Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر February 25, 2023
A A A
قلاع وحصون اختفت في زلزال تركيا وسوريا… هل يمكن إعادة بنائها بعد الزلزال؟
الكاتب: عربي بوست
أنطاكيا تركيا غازي عنتاب تركيا قلعة حلب القديمة قلعة حلب
<
>

مع مواصلة الاستجابة الإنسانية في الأسبوع الثالث بعد أن ضربت الزلازل تركيا وسوريا، هناك نوع آخر من جهود التعافي يدور حول المعالم الثقافية التي تعود إلى آلاف السنين في المنطقة.

 

 

المواقع التراثية في تركيا وسوريا.. هل يمكن إعادة بنائها بعد الزلزال؟
تقول وكالة اليونسكو لصحيفة Washington Post الأميركية إنها تقوم هذا الأسبوع بتقييم مدى الضرر الذي لحق بمواقع التراث العالمي. ومن بين أنقاض الكارثة قلاع من حقبة الحروب الصليبية، وقلعة استضافت الرومان والعثمانيين، وقلعة في واحدة من أقدم المدن المأهولة بالسكان على وجه الأرض. وعندما تصل الفِرَق إلى المواقع، سيكون الهدف هو إعادة بنائها للأجيال القادمة بطريقة تكرِّم الحاضر والماضي، كما تقول الصحيفة الأمريكية.

قالت كريستا بيكات، مديرة الثقافة وحالات الطوارئ في اليونسكو، إن الوكالة تساعد في أعمال التجديد وإعادة الإعمار اللازمة، لكنها تحاول أيضاً إعادة بناء ما تسميه الوكالة “التراث الثقافي غير المادي”. وقالت: “نحن في الواقع لا نحتاج إلى إعادة بناء المباني فحسب، بل أيضاً إعادة المجتمعات، لأنه بدونها، لا يوجد استمرار للحياة الثقافية”. وأضافت: “هذا مصدر هويتهم.. هذا هو المكان الذي توجد فيه جذورهم، ولابد أن يتعرفوا على هذا التراث”.

تسببت زلازل 6 فبراير/شباط -بقوة 7.8 و7.5 على مقياس ريختر- في مقتل أكثر من 46,600 شخص وتشريد الآلاف في جميع أنحاء تركيا وسوريا، وقد دمرت أكثر من 93 ألف مبنى كلياً أو جزئياً.

لم يُفهم بعد المدى الكامل للضرر في سوريا وتركيا. قالت بيكات: إنه أمر جديد جداً بالنسبة لنا أن يكون لدينا عناصر محدودة جداً من المعلومات”.

 

 

 

ما أبرز المواقع التراثية التي انهارت في زلزال تركيا وسوريا؟
في الوقت الحالي، تمثل المساعدات الإنسانية الأولوية في تركيا وسوريا. في غضون ذلك، تقوم المجموعة بجمع أي معلومات تستطيع الحصول عليها، كما قالت بيكات. تراقب الوكالة الأضرار في مناطق الكوارث من خلال سحب صور الأقمار الصناعية لتقييم حالة المواقع الثقافية. إذا أعطت السلطات المحلية الضوء الأخضر، فقد تكون الوكالة على الأرض في غضون أيام.

تُظهِر التقارير الأولية أنه في تركيا، انهارت المباني في جميع أنحاء مدينة ديار بكر، موطن قلعة ديار بكر وحدائق هوسال، وهي موقع تراث عالمي عبر الفترات الرومانية والساسانية والبيزنطية والإسلامية والعثمانية.

وتعرضت مواقع مهمة غير مدرجة على قائمة اليونسكو لأضرار، حيث انهار جزء كبير من قلعة غازي عنتاب التي يبلغ عمرها ألفَي عام. تقع القلعة على قمة تل في مدينة غازي عنتاب، وتحمل التاريخ الروماني والبيزنطي.

وتُظهِر تقارير وسائل الإعلام المحلية أيضاً أن العديد من المساجد والكنائس ذات الأهمية التاريخية والثقافية قد تأثرت في مدن أنطاكية وغازي عنتاب وملاطية وأديامان، وفقاً لما ذكره أويا بانكار أوغلو، أستاذ تاريخ الفن الإسلامي والهندسة المعمارية في جامعة بوغازجي.

قال بانكار أوغلو إن العديد من المواقع تحمل معاني عابرة للأديان وتتحدث عن تاريخ البلاد متعدد الأديان، مشيراً إلى “مسجد حبيب نجار” في أنطاكية، والذي تحول إلى أنقاض في الزلازل.

