Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر March 7, 2017
A A A
قانون الحد الأقصى من الطائفية والمذهبية؟
الكاتب: رفيق خوري - الأنوار

كان الزعيم السوفياتي نيكيتا خروشوف يسخر من الانتخابات النيابية في الغرب. ليس لأن الغرب يمارسها بجدية في اطار ديمقراطية بورجوازية على سطح نظام رأسمالي راهن خروشوف على دفنه. ولا لأن التمثيل فيها ناقص بل لأنك لا تستطيع معرفة نتائجها سلفا. أما في الأنظمة الشمولية التي كانت موسكو تسميها الديمقراطيات الشعبية، وكان العالم العربي ولا يزال محكوما بنسخ مشوّهة منها، فان النتائج محددة قبل الذهاب الى صناديق الاقتراع. ولا فرق، مهما يكن نوع النظام الانتخابي وقانونه. وأما التركيبة السياسية في لبنان، فانها تلعب الورقة على الوجهين، وتتصرف كأن لديها كل الوقت المحلي والاقليمي والدولي للانتظار في مهب العواصف.
ذلك اننا حسب الدستور في نظام ديمقراطي برلماني، وحسب الممارسة في نظام شمولي. فالكل يتحدث في الخطاب عن قانون انتخاب عصري منصف وعادل يضمن التمثيل الشعبي السليم والصحيح ويعطي فرصا مفتوحة ومتساوية للجميع. وكل طرف يريد عمليا قانونا يعرف سلفا المقاعد التي يضمنها له في معركة الصراع السياسي على الأدوار والأحجام. وليس من الممكن أو أقله من السهل التفاهم على قانون يضمن سلفا لكل طرف ما يطلبه لنفسه وما يتمناه من خسارة للطرف الآخر. فلا أحد يستطيع ان يقطف ثمار نظام شمولي من شجرة نظام ديمقراطي، وخصوصا اذا كان نظاما طائفيا محكوما بديمقراطية شكلية مملوءة بالثغرات. ولا مجال في الوضع الحالي لفرض قانون يوزع المقاعد سلفا في غياب الوصاية التي فعلت هذه الأعجوبة منذ الطائف.
لكن الصراع على الأدوار والأحجام ليس العامل الوحيد في أزمة قانون الانتخاب. وهي أزمة لم تجد حلا لها على مدى ثماني سنوات من عمر أصلي وعمر مقترض للمجلس النيابي ومن أعمار حكومات ورئاسات وفراغات رئاسية وحكومية. وليس لها حلّ جذري، ولن تقود الى فرصة جدية لاعادة تكوين السلطة في الانتخابات. إذ هي من أعراض مرض اسمه نظام الأزمة الدائمة التي لم تعد حتى التسويات الجزئية والموقتة والسطحية فيها سهلة المنال.
ومن هنا محنة الدوران حول مهمة مستحيلة ومهمة خطرة. الأولى هي تجاوز الطائفية، لا فقط الطائفية السياسية، الى نظام المواطنة، ولكن في ظروف اندفاع المنطقة في صراعات طائفية ومذهبية وانعكاسها الطبيعي على لبنان. والثانية هي الذهاب في ممارسة السياسة وبناء المؤسسات الرسمية الى أقصى حدود النظام الطائفي والمذهبي حتى أصغر التفاصيل.
والحد الأدنى لتسيير النظام الطائفي هو ان تكون الدولة في مرتبة أعلى من الطوائف. حتى تلطيف الطائفية، فانه يحتاج الى رجال دولة.