Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر September 2, 2017
A A A
في مدينة الشمس… كشف حساب عن «امبراطوريّة» «داعش» في الجرود
الكاتب: محمود زيات - الديار

حزب الله انتصر في معارك الجرود… والإسرائيليوّن «ضربوا كفاً بكف»

…بانتظار تبلور المشهد على المستويين المحلي والاقليمي، مع «كشف الحساب» الذي قدمه، امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله في خطاب «الانتصار الثاني» في مدينة الشمس بعلبك، والذي رسم لكل طرف ما له وما عليه… في ملف محاربة الارهاب فوق الاراضي اللبنانية، بعد انهيار «امبراطورية» ارهابية اقيمت على الاراضي اللبنانية قبل خمس سنوات، يبقى التسخين السياسي على خلفية ما حملته تداعيات معارك الجرود وانتصاراتها المدوية هو السائد في الداخل، فيما «الهلوسة» الاسرائيلية بانتصار «حزب الله» الجديد .. الى تصاعد.

«كفا بكف»… ضرب الاسرائيليون وهم يتابعون تفاصيل معركتي «وان عدتم عدنا» التي نفذها «حزب الله» مع الجيش السوري ضد التنظيمات الارهابية في الجانب السوري من حدود السلسلة الشرقية للبنان، و«فجر الجرود» التي نفذها الجيش اللبناني، انطلاقا من جرود رأس بعلبك والقاع، ليفتحوا اعينهم على مشهد لم يرد على لائحة توقعاتهم ، منذ بدأوا بفتح بوابات الدعم اللوجستي والعسكري الذي بقي متخفيا بصورة «انسانية»، من خلال فتح المستشفيات العسكرية التابعة للجيش الاسرائيلي، لجرحى التنظيمات الارهابية، وفي مدقمهم «جبهة النصرة» التي حظِيت بتصنيف «الثورة» من بعض السياسيين اللبنانيين.

وقد بدا المشهد الاسرائيلي حيال ما جرى في جبهات الجرود ساخرا، ودارت الهواجس الاسرائيلية عن كيفية التأقلم مع الواقع الجديد الذي ظهر فيه «حزب الله» يقدم للبنان انتصارا جديدا، في الشكل مماثلا لمشهد الخامس والعشرين من ايار من عام 2000، وفي المضمون يكملان بعضهما بالنسبة لـ«حزب الله»، هزيمة الاحتلال قبل سبعة عشر عاما ..وهزيمة الارهاب بالامس، لما يشكلان من مهمتين استثنائيتين بالنسبة لـ«حزب الله»، انطلاقا من ان استهدافاتهما لا تنحسر بـالحزب، وما مسلسل التفجيرات الارهابية التي نفذتها التنظيمات الارهابية في الداخل اللبناني الا الدليل على «الاجندة» التي تعمل وفقها تنظيمات الارهاب التي لبَّت الحاجة الاسرائيلية باستهداف سوريا و«حزب الله»، وهي اجندة عابرة للحدود… فيما يبقى الاخطر في التصور الاسرائيلي لانتصار حزب الله ما قاله محللون ومتابعون بانه يجب الاقرار بان لدى امين عام حزب الله ما يكفي من الاسباب للاحتفال بانتصاره في معركة الجرود، حيث ان الانجاز الذي حققه، عزز بنظر كثيرين في لبنان، صورة «حزب الله» كحام للبنان في مواجهة تهديد تنظيم «داعش» وامثاله.

في انتصار «حزب الله» والجيش اللبناني على جبهات الجرود ، بدا مشهد «التناغم العسكري» المرن بين الجيش اللبناني وحزب الله في الميدان الجردي، «صادما» لكثير من «اعداء» حزب الله، فتح «شهية» قادة الاحتلال للمطالبة بوقف تسليح الجيش اللبناني، وهي مطالبة جاءت بالتزامن مع جرى تسويقه من استياء اميركي من الاداء العسكري الرسمي للمعركة في الجرود، ومشهد معركتين دارتا عند ضفتي الحدود اللبنانية ـ السورية، وبساعة صفر واحدة، جمعت الجيش السوري وحزب الله على الضفة السورية، والجيش اللبناني على الضفة اللبنانية للحدود، وتمرير صفقة التبادل، ولا تستبعد اوساط متابعة ان يكون للاستياء الاميركي خطوات عملانية باتجاه وقف المساعدات العسكرية «المقننة» للجيش اللبناني.

استعاد الاسرائيليون الشعور بسقوط الخيارات والرهانات التي وضعت للوصول الى اسقاط الرئيس السوري بشار الاسد واستنزاف «حزب الله» واغراقه في الوحل السوري، وبالتالي اضعاف الدور الايراني المتنامي في المنطقة، وفق ما يرى رئيس وزراء العدو، ولعل ما ازعج الاسرائيليين، ايحاء امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله حول «الانتصارين»، والتعامل معهما كتوأمين، وذلك لتعزيز الاهمية الاستثنائية التي يتسم بها «انتصار الجرود»، الذي يوازي في دلالاته ومعانيه انتصار ايار العام 2000… انهارت «امبراطورية» الجرود في السلسلة الشرقية، وتلمس الاسرائيليون أن «الحضن الدافىء» الاميركي مستعد لترك سوريا في أيدي روسيا، وعاجز عن وضع حد للنفوذ الايراني في سوريا وفي المنطقة… فسقوط «داعش» في سوريا لا يُبشر بازالة الظل الذي يهدد إسرائيل، بل استبداله بظل آخر، وأكبر بكثير هو ظل إيران.

وفي مؤشر على المخاوف التي بدأت تتبلور داخل الاوساط العسكرية والاستخبارية الصهيونية، بعد انتصار حزب الله في معارك الجرود، ما قاله جنرال اسرائيلي كبير خلال لقائه أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، من ان قوات الامم المتحدة في جنوب لبنان «اليونيفيل» هي جزء مهم من الحل، ويمكن من خلال زيادة الضغط للتأثير على مساعي تعاظم حزب الله، ويجب العمل ليس على الحفاظ على السلام فحسب، إنما من أجل منع الحرب المقبلة مع «حزب الله».

جرعة زائدة من المرارة، تلقاها الاسرائيليون، وهم يتابعون الحلقة الجديدة من الانتصارات التي يسجلها «حزب الله» على الجبهة السورية، وراحوا «ينقبون» عن الوحل السوري الذي سيغرف فيه حزب الله، ليجدوا ان خياراتهم ورهاناتهم هي من غرقت.