Beirut weather 22.43 ° C
تاريخ النشر September 17, 2016
A A A
قراءة الشريك المسلم بـ”الميثاقية”: ألا يحق لنا اختيار حاكمنا الماروني؟
الكاتب: مارلين خليفة

لا يخاطب شعار “الميثاقية” الذي نادى به أخيراً رئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل عقول المسلمين اللبنانيين ولا قلوبهم. بل يثير فيهم توجّسا من “الوزير الملك” الذي قد يمسك بقرار رئيس الجمهورية في حال وصول العماد ميشال عون الى “قصر بعبدا”.
في قراءة لـ”الشريك المسلم” في الوطن، والتي استقيناها من أكثر من جلسة مع مسؤولين لبنانيين، فإن لسان حال هؤلاء أن الشغور الرئاسي لم يحصل في مراته الثلاث إلا بعدما ترشح العماد ميشال عون للرئاسة الأولى في أعوام: 1989 و2007 ثم في 2014، وظاهرة الفراغ الرئاسي لم يعرفها لبنان منذ الإستقلال إلا حين قرر الجنرال ميشال عون خوض الغمار الرئاسي. وترى هذه الأوساط أن مبدأ رفض اتفاق الطائف هو الذي خسّر عون الرئاسة الأولى وهو الذي سيخسره إياها مرة جديدة.

وتنظر الأوساط بأن مصالحة العماد ميشال عون مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، وتأييد الأخير لترشح عون رئيسا هي التي حوّلت ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية مرشحاً رئاسياً جدياً ولمّا يزل.

وتتساءل الأوساط: أليس من حق المسلمين اللبنانيين أن يختاروا رئيساً يحبّونه؟ فمن حقهم أن يختاروا حاكمهم. فرئيس الجمهورية هو حاكم البلد ومن حق جميع المكونات اللبنانية اختياره، وموقعه مختلف تماما عن موقعي رئيسي البرلمان والحكومة.

ويعود أحد المنظرين في فريق سياسي وازن بالذاكرة الى الوراء حين قال العماد عون بأن الحريري سيعود الى لبنان رجلاً عادياً بلا رئاسة الحكومة، متسائلين لمَ لم يفكّر بالميثاقية حينها؟ يومها تمّ اختيار الرئيس نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة لأنه نال أكثرية أصوات السنة في طرابلس فاعتبر السني الأقوى.

أما عن قيادة الجيش فيعتبر “الرأي الآخر” بأن الفريق المسيحي هو الذي قبل التمديد لقائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي في عهد الرئيس ميشال سليمان فلمً لم يفكّر بالميثاقية حينذاك؟

وتعتبر الأوساط أن الميثاقية تعني عملياً أن المسلمين والمسيحيين ارتضوا المناصفة وأوقفوا العدّ وأقروا باحترام كل الإرادات.

وتشير الى أن الإرادة المسيحية محترمة في مجلس الوزراء، فـ”القوات اللبنانية” هي التي رفضت المشاركة ورفضت الحوار بإرادتها، والعماد عون هو الذي ارتضى توزيع الوزراء الحاليين للعونيين وللكتائب وللمردة ولرئيس الجمهورية وللمستقلين، وقد علقت “الكتائب” حضورها بإرادتها من دون أن تطرح شعار “الميثاقية”، ثم قرر “التيار” الإعتكاف ولديه وزير ماروني واحد، في حين أن الوزيرين الآخرين هما أرثوذكسي وأرمني، وبالتالي فإن الموارنة موجودون عبر وزراء آخرين هم: بطرس حرب وأليس شبطيني وسجعان قزي وروني عريجي.

