Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر March 3, 2017
A A A
فيرا يمّين لطلاب “الجامعة اللبنانية الأميركية”: أصواتكم أحرجت أحزابكم
الكاتب: موقع المرده
<
>

لطالما أثبتت التجربة السياسية اللبنانية أن “للتوقيت في طرح بعض المواضيع محاذيره”. من هنا، أثارت عضو المكتب السياسي في “تيار المرده” فيرا يمّين خلفية توقيت طرح موضوع الكوتا اليوم في حين أنه كان غائبا في السابق غامزة إلى وجود “نوع من التهريبة الى الامام حتى لا يكون لدينا قانون جاهز الآن”.
كلام يمّين جاء خلال ندوة أقامها نادي الصحافة في “الجامعة اللبنانية الأميركية” بمشاركة الوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة والدكتورة الجامعية ديما دبوس، والتي طرح الطلاب خلالها عدد من الأسئلة تمحورت حول واقع المرأة ومنه إلى الواقع السياسي في لبنان.
وفي حين انطلقت معظم الأسئلة من المقارنة بين تعداد السنوات في مسيرة لبنان التي كانت رائدة في الخمسينيات والستينيات في موضوع المرأة مقارنة بالدول الأخرى، أشارت يمّين إلى أنه “ليس المهم القياس الزمني بل الى اي مدى نستطيع زمنيا ان نترجم ونفعّل قراراتنا”. ولعلّ “تصدر لبنان المشهد الدولي بتعهداته وقراراته لكن على أرض الواقع يثبت انه من اكثر الدول تخلفا” يشكل أحد نماذج التناقضات التي تصيب العمل السياسي. “نحن اليوم في ال٢٠١٧ نحتفل باليوبيل الذهبي لقراراتنا وما زلنا نبحث عن حضور المرأة ان كان في المجلس النيابي او في المجلس الوزاري. حتى في الحكومات فإن معظم التي تشكلت تضمنت سيدة او اثنتين لمرة واحدة فقط، ومع احترامنا ايضا للسيدات الوزيرات، لكن عند تشكيل كل حكومة يتنبّه الموجودون الى غياب المرأة وكأن وجودها ضرورة لاستكمال الديكور”. هذا المثال الأشبه بالسوريالي يعكس بحسب يمّين المعادلة التي يفرضها “الواقع البشع”، وهو أن لبنان “يبحث عن المرأة لنجمّل حالتنا” لافتة الانتباه إلى جوهر الأزمة اللبنانية، وهي المجتمع، وليس “أزمة امرأة ولا أزمة رجل”.
هنا تتزاحم أسئلة الطلاب حول الحلول الممكن اعتمادها في ما يخص المرأة وفي كل المواضيع السياسية التي ترخي بظلالها على المجتمع فيأتي الجواب حاسما من يمّين. فبرأيها، لا حل الا بقانون انتخابات قائم على النسبية يعطي الكفاءة حقها، ويعيد للحياة الحزبية حيويّتها، وللحياة النقابية مكانتها، ويحرك الحياة الطالبية فيصبح صوت المواطن ذا قدر وقيمة وتصبح الكفاءة “تحصيل حاصل” في مجلس النواب”. عندها فقط، تكمل يمّين، ” لن نبحث اذا كانت الكفاءة رجلا ام امرأة”.
ومن النسبية تعرّج يمّين من جديد إلى طرح اعتماد الكوتا النسائية، وهو الموضوع الإشكالية، وتخرجه من الإطار الضيق من خلال تقديم شرحا مفصلا للطلاب عن الكوتا للتدليل على ضرورة اعتمادها ” ليس فقط على مستىوى المرأة، بل أيضا على المستوى الحزبي والتمثيل الاغترابي والشبابي و”ما عاداه يكون كلامنا اشبه بالأحلام”.
هنا، تفرض الذهنية السائدة في مقاربة المشاكل السياسية والاجتماعية منحى جديدا في النقاش توضّح فيه يمّين إلى أن “تغيير الذهنية في مقاربة المواضيع هو المطلوب وتحديدا في ما يخص العنف الأسري. “الاقتراح الذي طرح في مجلس النواب كان تحت عنوان العنف الزوجي، فقاموا للتخفيف من وطأة الذكورية إلى تحويله لقانون العنف الأسري، وبالرغم من ذلك قبلنا بالأمر الواقع لأنه برأينا حققنا تقدما ما”.
