Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر April 14, 2023
A A A
قبل ١٣ نيسان.. و٤٨ سنة بعده!
الكاتب: صلاح سلام - اللواء

٤٨ سنة مضت على ١٣ نيسان ١٩٧٥ ولبنان لم يعد إلى ما كان عليه عشية ذلك اليوم الأسود، بل ما زال بعيداً بمسافات فلكية عن حالة الإزدهار والبحبوحة، والمكانة العربية والدولية التي كان يتمتع بها.
٤٨ سنة مضت على إندلاع الحرب البشعة، ولبنان ما زال يُعاني من ويلاتها، ومضاعفاتها الإجتماعية والديموغرافية، ومن مخلفاتها المدمرة للبشر والحجر.
يكفي أن تُلقي نظرة على صور ساحة الشهداء قبل ١٣ نيسان، والتي كانت تنبض بالحياة على مدار الساعة، ليلاً ونهاراً، والتي كانت تزين حديقتها الكبيرة ساعة الزهور الناطقة، التي تحولت إلى معلم سياحيّ، يقصده الزوار العرب والسياح الأجانب لإلتقاط الصور التذكارية، قبل ظهور مثيلاتها بعشرات السنين في العواصم الأوروبية.
وكم تكون الصدمة كبيرة عندما ترى هذه الساحة في قلب بيروت، والتي كانت ملتقى اللبنانيين من جميع المناطق، وتجارها ينتمون إلى مختلف الطوائف، وقد تحولت اليوم إلى بؤرة مهجورة، يستغلها مشغلو مواقف السيارات لساعات النهار، ثم تُمسي «أرض حفرة نفرة»، تسرح فيها الجرذان والحشرات ليلاً.
يكفي أن تراجع أرشيف شارع الحمراء، الذي نافس صيته شارع «الشانزيليزيه» في باريس، حتى تدرك أي عزّ كان لبيروت وأهم شوارعها في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، والذي كان يحتضن في مسارحه وصالات السينما الفخمة الحركة الثقافية والفنية في البلد، وأفخمها «قصر البيكاديللي»، الذي صدحت على مسرحه أم كلثوم، وإنطلقت على خشبته مسرحيات الرحابنة وجوهرة العصر الرحباني فيروز. فضلاً عن الأفلام الأجنبية التي كانت تُعرض على شاشات صالات الحمراء قبل وصولها إلى العديد من العواصم الأوروبية.
قبل ذلك اليوم الأسود، كانت مفردات الطائفية البغيضة محصورة في عدد محدود من السياسيين، لا سيما الحزبيين، ولم تكن هي اللغة المتداولة بين الطلاب والشباب، أو في قاموس التجارة ورجال الأعمال، على ما هي عليه في هذه الأيام الخرقاء.
كانت هيبة الدولة يجسدها شرطي السير، قبل تدخل القوى الأمنية والجيش في الأحداث الإستثنائية، وكان المشاغبون يتوارون بمجرد سماع أبواق سيارة شرطة الطوارئ والتدخل السريع.
كانت مواعيد الإستحقاقات الدستورية والإنتخابية مُقدسّة، ولم يتحمل رجل الإستقلال الشيخ بشاره الخوري، أول رئيس للجمهورية الوليدة، أكثر من ثلاثة أيام من الإضرابات الشعبية، فبادر إلى تقديم إستقالته في منتصف ولايته، ومن دون أن يتسبب بهدر نقطة دم واحدة.
لبنان قبل ١٣ نيسان ١٩٧٥، كان عنواناً للنجاح في ميادين الحداثة المختلفة، ديموقراطياً وإجتماعياً وإقتصادياً، تربوياً وصحياً وتنموياً، فضلاً عن جودة الحياة التي كان ينعم بها اللبنانيون وزوارهم من عرب وأجانب.
اليوم وبعد ٤٨ سنة، أصبح وطن الأرز مرتعاً لحفنة من السياسيين الفاسدين، ونموذجاً للدولة الفاشلة، وشعبه في مقدمة الشعوب التي تعاني من الفقر والبؤس في العالم!