Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر August 23, 2016
A A A
في اليوم العالمي للتصوير… ماذا عن المصور اللبناني؟
الكاتب: نهلا ناصر الدين - البلد

تراه حاملاً عشيقته على كتفه، يسابق لحظات الفرح كما يسابق لحظات الحزن، يؤرشف للموت كما للحياة، للسلم كما للحرب… يسرق البسمة ليؤرخ لها موعدا لا يتعارض مع دمعةٍ صنعها حدث خاطف… هو من ترانا نثور لصنيعه الضوئي، أو نستسلم لأمر واقع، نبتسم، نبكي أو نقرأ في صوره الفوتوغرافية أجمل القصص وأبشعها على حدٍ سواء، تعزف آلة تصويره على أوتار مشاعرنا كما لا يعزف أو لا يستطيع أن يعزف عليها إبداع فني آخر.

احتفل العالم يوم الجمعة الماضي بالذكرى الـ177 لليوم العالمى للتصوير، والذي تعود ذكراه لقيام الحكومة الفرنسية بشراء براءة اختراع التصوير الداجيرية، أول تصوير عملي فى التاريخ. قدمه العالم الكيميائي الفرنسي لويس دايجر، كهدية للعالم فى تاريخ 19 آب 1839.
وككل المناسبات العالمية، تمر هذه الذكرى كمثيلاتها على لبنان، مصحوبة بغصّات يأتي على رأسها غياب المصور الصحافي سمير كساب في ظروف ما زالت غامضة في شمال سورية منذ 15 تشرين الأول 2013 ، والذي لم تجنّد الدولة اللبنانية حكومتها ومسؤوليها على غرار ما تفعل الدول في حال افتقدت واحدا من صحافييها في مناطق النزاعات، لتعرف أي تفصيل عن تفاصيل اختطافه أو مصيره.
وبالقفز عن هذه القضية التي تبقى برسم المعنيين في الدولة اللبنانية، يمكننا الالتفات لنسأل عن أهمية الصورة، في بلدٍ نُقشت ذاكرته بصور الفراغ والنفايات والأزمات المستنسخة، والثورات المرتدة إلى نقطة الصفر، وعن وضع المصور اللبناني اليوم، والتحديات التي تواجهه في ظل الهجمة الالكترونية، وأزمة الإعلام التقليدي؟

أهمية المصور
يطلق نقيب المصورين الصحافيين عزيز طاهر في هذه المناسبة صرخة تضامن مع زميلنا المخطوف سمير كساب الذي “فُقد في مناطق المعارضة السورية منذ أكثر من ثلاثة أعوام وما زال مصيره مجهولا”، مؤكدا لـ”البلد” أنهم كنقابة لا يملكون إلا رفع الصوت في هذه القضية، وإرسال الرسائل للمعنيين، متمنياً أن تتحول قضية كساب إلى قضية إعلامية حقيقية تهم كل الناس.
وعن أهمية المصور يقول طاهر إن المصور الصحافي سواء في لبنان او في العالمين العربي والغربي هو حامل رسالة ومن أكثر الناس تضحية لإيصال رسالته، يؤرشف لذاكرة الناس والمجتمعات، لا يصنع الأحداث بل هو ناقل أمين لها ويمكن أن يقدم دمه لأجل واجبه المهني، والتضامن والوقوف اجلالا لتضحياته واجب. و”هذه الأهمية يكتسبها من أهمية الصورة نفسها فنرى المساحة التي يغطيها مصور أو اثنين في جريدة ما تضاهي لا بل تتفوق على المساحة التي يغطيها عشرات الزملاء من الصحافيين”.
يقدر عدد المصورين المنتسبين للنقابة “بحدود 452 مصورا، يمارس منهم 200 مصور تقريباً واجبهم الانتخابي في النقابة” حسب طاهر، “بينما هناك جزء من زملائنا خارج النقابة التي على عكس النقابات الأخرى باب الانتساب اليها مفتوح على مصراعيه دوماً”. داعياً المصورين للانتساب للنقابة التي تكمن قوتها في وحدة أعضائها، لتصبح قوة ضاغطة على مختلف التحديات التي تواجه أعضاءها لحمايتهم والدفاع عن مصالحهم.