ولأن التاريخ يشكل الحجر الأساس في فهم الحاضر، قدمت يمّين لتاريخ حركات المرأة التحريرية في لبنان بدءا من الحركة النهضوية النسوية التي ظهرت في الأربعينيات والتي كانت “تعاني من حالة من الانقسام الطائفي” وصولا إلى “الانجاز الأكبر الذي تحقق في العام ١٩٥٢ من خلال حق الاقتراع والترشح بقيادة السيدة المضيئة في تاريخ الحركة النسوية والنهضة النسوية الكبيرة لور مغيزل” فالستينيات مع فهمية شرف الدين ومنها إلى النكسة التي أنتجت “نوعا من التصدع في كل جدار العمل الوطني”.
هنا، لا بد للنفس اليساري أن يلعب دوره “محدثا صدمة ايجابية من خلال تلقّف كل الحركات فاحتضنت الاحزاب العلمانية والاحزاب الوطنية حينها الحركات النسوية”. ولكن، لقد وصلنا “بفعل الحياة السياسية المأزومة الى الحرب التي تسمى “الحرب الاهلية” (وهي مصطلح غير دقيق) فغابت الانتخابات النيابية وغابت المجالس حكومية وضربت الحياة التشريعية والحياة القضائية والحياة السياسية وبالتالي تأثرت الحركات النسائية” حتى ابرام اتفاق “فيينا في العام ١٩٩٢ وبكين في العام ١٩٩٥”.
تحضر التناقضات اللبنانية من جديد. “اذا كانت الكوتا اهانة، لماذا كان لبنان من الدول الموقعة والتي تعهدت على الكوتا النسائية”، تسأل يمّين مضيفة: “هل الكوتا النسائية هو الاهانة للمرأة ام تغييب المرأة الممنهج هو الاهانة الكبرى”، وتذكر باعتماد “معظم الدول الحضارية او التي تسمى حضارية ومتطورة الكوتا كمرحلة انتقالية منها فرنسا وايطاليا والمانيا والارجنتين والبرتغال والمكسيك”.
ومن الكوتا إلى مشكلة الجنسية اللبنانية التي تشكل بدورها أحد النقاط الأساسية في موضوع حقوق المرأة. وهنا لا بد للسياسة ان تحضر من باب ذريعة الخوف من التوطين حيث أدى الهروب من معالجة هذه المشكلة “إلى تصاعد الأزمات بأزمات اللجوء وأزمات النزوح والهروب من التوطين إلى توطين بديل وبحجة الديموغرافية وإلى ما هنالك فتصبح الأم هي الضحية واولادها هم الضحية الكبرى”.
أين الدين من هذه المواضيع المطروحة؟ سؤال يطرحه احد الطلاب، فتنطلق منه يمّين لتشرح كيف تعمد بعض الشخصيات إلى “التمترس خلف الدين، في حين أن الطائفتين الكبريتين اذا جاز التعبير اي الاسلام والمسيحية اعطتا بالمعنى الايماني والديني حق المرأة بشكل واضح. اذا، “الدين هو حجة فيما لو كنا نرشّق قوانيننا المدنية لكنا رقّينا الايمان واسقطنا التعصب في بحر الوطنية”.
وختمت يمّين بتوجيه التحية للمرأة الشهيدة بالقول: “ربما تحتاج المرأة الى الكثير لكي تتبوأ مراكز ولكن المرأة هي الأرقى حينما توصلت الى ان تكون في مصافي الشهداء. لم تعد امّا للشهيد ولا اختا للشهيد ولا زوجة للشهيد. بل هي شهيدة من فيرا فرنجية الى زوجة السيد عباس الموسوي إلى لولا عبود إلى سناء محيدلي إلى لارا نجيب. المرأة الشهيدة هي الأصفى والأنقى والأرقى عسانا نرتقي الى مستواها”.