في نيسان 2023، وبعد توقف العمل في «النافعة» لسبعة أشهر، إثر توقيف معظم موظفي المصلحة بتهمٍ تورّط في قضايا فساد، فُرز 15 ضابطاً و15 رتيباً من قوى الأمن الداخلي للحلول مكان الموقوفين لتسيير شؤون النافعة، وعيّن وزير الداخلية بسام المولوي العقيد علي طه رئيساً لمصلحة تسجيل السيارات، بعد تشاور بين السرايا الحكومية ووزارتَي الداخلية والمالية والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. لاحقاً، عُزّز عدد المفروزين إلى 20 ضابطاً و30 رتيباً. بدا أن عجلة «النافعة» عادت إلى الدوران، قبل أن يقرّر المولوي، في 7 أيلول الفائت، إعفاء طه من مهامه وتكليف العقيد خالد يوسف مكانه، لتكرّ بعدها سلسلة إعفاءات طاولت الرائد عماد الخولي والنقيب مشرف الحاج يوسف. وفيما لم تفهم خلفية الإعفاءات، تردّد أن خلافاتٍ وقعت بين هؤلاء وبين مقرّبين من المولوي ومن المدير العام لهيئة إدارة السير بالتكليف محافظ بيروت مروان عبود. وقبل نحو أسبوعين، طلب الرائد درغام طربيه نقله من «النافعة»، قبل أن تقرّر الداخلية سحب خمسة ضباطٍ وخمسة عسكريين من المصلحة. وتُوّجت الإعفاءات الاثنين الفائت، بإقالة المولوي العقيد يوسف وتعيين الرائد محمد عيد مكانه رئيساً لمصلحة تسجيل السيارات.وفق أكثر من جهة، تنحصر إدارة هذا الملف بمولوي وحده، وبشكل أدق بـ«محيطين به». وتلفت مصادر متابعة إلى «تخمة شهدتها النافعة على صعيد عدد الضباط الذين فُرزوا إليها، إذ لا تحتاج المناصب الإدارية إلى 20 ضابطاً». وأشارت إلى أنّ المصلحة عادت تشهد تنفيعات على شكل تمرير معاملاتٍ أصحابها محسوبون على ضباط، في وقتٍ تنتظر فيه معاملات غير المدعومين طويلاً». كما أفيد عن «استقبال معاملاتٍ حصل أصحابها على مواعيد عن طريق الهاتف لا المنصة، ما أبقى على الضغط والفوضى اللذين أُنشئت المنصة لتنظيمهما». كذلك، عاد السماسرة إلى نشاطهم المعهود الذي غالباً ما يترافق مع دفع رشى. فيما بقي تغيير رئيسين لمصلحة تسجيل السيارات، في غضون أشهر قليلة، غير مفهوم، وسط ترجّيحات بارتباطها بموقفهما من النزاع مع شركة «انكريبت» التي لا تزال ترفض الالتزام بقرارِ ديوان المُحاسبة، لجهة احتساب مستحقاتها المتراكمة في ذمة المصلحة وفق القرار (13) لمجلس الوزراء، مطالبةً بتقاضيها بالدولار.
وفي ظل تأكيدات معنيين بالملف أن «أي محاولة لإصلاح النافعة وتنظيمها والنهوض بها تستدعي حرباً شعواء ضد فريق واسع من المنتفعين»، فإن ضبابية ما تشهده المصلحة تطرح أسئلة حول من يتّخذ قرارات الإقالة والتكليف ووفق أيّ معايير؟ وهل هي على خلفيّة شبهات أم إفساحاً في المجال أمام عودة بعض الموظفين السابقين المتهمين بقضايا فساد؟ والأهم من يدير في وزارة الداخلية ملف «انكريبت» وكذلك ملف «المعاينة الميكانيكية»؟

مماطلة في تلزيم «الميكانيك»
ففي 30 تشرين الأول الماضي، كان مفترضاً أن تُفضّ عروض مناقصة تلزيم مراكز المعاينة الميكانيكية، وكان يُفترض أن يعود العمل في مراكز صيدا وزحلة وطرابلس والحدت، مع بداية العام الجاري، بعد تعليق العمل منذ أيار 2022. غير أن المحافظ عبود أصدر قراراً بإرجاء جلسة التلزيم إلى موعدٍ يُحدّد لاحقاً، وقال حينها لـ«الأخبار» إن سبب الإرجاء «إدخال تعديلات، وإزالة الغموض من دفتر الشروط، تفادياً لتعرّض عملية التلزيم للطعن، بعدما طلبت أربع شركات توضيحات حوله». وبالفعل، جرى سحب دفتر الشروط من على موقع هيئة الشراء العام.
انقضت أربعة أشهر ونصف شهر على تعليق فضّ العروض، ولم يُنشر الدفتر المعدّل، والأمور مفتوحة على تأخيرٍ غير محدودٍ. فيما لرئيس هيئة الشراء العام، جان العلية، رأي قانوني لجهة «إمكانية إدخال التعديلات على الدفتر بالتزامن مع تمديد مهلة تقديم العروض، عوضاً عن سحبه من أصله».