Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر June 13, 2016
A A A
فيسك يكشف قصصًا لم تروَ عن آبادي: حصل ذعرٌ ثمّ اختفى!

0d007ccfbd094d30b9516e05e76d6ec9

نشر الكاتب الشهير روبرت فيسك مقالاً في صحيفة “إندبندنت” البريطانية تحدّث خلاله عن “القصة التي لم ترو عن الوفيات في الحج”، كاشفًا أنّ السفير الإيراني السابق في بيروت غضنفر ركن آبادي إختفى بعد نشوب حالة من الذعر والفوضى.

وقال فيسك في بداية مقاله: “آبادي كان ذكيًا، لديه روح الدعابة أحيانًا ويردّ بالتفصيل على أسئلتي. رسميًا كان ملحقًا بالسفارة الإيرانية في بيروت، لكني أعتقد أنّه كان ضابطًا في الإستخبارات الإيرانية. عام 1996 مازحني حين أخبرني عن طائرة إسرائيلية ظهرت فجأة على مقربة من مجمع السفارة الإيرانية في بيروت في ذروة “عناقيد الغضب”. وقال إنتظرنا أن تستهدفنا. لكنها لم تأتِ. ثم اعتقدنا أنها ستهاجم منازلنا بالقرب من المجمع.. بالطبع كنا خائفين!”.

وأضاف: “آبادي يعلم الكثير عن السلاح وأعرب عن إستعداده الدائم لـ”الشهادة”، كان رجلاً صعبًا. على مدى سنوات استنتجت شخصيًا أنّه لم يقل لي أمرًا كاذبًا. كان صريحًا بالحديث حول الدعم المالي والعسكري المقدم من إيران لـ”حزب الله”. واعتبر أنّ هناك ثورة مصرية يجب أن تكون مدعومة، فيما لا ينبغي ذلك في سوريا لأنّ هذه الثورة لم تتأسس بسبب الفقر والظلم”.

ولفت فيسك إلى أنّه “عام 2010، أرسلت إيران آبادي إلى بيروت كسفير وعندما بدأت الثورة السورية بعد عام، وجد نفسه بالزاوية العمياء التي لا يحبذ أي ديبلوماسي أن يتواجد فيها. عندما زار الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد لبنان، جال في جنوبه بالقرب من الحدود مع فلسطين المحتلّة، ووعد بتحرير القدس، كان ركن آبادي إلى جانبه وتبسّم. لكنّه كان رجلاً محظوظًا، على الأقل في ذلك الوقت”.

وقال فيسك: “لدى الهجوم الإنتحاري على السفارة الإيرانية في بيروت في تشرين الثاني 2013، والذي أسفر عن مقتل 23 شخصًا من موظفي السفارة والحرس التابعين لـ”حزب الله” ومدنيين آخرين، ترك آبادي مجمع السفارة وذهب إلى مكان في بيروت، فالإنفجار كاد يحطّم أبواب السفارة الحديدية لكنّ آبادي لم يمسّ يومها بل قتل رجل أمني رفيع معه”.

وأردف فيسك قائلاً: “المرّة الأخيرة التي تحدثت بها معه كانت في السفارة، حيث شرعنا في مناقشة ساخنة عن الإعدامات في إيران. فوجدني معاديًا للغاية. كانت إيران قد قررت يومها إعدام امرأة أذرية إيرانية بتهمة الزنا فقدّمت إحتجاجًا وقلت له بأي حق يجب أن تقرر إيران من يجب أن يعيش أو يموت؟ اندهش آبادي وحاول أن يشرح لي بهدوء، لكنه لم يكن مرتاحًا، وقال إنّ القضاء في إيران مستقل ولا هو ولا أي من المسؤولين الإيرانيين الآخرين لديهم السلطة على قراراته. تمّ العفو عن المرأة لكن آبادي لم يسامحني. وبالرغم من ذلك رافقني أحد مرافقيه إلى سيارتي، وتحدث عن أحكام القرآن في الثواب والعقاب. وآخر مرة رأيت السفير كان في حفل إستقبال بمناسبة اليوم الوطني الباكستاني. عاد إلى طهران عام 2014. كأحد أكبر ديبلوماسييها، وأشعر بثقة أنه من أحكم رجال إستخباراتها”.

أمّا عن موته، فيقول فيسك: “ذهب آبادي لقضاء فريضة الحج في مكة المكرمة، وفي 24 أيلول ذهب ضحية الفوضى والذعر في منى واختفى بشكل غامض. وبعد أيام أعلنت وفاته من بين حجاج إيرانيين آخرين”.

وسأل فيسك: “هل يحتمل أن يكون ذلك مجرّد حادث مرعب؟ مأساة ذات أبعاد هائلة لعدد كبير من الحجاج، والذين عن طريق الصدفة أودوا بحياة آبادي؟”.

وأشار إلى أنّه خلال الشهرين الأخيرين، عقدت جولتان من المفاوضات الإيرانية – السعودية لترتيب الحج لهذا العام. وفشل المسؤولون بالتوصّل إلى اتفاق لأنه وفقًا لطهران “لا يوجد خطط أمنية محددة لحماية الحجاج الإيرانيين”.

وختم فيسك مقاله قائلاً: “إنّ النزاع بين طهران والرياض يصبّ الدم في ساحات القتال في سوريا والعراق واليمن. وبين الضحايا الشيعة أصبح من الواضح الآن أن ركن آبادي، الديبلوماسي اللطيف الذي يعرف الكثير عن السلاح والذي تحدّث أمامي عن الموت والشهادة، لقي حتفه في أقدس مكان”.