Beirut weather 15.41 ° C
تاريخ النشر May 14, 2018
A A A
كفانا معارك أحجام!
الكاتب: نايلة تويني - النهار

يشكّل الاسبوع الطالع الفرصة الاخيرة للاستعدادات والحسابات السياسية والنيابية قبل انطلاق عمل مجلس النواب المنتخب وتشكيل الحكومة الجديدة، الامر الذي يوجب على المسؤولين والقيادات والقوى السياسية التنبه لحقائق لم تتأخر عن تصوير لبنان كأنه ليس خارجاً من انتخابات نيابية بل انه متجه الى معارك داخلية طاحنة. وبصراحة متناهية لم تكن الايام التي تلت الانتخابات مؤشراً صحياً على الإطلاق من حيث اتعاظ الكثير من القوى الخارجة بمكاسب وانتصارات بمعاني التفويض الشعبي الممنوح لها ولسواها، بدليل ان اللبنانيين يقفون الآن أمام مشهد أزمة متصاعدة تنذر بتعقيدات مسبقة لكل الاستحقاقات الآتية، بدل ان يكونوا أمام ترجمة الوعود الزهرية والمغريات الضخمة التي قطعت لهم في الحملات الانتخابية.

اننا نتخوف مع اللبنانيين بمنتهى الواقعية من ان تتحول نعمة الديموقراطية، التي مهما شابها من ثغرات وتشويهات وشكوك وطعون محقة في العملية الانتخابية تظل أفضل من واقع يحجر على الديموقراطية – ان تتحول نقمة تتفجر معها معارك الاحجام المنتفخة والأدوار المنتفخة والمكاسب المنتفخة ويسقط في ظل هذه المعارك كل أمل حملته الانتخابات في عبور لبنان من مرحلة شديدة القتامة الى مرحلة أكثر اشراقاً.

لقد أفرحنا حقيقة ان تأخذ كتل حقها في التمثيل الواسع متى أثبتت انها استحقته. كما أفرحنا ان تهلل أحزاب لقانون مشكوك في عدالته ما دامت هذه الأحزاب تعكس توقها الى تشريع دورها بالانتخابات الحلال . ومع ذلك لا ننكر اطلاقاً تخوفنا من عودة الخطاب الاستفزازي والاستعلائي، والضرب مجددا على الغرائز بين قوى مسيحية من جهة وقوى درزية من جهة اخرى. كما لا ننسى اطلاقاً التذكير بأن انفلات عصابات التحدي والاستفزاز في شوارع بيروت وبعض الضواحي غداة الانتخابات ينبغي ألا يمر مرور الكرام من دون مساءلة سياسية للقوى المعنية وللدولة أيضاً.

ها نحن على أبواب الاستحقاقات الدستورية التي توجبها الانتخابات النيابية والمنطقة تتفجر فوق معادلات الحرب أو المواجهات الاقليمية المخيفة. ولذا نسأل بإلحاح: هل يرى اللبنانيون سلوكيات سياسية جديدة تعكس التحسس الحقيقي المسؤول لثقل المسؤوليات التي يرتبها واقع لبنان المتعب بأزماته والمهدد بأخطار المحيط ؟ وأي قيمة لحرب أحجام نيابية وسياسية وسلطوية ما لم تترجم أولاً وأخيراً في انقاذ لبنان وانقاذ مواطنه من جحيم الازمات؟

لقد شبع اللبنانيون حتى التخمة قديماً وحديثاً معارك الاحجام وذاق منها لبنان مر المرارات. وندعو الجميع الى مراجعة سريعة لمضامين الحملات الانتخابية نفسها حيث كانت ازمات الناس وازمات الاقتصاد وازمات التنمية الاولوية التي لم تفارق خطاب أي مرشح أو برنامج أي لائحة. فقد حان وقت ترجمة الوعود قبل فوات الأوان وانزلاق البلاد الى الأسوأ.

كفى!