وتلفت الأوساط الى أنه أجدى بـ”التيار الوطني الحر” المطالبة بإعطاء صلاحيات لنائب رئيس مجلس الوزراء مثلاً، أو المطالبة بقانون ينظم عمل مجلس الوزراء، في حين أن مطالب “التيار” اليوم لا تتعلق بالقوانين بل بالأشخاص والتمديد للعماد قهوجي تمليه الظروف التي يمر فيها البلد و”التيار الوطني الحرّ” يدرك ذلك من دون الإعتراف به.

ميثاقية أم ديكتاتورية؟

من جهة ثانية، يتقاطع مناخ من قوى “8 آذار” ومن أوساط مقربة من “تيار المستقبل” على السؤال الآتي: هل قام “التيار الوطني الحر” منذ التمديد الثاني للعماد جان قهوجي بـ”لوبي” معيّن بغية الترويج لإسم آخر غير العماد قهوجي؟ ولماذا انتظر العماد عون لآخر دقيقة لكي يجاهر بأنه لا يريد التمديد من دون أن يطرح إسما بديلا للتسويق؟ وإذا كانت هذه مسرحية كما يقول فلماذا يردّ عليها بمسرحية أفشل منها؟

وإذا كان “التيار الوطني الحر” يطالب اليوم برئيس ميثاقي افليست الميثاقية أن يرتضي المسلمون اللبنانيون أن يحكمهم رئيس ماروني؟ أوليس للمحكوم من رأي بالرئيس؟ أهي ديكتارتورية ميثاقية أم ديمقراطية ميثاقية؟

وتشير الأوساط أنه إذا كان الأمر تحويل الحكم الى رئاسي فلينتخب الرئيس من الشعب مباشرة.

أما قانون الإنتخاب النسبي فهو مطلب جميع اللبنانيين وليس العماد عون فحسب، لكن من سيقر هذا القانون هو المجلس النيابي وهو غير شرعي بنظر العماد ميشال عون فكيف سيقر هذا القانون؟ وإذا كان البرلمان غير شرعي فلمَ يشارك نواب العماد عون بجلسات اللجان النيابية وينظمون المؤتمرات الصحافية ويقبضون رواتبهم كل نهاية شهر؟

أما اللامركزية الإدارية الموسعة فهي ضمن اتفاق الطائف وهي تناقش حاليا في المجلس النيابي.

وتشير الأساط المذكورة، والتي تتقاطع بين قوى 8 و14 آذار، الى أن من يريد الميثاقية يعمل على إنشاء مجلس للشيوخ يضمن حقوق الطوائف برمّتها ويمنع أي قانون مسيء الى إحدى الطوائف اللبنانية. ومن يريد الميثاقية لا يقبل أن يعطي صلاحيات رئاسة الجمهورية لـ12 وزيراً مسلماً ثمّ يعود محاولاً “تشليحهم” حقهم بالقرار.

وتتساءل الأوساط: هل هذا الخطاب الذي يعتمده “التيار الوطني الحرّ” هو ميثاقي؟ وهل هو عادل بحق المسلمين اللبنانيين أم أنه ينتقص من مواطنيتهم؟ ثم هل هو عادل بحق رئيس الحكومة اللبنانية أن يضرب الوزير باسيل كل لحظة بيده على الطاولة قائلا: أنا هنا أمثّل رئيس الجمهورية؟ وأين هي الميثاقية في هذا التصرّف؟

وهل من الميثاقية رفض تعيين شخصية مسلمة في اللجنة المعنية بالإشراف على سدّ جنّة كي لا يعرقل العمل؟ وتختم الأوساط بقولها: إن هذا الخطاب الذي يعتمده “التيار الوطني الحرّ” اليوم بدأ يحفر بذاكرة الحرب الأهلية وهو كلام يدعو كلّ لبناني الى العيش لوحده منعزلا عن الآخرين.

وهذا الخطاب سيجعل التاريخ يكتب بأن “التيار الوطني الحرّ” إنطلق وطنياً وانتهى مسيحياً وانطلق إصلاحياً وانتهى تعطيلياً” بحسب تعبير الأوساط المذكورة.