Beirut weather 12.99 ° C
تاريخ النشر September 6, 2025
A A A
قيادة الجيش تُجنّب البلاد خضّات أمنية
الكاتب: غسان ريفي

كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”:
أنزلت قيادة الجيش العهد والحكومة عن الشجرة، وأعادت الأمور الى نصابها السياسي الطبيعي، وجنبّت البلاد خضات أمنية هي بغنى عنها، من خلال التخفيف من حالة الاحتقان وتبريد الشارع الذي كان يغلي بفعل سخونة مواقف أصحاب الرؤوس الحامية الذين راهنوا على مدار شهر كامل على سراب الوعود والضغوط والتهديدات.

تشير المعلومات الى أن ما خلصت إليه جلسة مجلس الوزراء، كان نتاج توافق بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، وهو فرض نفسه على طاولة مجلس الوزراء ولم يتمكن الرئيس نواف سلام والوزراء المتحمسين لإقرار الخطة بمهلة زمنية من مواجهته إنطلاقا من تفاصيل خطة الجيش التي عَرضت بشفافية لكل العراقيل والمعوّقات التي يمكن أن تواجهها في إتمام مهمتها على صعيد الامكانات والقدرات والاحتلال الاسرائيلي والعدوان المستمر.

لذلك فإن الرئيس سلام لم يجد ما يحفظ به ماء وجهه سوى العودة الى قرار الخامس من آب الذي حدد مهلة نهاية العام الحالي لإتمام تنفيذ خطة الجيش وهو ما يتعارض تماما مع مضمون ما قدمه العماد هيكل ضمن الخطة العسكرية التي بقيت سرية، وكذلك فعلت القوات اللبنانية التي وجد وزراؤها أنفسهم أمام واقع لا يمكن لأي كان تجاوزه أو القفز فوقه.

إذا، هو ترحيب حكومي بخطة الجيش وأخذ علم من دون إقرار أو ربط التنفيذ بمهل زمنية، خصوصا أن الخطة إرتبط تنفيذها بحسب بيان مجلس الوزراء بالانسحاب الاسرائيلي وبوقف العدوان، وكذلك إرتبط تنفيذ ورقة المبعوث الأميركي توم باراك بموافقة العدو الاسرائيلي لجهة قيامه بخطوات إيجابية تجاه لبنان الذي إلتزم بكامل بنود إتفاق وقف إطلاق النار، وفي ذلك عودة واضحة الى منطق نائب رئيس الحكومة طارق متري الذي تعرض لكثير من الانتقادات بما في ذلك رد الرئيس سلام عليه.

كل ذلك، أظهر أن جلسة الخامس من أيلول لم تأت لتؤكد قرارات جلستيّ الخامس والسابع من آب، بل جاءت لتصويب البوصلة تجاه إعتماد المنطق الوطني في إيجاد تسوية تحمي العهد وتحافظ على الجيش، وتمنع الفتنة، وتضع المراهنين أو الذين إلتزموا بأجندات معينة من دون الأخذ بعين الاعتبار الحساسيات والتوازنات اللبنانية أمام مسؤولياتهم.

مقررات الحكومة وجدت ترحيبا نقله زوار عين التينة عن الرئيس بري، ما يعني الالتزام الكامل بالتسوية التي تم الاتفاق عليها قبيل الجلسة التي إنسحب منها الوزراء الشيعة الخمسة على قاعدة “عم نفخ ع اللبن لأن الحليب كاويني”، أولا إحتجاجا على مناقشة خطة مرتبطة بمقررات الجلستين الماضيتين والتي يعتبرها الثنائي باطلة، والثانية لأنه تم الاتفاق على مسار معين في كل من الجلستين ولم يتم الالتزام به من قبل الرئيسين عون وسلام، لذلك، فقد إستبق الثنائي الأمور وعمل على سحب وزرائه مع دخول قائد الجيش الى قاعة مجلس الوزراء، للتأكيد على عدم ميثاقية الجلسة في حال جاءت القرارات إستفزازية.

يبدو وأضحا، أن فشل الزيارة الأميركية الأخيرة، وإخفاق توم باراك في تقديم أي إيجابية إسرائيلية تساعد في تنفيذ ورقته على الصعيد اللبناني، وإستماعه من المعنيين وخصوصا من الرئيس بري بأن لبنان لم يعد لديه ما يقدمه، وتلمس الوفد الأميركي لخطورة ما ينتظر الجيش في حال أصرت الحكومة على رمي كرة النار في حضنه، كل ذلك معطوفا على التصعيد الاسرائيلي، والمواقف العالية السقف لأمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم والرئيس نبيه بري، وتبدل موقف وليد جنبلاط، أدى الى تفهم أميركي لما خلصت إليه الحكومة في جلسة الخامس من أيلول، خصوصا أن الولايات المتحدة تعتبر أن الجيش هو المؤسسة الوحيدة الضامنة للاستقرار والسلم الأهلي في لبنان.