Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر November 17, 2016
A A A
قلق اسرائيلي من السلاح الذي يشلّ الطيران ويطيح بالمعادلات
الكاتب: محمود زيات - الديار

بضع ساعات على العرض العسكري اللافت الذي نظمه حزب الله في منطقة القصير في سوريا، كانت كفيلة بازعاج دول، واستنفار جهات، ودخول قوى في دوائر القلق والتوجس من «الاعظم» الذي قد يُعدًّه الحزب في المستقبل، فالخارجية الاميركية التي اعلنت انها تُخضِع الصور المسربة للعرض، لفحص وتحليل دقيقين، لفك الشيفرة التي كتبها حزب الله بظهور مقاتلي الحزب على متن آليات اميركية الصنع، ابدت الناطقة باسمها قلق بلادها من وصول اسلحة اميركية الى مقاتلي حزب الله!، فيما سُجّل ارباك مما عُرض من اسلحة نوعية ومقاتلين، في اوساط التنظيمات الارهابية التي اعلنت الاستنفار الاعلامي في مواقعها الالكترونية، خاصة وانها تأتي بعد هزائم موصوفة مُنيت بها على جبهات حلب وريفي ادلب وحمص.

ثمة من رأى في طريقة اخراج العرض الى الاضواء، من دون ان يجد حزب الله نفسه مضطرا توضيح الصورة الحقيقية، بانها احترافية تحمل الكثير من الرسائل الموجهة اكان في صفوف الاصدقاء والحلفاء، ام في صفوف الاخصام والاعداء، فهل من رسائل اراد حزب الله ايصالها، من خلال عرض القصير؟. اذا صحت «رسائل القصير» التي حملها العرض العسكري لحزب الله، والموجهة الى «من يعنيهم الامر»، الذين يشكلون لائحة طويلة من الاخصام والاعداء… ولا بأس بان يشعر الاصدقاء والحلفاء بما حققته المشاركة العسكرية لحزب الله في سوريا، فان هذه الرسائل وصلت الى حيث يجب ان تصل بحسب مصادر في 8 آذار، فالترسانة العسكرية المتطورة المعروضة في «يوم شهيد حزب الله»، لم تسمح الظروف بعرضها داخل لبنان، كي لا «تفور المدبرة» اللبنانية!، في وقت تتصاعد حال الهلع الاسرائيلي من قدرات حزب الله وتنامي قدراته الصاروخية، انطلاقا من الجبهة السورية، سيما وان المحاذير التي يراعيها حزب الله في الداخل، ومنها ما يتعلق بتفادي حالة الهدوء السياسي التي اسهم في الوصول اليها مؤخرا بانتخاب العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وحالة «التعايش الوطني» السائدة بين مختلف القوى السياسية، او احراج الجيش اللبناني، ومراعاة وجود قوات الامم المتحدة المؤقتة في الجنوب «اليونيفيل»، والاهم  سلسلة الانتصارات التي حققها على القوى الارهابية في حلب مؤخرا، هي التي فرضت اقامة عرض لفوج واحد من افواج حزب الله يشارك في القتال خلف الحدود، وما اختيار منطقة القصير سوى تأكيد على الدور العسكري للحزب في القتال الى جانب الجيش السوري ضد التنظيمات الارهابية في سوريا تضيف المصادر، سيما وان منطقة القصير، وما تحمل من رمزية، كانت الفاتحة للدخول العسكري للحزب في القتال الدائر في سوريا، لمواجهة قوى الارهاب التي سعت لتحويل المنطقة الممتدة على طول الحدود السورية ـ اللبنانية، الى نافذة تطل منها على استهدافات امنية ذات طابع ارهابي، تمكنت هذه التنظيمات في تنفيذ العديد منها.