 

 

الأزمة أعمق في سوريا
هناك قلق متزايد بشأن المواقع الثقافية في سوريا، بسبب الأضرار التي سببتها الحرب الأهلية المستمرة منذ سنوات، فضلاً عن الزلازل. سيكون الحفاظ على حلب أولوية، حسب اليونسكو. تعتبر حلب من أقدم المدن المأهولة بالسكان في العالم. وقد أُدرِجَت في قائمة التراث العالمي منذ عام 1986 وعلى قائمة التراث العالمي المعرض للخطر منذ عام 2013.

شهدت قلعة حلب التي تعود إلى القرن الثالث عشر أضراراً جسيمة بجدرانها وأبراجها، بما في ذلك برج الطاحونة العثماني والشوارع والمساكن المحيطة التي تعود إلى الحقبة العثمانية.

وعانت المناطق في جميع أنحاء حلب من الزلازل، وفقاً لليونسكو. وأظهرت التقارير المبكرة أن الأسواق التاريخية للمدينة – سوق الحميدية، وسوق المحماس، وسوق الحدادين- تعرضت للخطر، وانهارت أجزاء من سور المدينة القديمة. وقد كشفت صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها اليونسكو عن أضرار جسيمة لقصر بيت غزالة بالمدينة، وهو مبنى كبير من العصر العثماني.

على بعد حوالي 100 ميل جنوب غرب حلب، تقع مواقع التراث العالمي ومنها قلعة الحصن وقلعة صلاح الدين، القلعتان اللتان ظلتا كما هما منذ الحروب الصليبية، وبها الآن شقوق عبر الجدران والأبراج المنهارة.

وتعد مدينتا حماة السورية، على بعد 84 ميلاً جنوب حلب، وطرطوس، على بعد 70 ميلاً غرب حماة، موطناً لمواقع ثقافية قد تكون مدرجة ضمن مواقع التراث العالمي، واليونسكو قلقة بشأن هذه المواقع.

 

 

خطط استجابة عاجلة وضعتها اليونسكو
ستقوم اليونسكو ومسؤولوها بإجراء تقييمات شاملة للأضرار في الفترة المقبلة، ثم وضع خطط للاستجابة. يمكن أن يعني هذا تحديد ما إذا كان التدخل السريع ضرورياً لمنع المزيد من الضرر للمواقع. ولدى اليونسكو صندوق طوارئ للتراث لهذا الغرض، وهو مورد يجري تجميعه من خلال مساهمات البلدان الأعضاء. وتساعد الوكالة أيضاً في تحديد الاحتياجات طويلة الأجل، وبناء ميزانيات للمواقع وجمع الأموال إذا لزم الأمر.

يقدم مشروع اليونسكو الحالي في العراق مخططاً محتملاً لما قد تبدو عليه أعمال التجديد في تركيا وسوريا.

تهدف المبادرة في الموصل إلى إعادة بناء هياكل المدينة القديمة، بما في ذلك مسجد وكنيسة ومآذن وأضرحة، دُمِّرَت خلال سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة. جمع المشروع 105 ملايين دولار من التبرعات الدولية. وقالت بيكات إن العمل في الموصل يشمل شبكة من المهندسين المعماريين والمهندسين والمتخصصين في البناء ومسؤولي الأمم المتحدة والخبراء الدوليين والمجتمع المحلي والشباب العراقي.

وأضافت: “نحاول إشراك المجتمعات المحلية وتمكينها، فهذه أيضاً هي المشاريع التي تتيح لنا توفير فرص عمل للسكان المحليين، وتوفير التدريب لهم، لأننا نشركهم في جهود إعادة الإعمار هذه”.

 

 

“المرونة الثقافية” في مواجهة الكوارث الطبيعية
يُعَد الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الهياكل الأصلية أمراً أساسياً. هذا يعني تحديد أجزاء المبنى التي لا يزال من الممكن استخدامها: هل يظل الأساس ثابتاً بما يكفي للبناء عليه؟ هل يجب هدم الجدار المتصدع أو إصلاحه؟

بالنسبة للهياكل التي تتطلب إصلاحاً، قالت بيكات إنه من الضروري استخدام تقنيات ومواد مماثلة، إن أمكن. وشدَّد بانكار أوغلو على رغبته في رؤية جهود إعادة إعمار متوازنة للمواقع التاريخية في الدول التي تكرم كل من الجديد والقديم.

أصبح الدمار الأخير جزءاً من المشهد التاريخي أيضاً. ليست هذه هي المرة الأولى التي تتأثر فيها هذه المواقع بالزلازل. وقال بانكار أوغلو: “إنها تعكس نوعاً من المرونة الثقافية في مواجهة الكوارث الطبيعية”.

وأضاف: “كانت الخسارة جزءاً حميماً من هذا التراث، وهذا بالطبع لا يعني التقليل من تأثير هذه الكارثة الأخيرة على هذه المواقع. نحتاج أن نسأل أنفسنا كيف يمكننا الحفاظ على هذه المواقع للمستقبل بدون محو أو تمويه تاريخها المعقد والمتواصل”.