Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر August 13, 2020
A A A
قصر بعبدا لن يتسرّع في الدعوة للإستشارات قبل نضوج التوافق
الكاتب: دوللي بشعلاني - الديار

بعد استقالة حكومة الرئيس حسّان دياب، يُطرح السؤال حول إسم رئيس الحكومة الجديد ونوع الحكومة التي ستُشكّل، لا سيما بعد انفجار 4 آب، وبعد الرسائل التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من بيروت عن ضرورة تغيير النظام وبدء عقد جديد في لبنان. حتى الآن، تشير كلّ المعلومات أنّ «حكومة الوحدة الوطنية» تتقدّم على ما عداها من صيغ حكومية من دون أن يكون الأمر محسوماً بعد، إذ دونها عقبات عدّة. علماً بأنّها مؤيّدة ومدعومة من قبل الرئيس ماكرون منذ زيارته الى لبنان في 6 آب الجاري، ومن غالبية الدول المانحة للبنان، فيما تفضّل الولايات المتحدة الأميركية «حكومة مستقلّة» لا تضمّ وزراء الأحزاب السياسية وتحديداً «حزب الله».

غير أنّ أوساطاً ديبلوماسية مطّلعة أكّدت بأنّ الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي قد فوّضا الرئيس الفرنسي بحلّ الأزمة السياسية في لبنان، ولهذا فإنّ التوصّل الى تشكيل «حكومة وحدة وطنية» تضمّ كلّ الألوان، وتتمثّل فيها كلّ القوى والأحزاب السياسية التي التقاها الرئيس ماكرون في قصر الصنوبر خلال زيارته الأخيرة لبيروت، قد تُوافق عليها أميركا في نهاية الأمر، في حال كانت الحلّ الأفضل لوقف الخلافات الداخلية في البلاد، والسير في إنجاز الإصلاحات المطلوبة من الداخل اللبناني ومن الدول والجهات المانحة. إلاّ أنّ تشكيل «حكومة وحدة وطنية»، لا يُمكن أن يحصل بالسهولة المتوقّعة، والتجارب السابقة أظهرت كم أنّ تشكيل بعض هذا النوع من الحكومات قد تطلّب أشهراً طويلة وصل إحداها الى 11 شهراً، فيما لا يحتمل لبنان في المرحلة الحسّاسة والدقيقة التي يمرّ بها حالياً حصول أي فراغ. فالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي لا بدّ وأن تُستكمل، والشعب اللبناني الذي يتخبّط في المشاكل والأزمات الكثيرة لا يُمكنه أن ينتظر لوقت طويل بعد، إذ أنّه نُكب ونفذ صبره بعد انفجار 4 آب ويريد من يُنقذه وفوراً.

وفيما يتعلّق باقتراح تشكيل «حكومة حيادية» أو «حكومة مستقلّة»، فتقول الاوساط بأنّ اقتراحات لا تزال تُدرس، مع العلم بأنّها ستكون شبيهة بحكومة الرئيس دياب التي ضمّت وزراء تكنوقراطيين شكلاً، لكنّها لم تتمكّن ضمناً من إنقاذ البلاد بسبب الضغوطات السياسية على وزرائها رغم الجهود التي بذلوها لإحداث تغيير أو فارق ما. كذلك فإنّ بعض «حكومات الوحدة الوطنية» التي شهدها لبنان منذ اتفاق الطائف تِباعاً لم تتمكّن من إنجاز الإصلاحات اللازمة بسبب الخلافات السياسية التي نشأت بين الأحزاب المتصارعة. كما أنّ هذا النوع من الصيغ، المستخدم سابقاً ومرّات عدّة، لا يُحدث تغييراً ملموساً، ولهذا فلا بدّ من إيجاد صيغة جديدة لحكومة إنقاذية تولي الأولوية للإصلاح ولتلبية مطالب واحتياجات الشعب، لا سيما اللبنانيين المنكوبين حالياً من جرّاء انفجار 4 آب، قبل أي شيء آخر.

وأوضحت الأوساط نفسها بأنّ الدعوة للإستشارات النيابية الملزمة من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتكليف الرئيس الجديد لتشكيل الحكومة لن تحصل سريعاً وقد تمتدّ الى ما بعد الأسبوع المقبل، بحسب مصادر قصر بعبدا، قبل التوافق على شكل الحكومة الإنقاذية وعلى أسماء وزرائها بشكل مبدئي. ويجري العمل على الإسراع دون التسرّع من أجل الدعوة للإستشارات وتسمية الرئيس المكلّف وتأليف الحكومة إذا أمكن، أو على الأقلّ وضع تصوّر أوّلي لها، قبل الزيارة الثانية للرئيس ماكرون الى لبنان في الأول من أيلول المقبل للمشاركة في الإحتفال بذكرى مئوية لبنان الكبير، وللإطلاع بالطبع من المسؤولين على التطوّرات التي حصلت منذ زيارته الأولى لبيروت.

وعن الشخصية المرشّحة لرئاسة الحكومة الجديدة وتشكيلها، فإنّ إسم الرئيس السابق سعد الحريري يجري التداول به من قبل الأطراف الداخلية والخارجية، رغم الحديث عن أسماء أخرى مثل السفير السابق نوّاف سلام الذي يرفضه «الثنائي الشيعي»، ورأت الاوساط بأنّ نتائج زيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل الذي يصل مساء اليوم الخميس الى لبنان ويبدأ لقاءاته ومحادثاته يوم غدِ الجمعة ستُبلور موقف الولايات المتحدة والدول العربية الحليفة لها من إعادة الرئيس الحريري الى السراي الحكومي، إذ أنّ هذه الزيارة التي كانت محدّدة سابقاً (أي قبل انفجار مرفأ بيروت) ومخصّصة للبحث في مسألة تثبيت وترسيم الحدود البريّة والبحرية، ستبحث بطبيعة الحال، في إسم الشخصية التي سترأس الحكومة الجديدة.

وبرأي الأوساط نفسها، أنّه في حال وافقت جميع الأطراف الخارجية والداخلية على عودة الرئيس الحريري، وقامت الكتل النيابية بتسميته لتكليفه بتشكيل الحكومة المقبلة، فإنّ قصر بعبدا و«التيار الوطني الحرّ» لن يُمانعا هذه العودة، سيما وأنّ هوية رئيس الحكومة المقبل تُحدّدها نتائج الإستشارات التي يحترمها رئيس الجمهورية ويلتزم بها مع سائر القوى والأحزاب السياسية. أمّا الحديث عن انتخابات نيابية مبكرة فتبدو مستبعدة في المرحلة الراهنة خصوصاً وأنّ الأولوية ستكون لإنقاذ لبنان وإنهاء التحقيق في كارثة مرفأ بيروت وإعلان الأسباب الحقيقية التي أدّت الى حدوث الإنفجارين، ومن ثمّ إعادة إعمار مرفأ بيروت والمناطق المحيطة به والتعويض على المتضرّرين والمنكوبين، فضلاً عن الحدّ من انتشار وباء «كورونا» الذي تفشّى بشكل خطير في الأسابيع الأخيرة، والعمل على الإصلاح ومعالجة الأزمة الإقتصادية والمالية والنقدية وتثبيت سعر الدولار.