Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر January 16, 2025
A A A
«قصقصة» المناهج تخلّف فجوات «فاقعة» بين الطلاب
الكاتب: فاتن الحاج - الأخبار

تقليص المناهج التعليمية لمواءمتها مع الظروف الاستثنائية تحوّل إلى تقليد سنويّ، وبات في السنوات الأخيرة يحدث مرتين، في بداية السنة الدراسية وفي منتصفها، فيما يتراكم الفاقد التعلمي منذ عام 2016، من دون معالجة. ومرة جديدة، انخفض عدد أسابيع التعليم، هذا العام، من 28 أسبوعاً إلى 18 أسبوعاً، وسط فجوة تعلّمية كبيرة بين من بدأ عامه الدراسي قبل 3 أشهر ومن لم يدخل الصفوف بعد ولا يزال يتلقى تعليمه بواسطة «واتساب». هذا التفاوت في التحصيل التعليمي ينعكس على مواقف الأساتذة والطلاب من «التقليص». فمنهم من يراه مقبولاً باعتبار أنه لا يختلف كثيراً عن العام الدراسي الماضي، ومنهم من وجد أنه لا يراعي أن التلامذة مرّوا بحرب لم يخرج منها الكثيرون بعد.

وثمة رأي ثالث يقف ضد ما يسميه «مسخ المناهج»، على طريقة «القصقصة» و«الارتجال»، ولا سيما في المواد العلمية. ويؤكد هؤلاء أن التقليص ليس مدروساً ويعيد إلى المناهج نفسها التي باتت بحد ذاتها غير صالحة وتعاني من الخلل والاهتراء، إذ لم تشهد تطوراً منذ وضعها قبل 28 عاماً.
معظم الأساتذة متيقّنون بأن التقليص الأول الموزع عليهم، أخيراً، لن يكون نهائياً، وسيكون هناك تقليص آخر في آذار على غرار السنوات الماضية، وربما تكون هناك تسهيلات إضافية لصفوف الشهادات الرسمية. لكن ما يزعج هؤلاء هو التأخر في بتّ الدروس المطلوبة، سواء في الصفوف الانتقالية أو في صفوف الشهادات، وأن يطاول التقليص أو الحذف محاور استهلك شرحها وقتاً طويلاً من العام الدراسي.

الصرخة الأكبر خرجت من أساتذة مادة الاجتماع، إذ إن الفترة المتبقية حتى حزيران لن تكون كافية لإنجاز المطلوب. أضف إلى ذلك أن الطلاب يحتاجون إلى وقت للاستقرار النفسي ولاكتساب بعض الكفايات التي لم يحصّلوها. وبفعل التقليصات المتتالية، باتت مادة الكيمياء، على سبيل المثال، غير متكاملة وغير مترابطة بين سنة وأخرى، ما يضطرّ الأستاذ في الصف الأعلى إلى تخصيص وقت إضافي لتعويض الطلاب معلومات لم يأخذوها في الصف الأدنى. غير أن هناك رأياً آخر بين الأساتذة يرى أن التقليص عادي ومقبول، إذ لا يمكن حذف محاور أكثر من ذلك، انطلاقاً من تركيبة المادة.

وفي مادة الرياضيات، لم تكن هناك مشكلة في التسلسل والتتابع بين السنوات، بل كانت هناك شكوى من إصرار التعليم الخاص على إضافة دروس، بحيث إن الكمية المطلوبة لم تعد تناسب الوقت المتاح لإنجازها. أما في اللغة الإنكليزية، فلم تحدد المحاور المزمع حذفها، والباب مفتوح على المفاجآت في منتصف العام.
وكانت روابط التعليم قد انتدبت أساتذة من كل المواد للمشاركة في التقليص وبدت راضية عن النتيجة.

رئيسة الهيئة الأكاديمية في المركز التربوي، رنا عبد الله، لم تستبعد تمديد العام الدراسي، مشيرة إلى أن التقليص مرن ويمتد على 18 أسبوعاً، وقد عقدت اجتماعات ومداولات راعت أن يكون التحصيل التعليمي بأقل الخسائر الممكنة. وشرحت أن العملية أنجزت بمشاركة كل أطياف العملية التربوية من مديريات وزارة التربية والإرشاد والتوجيه والتفتيش التربوي واتحاد المؤسسات التربوية الخاصة ونقابة المعلمين وروابط الأساتذة في التعليم الرسمي. وكما جرت العادة، سيعدّ المركز في نهاية شباط دراسة ميدانية ترصد الدروس التي أخذت في كل المدارس، والفوارق بينها، ليبنى على الشيء مقتضاه ويجري تقليص ثانٍ، تمهيداً لتحديد المواد المطلوبة للامتحانات الرسمية.