Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر December 13, 2020
A A A
في مانشيت الراي: التحقيق في «بيروتشيما» فجّر «القلوب المليانة»
الكاتب: الراي

تسود بيروت خشية متعاظمة بإزاء مسارِ القفْز من حفرةٍ إلى حفرةٍ أعمق الذي يرتسم على تخوم «جبل نارٍ» مكوّناتُه مالية – اقتصادية، سياسية – أمنية، وما زال خامداً يعلو فوق علبةِ ثقابٍ قد يشكّل الوضع المعيشي – الاجتماعي المكوّن الأسرع اشتعالاً فيها.
ولم ترَ أوساطٌ واسعة الاطلاع غير هذا التوصيف لإطلاقه على الواقع اللبناني الذي كلما اعتقد الخارجُ أنه بلغ أكثر درجاته قتامةً وتعقيداً في الطريق إلى الكارثة المدمّرة، اتّضح أنه مفتوحٌ على المزيد من العصْف الذي يهبّ من ملفاتٍ سرعان ما تعْلق في «شِباك» الأزمات المتعددة التي تتناسَل فيما البلاد على مشارف نفاد آخِر جرعات «الأكسجين» في مسيرة «الموت البطيء».
وليس أدلّ على هذا الوضع المُفْجع من «خط التوتر العالي» الجديد الذي شكّله ادعاء المحقّق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت (في 4 أغسطس الماضي) القاضي فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين والذي سرعان ما أحْدَثَ غلياناً تَشابكتْ فيه السياسة بالطائفية والدستور وأجّج «القلوبَ المليانة» بفعل التجاذبات الحادة على جبهة ملف تأليف الحكومة وفتْح ملفات فسادٍ اعتبرها أطراف وازنون (بري والزعيم الدرزي وليد جنبلاط) بمثابة «تصفية حساباتٍ سياسية» من فريق الرئيس ميشال عون.
وفيما كانت بيروت مشغولةً بـ«خط التماس» الذي أطلّ برأسه مع «التوازن السلبي» الذي سعى عون لإقامته، رغم كل التباساته الدستورية، مع الخطوة المتقدّمة التي شكّلها تقديم الرئيس المكلف سعد الحريري تشكيلة حكومية مكتملة من 18 وزيراً من الاختصاصيين غير الحزبيين تولى «حمايتهم» من لعبة مَن يسمّيهم، وهو ما قابله رئيس الجمهورية بإيداعه «طرحاً حكومياً متكاملاً» مضاداً، لم تتأخّر خطوةُ القاضي صوان في إحداث «تسونامي» تداخل فيه السياسي بالطائفي والدستوري، منْذراً بأن يتحوّل «جاذبة صواعق» إضافية.
وبمعزل عن «العِراك» الدستوري الذي اندلع فور ادّعاء صوان على دياب والوزراء السابقين الثلاثة، وسط اعتبار البعض أن قلّة الاحتراز والتقصير والإهمال هي من الجرائم العادية التي تتيح المحاكمة أمام القضاء العادي مقابل تشديد آخَرين على أن المرجع الصالح في هذا الملف (وفق المادة 70 من الدستور) هو المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء، معتبرين أن الرسالة التي كان المحقق العدلي وجّهها بنفسه إلى البرلمان قبل نحو أسبوعين هي على طريقة «من فمك أدينك»، فإن الارتدادات السياسية لهذه الواقعة بدت مُزَلْزلة وتشي بوقْعٍ هائلٍ على المشهد اللبناني الذي لم يستفق أصلاً من هول «بيروتشيما» الذي صار كشْف خفاياه كاملةً (من الصندوق الأسود لشحنة الـ2700 طن من نيترات الأمونيوم التي خُزنت في العنبر رقم 12 لأكثر من 7 أعوام ومَن غطى إبقاءها في المرفأ وتهريب كميات منها وإلى أين، إلى مسؤولية مَن تغاضى عن إزالتها بعد انكشاف أمرها في الأشهر الأخيرة وتبلُّغ أعلى المرجعيات بذلك) من «ألف باء» استعادة لبنان ثقة المجتمع الدولي جنباً إلى جنب مع قيام حكومة مهمة إصلاحية بقوة دفْعٍ من المبادرة الفرنسية التي باتت أوروبية.