Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر June 10, 2018
A A A
قبطان هولندي فجر نفسه و100 آخرين رفضاً لعار الهزيمة
الكاتب: طه عبدالناصر رمضان - العربية نت

سنة 1831، كانت هولندا على موعد مع ظهور بطل قومي ألهمت قصته أجيالاً عديدة، حيث وصف بالشجاع والمخلص، والوفي عقب رفضه الاستسلام خلال إحدى المعارك، مفضلا تنفيذ عملية انتحارية أسفرت عن مقتل أكثر من مئة جندي من قوات العدو رافعا بذلك معنويات دولة كاملة أنهكتها الحرب.
ولد القبطان الهولندي جان فان سبيك أواخر شهر كانون الثاني سنة 1802 بمدينة أمستردام، وعلى حسب ما نقلته كتب التاريخ الهولندية عاش الأخير يتيما منذ طفولته المبكرة.

طفولة تعيسة
وبسبب غياب والديه، عرف البطل القومي الهولندي طفولة تعيسة فقد خلالها طعم الحياة، لكن مع حلول سنة 1820 تغير مجرى حياة جان فان سبيك بشكل تام عقب انضمامه بشكل رسمي لقوات البحرية الهولندية.
سنة 1823، أرسل جان فان سبيك للعمل ضمن قوات البحرية الناشطة بالمستعمرة الهولندية بالهند الشرقية، وهنالك وعلى مدار سنتين متتاليتين قاوم الأخير بشراسة حركة القرصنة التي أنهكت التجارة الهولندية بالمنطقة.
خلال تلك الفترة، لم يتردد جان فان سبيك في استخدام القوة المفرطة مع القراصنة. فضلا عن ذلك، كسب الأخير شعبية كقائد مرعب عقب هجومه على معاقل القراصنة بجزيرتي بانغكا وجاوة ليلقب فان سبيك على إثر ذلك بمرعب اللصوص.
وبفضل جهوده ما بين سنتي 1823 و1825، نال جان فان سبيك ترقيات عديدة ليعين أواخر عشرينيات القرن التاسع عشر قبطانا على إحدى السفن الحربية.
في حدود شهر آب سنة 1830 عاشت مملكة هولندا على وقع ثورة المقاطعات الجنوبية، فبدعم من فرنسا سعت هذه المقاطعات إلى الاستقلال عن التاج الهولندي لتشكل ما يعرف في أيامنا هذه ببلجيكا.

أشد المعارضين للثورة
خلال تلك الفترة كان جان فان سبيك من أشد المعارضين للثورة البلجيكية، حيث قاد الأخير سفينته الحربية ليشن حملات عسكرية ناجحة على عدد من الموانئ البلجيكية، لكن مع حلول يوم الخامس من شهر شباط سنة 1831 حصل ما لم يكن في الحسبان. خلال ذلك اليوم، تعرضت سفينة القبطان جان فان سبيك إلى أضرار جسيمة بسبب أحد الأعاصير التي ضربت السواحل الهولندية الجنوبية لتجبر عقب ذلك على التوجه نحو ميناء أنتويرب البلجيكي. وبالتزامن، حلّ عدد هائل من الثوار البلجيكيين بالمكان وحاصروا سفينة جان فان سبيك قبل أن يطالبوه بإنزال العلم الهولندي وتسليم نفسه.

“أفضل أن أفجر نفسي”
إلا أنه كان للبطل القومي الهولندي رأي مخالف فبدل تسليم نفسه أقدم الأخير على إلقاء سيجارة مشتعلة تجاه أحد براميل البارود (مصادر أخرى قالت إنه أطلق رصاصة من مسدسه نحو برميل بارود ) مرددا عبارته الشهيرة ‘ أفضّل أن أفجر نفسي’. فإهتز ميناء أنتويرب على وقع انفجار مروع تسبب في مقتل أكثر من 100 فرد من الثوار البلجيكيين فضلا ذلك أسفرت هذه العملية الانتحارية التي قادها فان سبيك عن مقتل 28 عنصراً من طاقم سفينته والمقدر عددهم بنحو 31 فردا.

بفضل هذه العملية الانتحارية المروعة، تحول جان فان سبيك في التاسعة والعشرين من عمره إلى بطل قومي هولندي. فضلا عن ذلك ساهمت تضحيته في رفع معنويات الجيش الهولندي الذي كان يواجه صعوبات في قمع الثورة البلجيكية. وتخليدا لذكرى هذا العمل الذي وصف بـ”البطولي” من قبل هولندا، أصدر ملك هولندا فيلم الأول سنة 1833 مرسوما أمر من خلاله بأن تتواجد إلى الأبد ضمن القطع البحرية العسكرية للجيش الهولندي سفينة تحمل اسم جان فان سبيك.
*

رسم تخيلي لعملية تفجير سفينة جان فان سبيك