنيون… كما كانت «سيّدة الحصن» الملجأ والحصن لموارنة الشمال إبّان الغزوات والحروب والملمّات. والى وقت قريب، كان يرتفع، الى جانب «سيّدة الحصن»، صليب كبير، يد تتجه الى إهدن ويد الى زغرتا، للحماية والبركة … ويحتفل الإهدنيون بعيديّ سيّدة الحصن وارتفاع الصليب من خلال الاحتفالات الشعبية والتساعيات الروحية بالمسيرات والتطوافات، انطلاقاً من إهدن صعوداً الى قمة الجبل.
وصنع تمثال كبير لسيّدة الحصن، في إيطاليا من الرخام الإيطالي الشهير. وهو أكبر تمثال للعذراء مريم رفع في لبنان. وكنيسة سيّدة الحصن هي أعلى كنيسة في لبنان! وذلك وفقا لكتاب “دليل إهدن” للأب الدكتور يوسف يمين.
ويمكن للزوار ان يروا مشاهد لا توصف مثل إهدن كلها، زغرتا، طرابلس – منطقة الضنية، عكار – والكورة – منطقة بشري – والبترون. ويمكن مشاهدة جبيل وكسروان والأجمل أنك ترى قسما من شاطئ لبنان الى جزيرتي أرواد وقبرص بالاضافة الى سوريا.
في يوم «خميس الأسرار» نكون قد عرّفناكم على ٧ كنائس في إهدن وزغرتا على مدى سبعة أسابيع خلال الصوم المبارك. ويقوم الزغرتاويون بهذا التقليد كل عام وهو زيارة ٧ كنائس وهي ترمز الى المراحل التي مر بها يسوع المسيح من العلية حتى الجلجلة والهدف من هذا التقليد هو السهر مع يسوع قبل يوم آلامه وصلبه اي يوم «الجمعة العظيمة».