VVV

أزمة الإعلام التقليدي
لم يسلم المصور الفوتوغرافي من أزمة الإعلام التقليدي، كما يؤكد طاهر، وتم طرد بعض المصورين، وطالب النقيب كل المصورين بعدم التوقيع على أي ورقة قبل اللجوء للنقابة عبر محاميها أيمن قطيش، المتطوع للدفاع عن مصالح وحقوق الزملاء. مشيراً الى ان المعركة للدفاع عن كامل حقوق المصورين في حال التعرض لها مفتوحة حتى “لو ذهبنا الى مجلس تحكيم قضائي، لا سيما وأن لدينا هامشا للتحرك مع أي مؤسسة لأننا نقابة نتعاطى عملا نقابيا ولا نتعاطى سياسة، وبالتالي لا يوجد من نراعيه ضد مصالح زملائنا”.
موضحاً أن نقابة المصورين الصحافيين “المتواضعة بإمكاناتها” تعمل لتحقيق هدفين، هما “أن ننضم إلى اتحاد صندوق تعاضد النقابات الفنية الذي يؤمن لنا عدم تعرض أي زميل للإذلال أمام أبواب المستشفيات، فنطمح ليكون هناك تأمين صحي لكل الزملاء الذين هم خارج التأمينات، والهدف الثاني هو نهاية خدمة متواضعة للفنان الضوئي الصحافي الذي قدم كل عمره من أجل وطنه من خلال صوره ويستحق أن يكون له احتضان بآخرته”.
وردا على سؤال عما إن كانت الدولة اللبنانية تمنح المصور دعماً يتوافق وتضحياته، لا سيما وأن “المصور اللبناني اليوم من المستويات المهنية العالية عربياً وعالمياً” يقول طاهر “نتاج كل العاملين في البلد لا يساوي الدعم الذي تقدمه له الدولة أو المؤسسة التي يعمل بها، لا سيما نقابة المصورين والمحررين والصحافيين، فلا احتضان من الدولة ولا دعم ولا تقدير لجهودنا”.

عصر الصورة
ويتحدث الزميل المصور في جريدة “البلد” فضل عيتاني عن أهمية الصورة ويرى أن الصورة من أهم أدوات عالمنا المعرفية والثقافية والاقتصادية والإعلامية، حتى أننا أمام جمهور يرى أكثر مما يقرأ، ومن سمات عصرنا الراهن أنه “عصر الصورة”. وتستمد الصورة هيمنتها من كونها تخاطب كل البشر، المتعلم والأمي، الصغير والكبير، وتكسر حاجز اللغات، ولذلك هي الأوسع انتشاراً، والأكثر شهرة حتى على حساب المصوّر نفسه.

صعوبات وتحديات
وعن الصعوبات التي يمكن أن يتعرض لها المصور على الأرض أثناء أدائه واجبه الفني والمهني، يوضح عيتاني أن الصعوبات أغلب ما تحصل في لبنان عبر مواجهات أو مضايقات من القوى الأمنية، و”هذا ما لمسناه أكثر خلال تظاهرات الحراك المدني في تموز وآب من العام الماضي”، وفي المؤسسات الرسمية “حتى لو كان لدينا الإذن بالتصوير نتعرض لمضايقات وعراقيل تبدأ في التأخير ولا تنتهي أحيانا بمشادات كلامية بيننا وبين القيمين”. أما الشعب فبعدما “كنا نواجه مشكلة عدم حبه للتصوير وهربه من الكاميرا في مرحلةٍ مضت، أصبح المواطن اللبناني بعد غزوة الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي أكثر ارتياحاً للتصوير والمصور لا بل يتحمسون للصورة على عكس المرحلة السابقة”. ومن التحديات أيضاً يذكر عيتاني ان الهواتف الذكية وكثرة انتشارها أصبحت تخلق تحديا ما بين المصور والمواطن العادي الذي بات يسبق المصور إلى الحدث وينشره بصورة أسرع مستفيداً من مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى “بعض السرقات التي تحصل في بعض المواقع الإلكترونية الإخبارية التي تستعمل الصور من دون ردها الى أصحابها من دون حسيب ولا رقيب”.

ورقي – الكتروني
وعن الفرق بين تجربة التصوير في الصحف الورقية والأخرى الإلكترونية، يتحدث الزميل المصور في جريدة المدن الإلكترونية علي علوش عن تجربته التي شملت النوعين من الصحف (الورقي والإلكتروني)، ويؤكد أن الانتقال من الورقي إلى الالكتروني جعله أمام أمام نقلة “تصل خلالها الصورة بشكل أسرع ولعدد أكبر من الناس، علاوةً على أنها نقلة تفتح مجالات أوسع للتطور، في ظل ما نعيشه اليوم من غزوة الديجيتال والانترنت”.