هناك من يضع الخطوة العسكريتارية لحزب الله، في سياق عسكري مرتبط بالميدان السوري  الذي حمل مؤخرا، الكثير من الانجازات حققها اليش السوري بمؤازرة الطيران الروسي ومقاتلي حزب الله، سيما في جبهات القتال في مناطق في حلب، فالعرض العسكري لـ حزب الله، جرى قبل ساعات من بدء الهجوم الجوي الروسي على مواقع التنظيمات الارهابية في سوريا، رسالة حزب الله، تزامنت مع تصعيد ميداني روسي، تمثل بفتح السماء السورية امام اسراب طائرات «السوخوي» والاعلان عن اوسع هجوم مدفعي وجوي على محاور الاحياء الشرقية في حلب، وامتدادها الى الريف الادلبي والحمصي، بعد استقدام روسيا لترسانة عسكرية اضافية، بحرية وجوية، ونشر سبع منظومات صواريخ ثقيلة من نوع « S 300» في سوريا، وفي سياق سياسي يلف المنطقة، يشير الى اجواء انتصار عسكري بدأت تنتشر في اوساط التحالف القائم بين سوريا وروسيا وايران… وحزب الله، اجواء انتصار لا تقتصر على الجبهة السورية التي بدأ الخناق يضيق على تنظيمات الارهاب المدعومة من قوى ودول اقليمية بدأت تسلك خطا تراجعيا في دعمها للارهاب.

اما اسرائيليا، فان اكثر ما يُقلق قادة جنرالات الكيان الاسرائيلي، ظهور منظومات صاروخية مضادة للطائرات، وهو امر يجزم الاسرائيليون بان حزب الله وعلى لسان امينه العام السيد حسن نصرالله، اعطى اشارات «مفخخة» عن امكانية الحزب في امتلاك اسلحة من شأنها اذا تأكد وجودها، ان تشل سلاح الجو الاسرائيلي، في اي حرب مقبلة، ووفق الرؤية العسكرية الصهيونية، فان فوج سلاح المدرعات الذي شارك في عرض «حزب الله»، لن يكون مدار قلق للاسرائيليين، طالما ان الاسلوب القتالي الذي يعتمده حزب الله في قتاله ضد الاحتلال الاسرائيلي يقوم على مبدأ حرب العصابات، وهو مدرسة عسكرية لا مكان لها لسلاح المدرعات والمدفعية الثقيلة، بقدر ما يشكل سلاح الصواريخ الحديثة وبخاصة الاسلحة المضادة للطائرات، فالقلق، وفق ما رد جنرالات الحرب في الكيان الاسرائيلي،  متزايد من امكانية امتلاك الحزب لمنظومات دفاع جوي متطورة، تُحدث  تغييرا جوهريا في المعادلة العسكرية القائمة بين حزب الله والاسرائيليين، وهذا السلاح… يبقى ورقة يطويها حزب الله منذ سنوات، مع ان الاسرائيليين لا يسلمون بان هذا السلاح الذي عُرض هو السلاح النوعي الوحيد الذي يملكه حزب الله، الذي سيتحكم في الحرب المقبلة.

ومع الاشارة الى ظهور ناقلات جند اميركية من نوع M 113 في العرض العسكري في القصير، فثمة من يُبالغ في هذا الظهور، لقناعة هؤلاء ان حزب الله لا يؤمن في عمله العسكري بـ «الصدفة» ولا مكان لها في حسابات الحزب، بل على العكس، كل شيء مدروس… وبعناية مشددة، وان غابت المعطيات لدى المراقبين والمهتمين بنشاطات وتحركات حزب الله، وهؤلاء لا يجدون صعوبة في ربط ذلك  بمصير برامج المساعدات العسكرية التي تقدمها الادارة الاميركية الى الجيش اللبناني، وهي مساعدات غالبا ما تكون مشروطة بوجهة الاستعمال وبالتشدد في السيطرة عليها ، انطلاقا من الحذر الاميركي من وقوع الاسلحة التي تسلم الى الجيش اللبناني في يد مقاتلي حزب الله، وان كان ما ظهر من اسلحة اميركية في العرض يعتبر اسلحة بدائية،  لا تدخل في تسليح الحزب لاستخدامها في مواجهته مع الاسرائيليين.

… قد يُطوى العرض العسكري النوعي في القصير، المنطقة التي كان يمكن ان تستهدفها الطائرات الاسرائيلية، قبل نشر شبكات الصواريخ الروسية S 300، بسؤال عما اذا كان حزب الله، اراد من عرضه افهام من لم يفهم بعد، انه دخل مرحلة جديدة من مراحل مواجهاته للاحتلال الاسرائيلي وللارهاب في سوريا، يكون فيه «جيشه» بقدراته البشرية والعسكرية وبترسانة صاروخية ارعبت الاسرائيليين، وترعب الارهابيين في حلب، «جيش الحسم»… الذي سيكون، حيث يجب ان يكون، وفق ما ردد السيد نصرالله قبل عامين.