Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر January 28, 2019
A A A
قراءة في كلام السيد نصرالله… هل تغيَّرت قواعد الاشتباك مع العدو الاسرائيلي؟
الكاتب: العميد شارل ابي نادر - موقع المرده

لناحية ما تم تداوله مؤخرا من اشاعات واخبار تناولت صحته او مكان وجوده او ماشابه، لمجرد أن اطال غيبته الاعلامية، كانت الاطلالة اللافتة بالامس لِأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله عبر شاشة الميادين، وتطرقه بالتفاصيل والتحليل الى وقائع حديثة – محلية واقليمة ودولية – عمرها اقل من ساعات، كافية لتبديد كافة تلك الاشاعات، وحيث ارتاح محبوه وانصاره لهذا الظهور وتنفسوا الصعداء بعد أن حبسوا انفاسهم طيلة هذه الفترة الحرجة، لم يتأخر منتقدوه واعداؤه عن كبت غيظهم وخيبتهم، بعد أن عادوا الى مربع الخوف والخشية من جهة، والى حال الاستنفار والمواجهة المفتوحة مع حزب الله وامينه العام من جهة اخرى .
بعد مروره السريع والمقنع والدقيق مُبرِراً غيابه الطويل عن الاعلام، تطرق الامين العام في مقابلته الى مروحة واسعة من التطورات والتحليلات والوقائع المتعلقة بالوضع في المنطقة وسوريا بشكل خاص، وارتباطه بالانسحاب الاميركي والوجود الايراني والتسوية السورية المرتقبة، وحيث كان محور ما ركَّز عليه خلال هذه الاطلالة يتعلق بالصراع مع العدو الاسرائيلي، على الحدود اللبنانية او في سوريا او في المنطقة بشكل عام، فقد اعطى حيزا مهما في كلامه للاشتباك مع العدو ولقواعد هذا الاشتباك، متناولا رزمة من الاجراءآت والتفاصيل الميدانية والاستراتيجية، فهل يمكن الاستنتاج بعد اشارته لهذه التفاصيل ان قواعد الاشتباك مع العدو قد تغيرت؟ ام انها تثبتت اكثر على ما كانت عليه اساسا؟.
لناحية الانفاق وعملية ” درع الشمال” العدوة للبحث عنها وتدميرها، فقد اشار السيد الى أن القادة العسكريين الاسرائيليين يعلمون ان قرار دخول حزب الله الى الجليل لو إتخذ، فهذا لا يحتاج الى انفاق، مضيفا انه في حال حصول حرب على لبنان، لن يعلم الصهاينة من اين سندخل …
قد تكون القاعدة الاساسية في قواعد الاشتباك مع العدو قد ظهرت في كلامه اعلاه وهي، ان من احد اهم اجراءآت الرد والمواجهة على اي حرب على لبنان، او على اي اعتداء على لبنان ، سيكون الدخول الى الجليل، ويكون السيد قد ثبَّت هذه القاعدة القديمة المعروفة واوضح حيثياتها الميدانية، عبر الانفاق ربما او عبر الكثير من الوسائل والطرق المتاحة الاخرى .
القاعدة الثانية التي اشار اليها وثبت مفاهيمها الموجودة اصلا، وتعززت بعد الحرب السورية هي بقوله : ” نحن نعتبر أنفسنا معنيين بالدفاع عن بلدنا ومن حقنا أن نلجأ إلى كل عناصرالقوة ” ، وهذه تُعتبر قاعدة اشتباك واسعة وقوية، صحيح انها مختزلة بعبارة مقتضبة محددة ببضع كلمات بسيطة، ولكنها تختزن الكثير من الجهود والعلاقات والاستراتيجيات والمناورات والخطط والتكتيكات، بالاضافة الى امتلاك القدرات والاسلحة والتدريبات وما الى ذلك، والتي يمكن وضع جميعها تحت عنوان : ” عناصر القوة ” .
” لن نسمح للعدو بفرض قواعد اشتباك علينا ووصلنا الى مستوى من الردع يجب أن نعمل على تعزيزه “، وقد تكون هذه احدى اهم قواعد الاشتباك الجديدة التي وضعها امين عام حزب الله ، ومفهوم هذه القاعدة يتمحور بان تعزيز معادلة الردع ضد العدو هو واجب، وباننا سوف نواجه اي محاولة للعدو لفرض قواعد اشتباك جديدة تقيّد مناورة امتلاك قدرات نوعية واسلحة كاسرة للتوازن .
” أي حرب ستحصل ستكون كل فلسطين المحتلة هي ميدان حرب، وأي عملية واسعة وان كان العدو يعتبرها عملية محدودة سنعتبرها اعلان حرب، وأن كل خيارات محور المقاومة مفتوحة ” .
قد تكون ايضاً هذه احدى قواعد الاشتباك الجديدة، والتي تدخل ضمن اطار التهديد الجدي والحساس، والتي لن تحصل من دون حرب، وحيث أن هذه الحرب لن تحصل من دون اعتداء على لبنان، تكون هذه القاعدة قاعدة اشتباك واضحة الشروط والمعطيات .
صحيح ان فكرة تحويل كل فلسطين المحتلة ميدان حرب، كانت فكرة واردة دائما في استراتيجية حزب الله، ولكن يمكن القول انه توصل اليها مؤخرا وأكَّدَها ، اولا بعد ان امتلك القدرات النوعية المناسبة لاستهداف اكثر الاهداف والمواقع الحيوية العدوة في اي مكان من فلسطين المحتلة، وهذا يدخل تحت عنوان الاسلحة الدقيقة التي اصبحت ترسانته منها مكتملة، وثانيا بعد ان تثبتَّت مناورة الدخول الى الجليل واصبحت مرحلة اساسية من خطة عمليات المقاومة في اي حرب او مواجهة واسعة .
واخيرا … ربما كان الاكثر حساسية ودقة وتأثيراً على العدو، والذي ربما يتأخر هذا العدو لاكتشافه، حيث لم يظهر في المقابلة صراحة، بل يمكن إستنتاجه من فحوى ومضمون كلام امين عام حزب الله في نقطتين : الاولى بقوله ان الانفاق ليست الوسيلة الوحيدة للدخول الى الجليل وهذا يلغي مفعول عملية درع الشمال، والتي طبَّل لها العدو واعتبرها إنجازا، والثانية بقوله ان مناورة امتلاك حزب الله لاسلحة نوعية دقيقة قد اكتملت، وتم الحصول عليها ونقلِهَا، واصبحت جاهزة لاية مواجهة تدخل ضمن قواعد الاشتباك التي حددها في اكثر من نقطة من التي تم ذكرها اعلاه، فيكون ايضا بذلك قد فَرَّغ ويُفَرِّغ مناورة العدو التي ينفذها في سوريا، باستهداف مطارات او شاحنات او مواقع لحزب الله او للايرانيين او للجيش العربي السوري يُفَرِّغُها من مضمونها، وتكون هذه المناورة التي يحملها العدو في الاعلام العالمي وفي داخل الكيان وفي المنابر الدولية ويتباهى بانه ينفذها بقوة وإصرار، تكون من دون اي معنى او مضمون او نتيجة ميدانية او عسكرية او استراتيجية.