Beirut weather 14.1 ° C
تاريخ النشر June 3, 2021
A A A
قرار الشورى وحرب النظارات..!
الكاتب: نون - اللواء

لم يكن ينقص معاناة اللبنانيين اليومية مع المصارف سوى قرار مجلس الشورى المفاجئ بوقف العمل بتعميم مصرف لبنان القاضي بصرف الدولار المصرفي بسعر ٣٩٠٠ ليرة، والعودة لإعتماد السعر الرسمي ١٥٠٠ ليرة للدولار، أو صرف ودائع العملات الأجنبية، سواء بالدولار أو سواه بالعملة الصعبة.
وحيث أن المصارف لا تملك الكميات الكافية من الدولارات التي تُلبي طلبات أصحاب الودائع، فيصبح من الطبيعي أن يتم صرف الدولار على السعر الأدنى ١٥٠٠ ليرة.
بدلاً من السعر الحالي ٣٩٠٠ ليرة. لا ندري كيف يمكن لمؤسسات رقابية وقضائية على هذا المستوى من المسؤولية أن تتخذ قرارات لها طابع عشوائي، وتثير المزيد من التداعيات السلبية، وتُضاعف من متاعب المواطنين مع المصارف، لأنها تُركز على المعالجات النظرية، دون الأخذ بعين الإعتبار ردود الفعل العملية على المستويات الشخصية والإقتصادية والمالية.

كان من الممكن أن يأخذ هذا القرار مجراه التنفيذي الطبيعي لو أن سيولة المصارف قادرة على تلبية طلبات زبائنها، دون أن تتعرض لإهتزازات نقدية، تهدد الكثير منها بالإفلاس، والخروج من السوق المصرفي.
إن أية خطة لمعالجة الأزمة المصرفية الراهنة في البلد، يجب أن تقوم على مسارات متساوية: حماية ودائع المودعين. الحفاظ على النظام المصرفي وعدم التفريط بقواعده الأساسية. وتجديد الثقة بقدرات البنك المركزي على وضع الخطط اللازمة للخروج من دوامة الأزمة المالية والنقدية.
ولكن قرار مجلس الشورى الذي جسد حرب النظارات السائدة في أوساط المسؤولين، أدى في الواقع إلى تحميل أصحاب الودائع عبء عجز القطاع المصرفي عن توفير الودائع بالدولار، وتخفيض قيمة صرف الليرة إلى الحد الأدنى.
وجاء هذا القرار وكأنه مُكمل لقرار المجلس الدستوري القاضي بإلغاء سلفة الكهرباء التي أقرها مجلس النواب، دون تأمين البديل الذي يُنقذ البلد من الوقوع في لجج الظلام الزاحف بسرعة البرق الخاطف، في زمن تلاشت فيه قدرة أهل السلطة على إضاءة شمعة واحدة تُلعن الظلام!