Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر March 24, 2020
A A A
فوائد صفرية من «المركزي اللبناني» للقطاع الخاص
الكاتب: علي زين الدين - الشرق الأوسط

اعتمد مصرف لبنان المركزي رزمة تحفيز تمويلية جديدة، تستهدف بشكل خاص الحدّ من موجات تسريح العمالة في القطاع الخاص التي تتصاعد بقوة في أغلب القطاعات والأنشطة الإنتاجية وتمكين المقترضين المتعثرين من الحصول على قروض مدعومة مخصصة للإيفاء بالتزاماتهم تجاه البنوك.
وتمثل هذه المبادرة أول الغيث المنشود الذي يطالب به القطاع الخاص بفعل ما يتعرض له من ضغوط شديدة تسببت بخسائر هائلة؛ حيث تشير التقديرات إلى فقدان نحو 200 ألف وظيفة على الأقل بين بطالة تامة وجزئية، وترقب انحدار الناتج المحلي بنسبة تربو على 10 في المائة هذا العام، بعد تقلص محقق زاد عن 5 في المائة خلال العام الماضي.
وقد أدى تفاقم الأزمتين المالية والنقدية، وتدحرج تداعياتهما على مجمل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، إلى اندلاع الاحتجاجات الشعبية العارمة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفرض على الحكومة الجديدة الامتناع عن تسديد سندات دين دولية وفوائدها، وحصر استخدام احتياط العملات الصعبة بالسلع الضرورية، بالتوازي مع تدهور سعر الليرة في الأسواق الموازية بنسب تراوح بين 60 و70 في المائة، وإيقاف مجمل التسهيلات المصرفية، وتعذر فتح اعتمادات تجارية، وطول فترات الإقفال القسري. وزادت وطأة الضغوط بعد تلقي التداعيات المستجدة التي أنتجها «فيروس كورونا»، بما يشمل الإقفال الملزم لمعظم الشركات والأسواق التجارية والمحلات في أنحاء البلاد كافة.
ويكتسب التدبير أهمية استثنائية، كونه يطلب منح هذه القروض من دون احتساب أي عمولة أو فائدة (أي فائدة صفرية)، على أن يتم تسديد أصل القرض خلال مدة 5 سنوات بدفعات تستحق في نهاية كل شهر أو كل فصل، وفقاً لما هو محدد في العقد الموقع بين المصرف المعني أو المؤسسة المالية المعنية والعميل، اعتباراً من بداية يونيو (حزيران) أو في آخر الشهر الذي يلي الشهر الذي تم فيه منح القرض الاستثنائي.
وأوعز التعميم الصادر عن البنك المركزي إلى المصارف والمؤسسات المالية العاملة أن تمنح، على مسؤوليتها قروضاً استثنائية بالليرة اللبنانية أو بالدولار الأميركي، لعملائها الذين يستفيدون من قروض بأنواعها كافة، ممنوحة سابقاً من المصرف المعني أو المؤسسة المالية المعنية، بما فيها التي تستفيد من دعم الدولة للفوائد المدنية أو من تخفيض الاحتياطي الإلزامي مقابلها.
وبينما لم يحدد «المركزي» سقفاً للحزمة التمويلية المدعومة من قبله أو المعتمدة من المصارف والمؤسسات المالية، اشترط أن تكون القروض الاستثنائية ممنوحة لغرض تسديد أقساط القروض الممنوحة سابقاً والتي تستحق في الأشهر الثلاثة، بدءاً من مارس (آذار) الحالي، ودفع رواتب الموظفين والعاملين لدى العملاء المعنيين، أو تغطية حاجات إنتاجية أو تشغيلية، في حال كان العميل مؤسسة أو شركة.
وفي المقابل، يقوم مصرف لبنان بمنح المصارف والمؤسسات المالية المعنية تسليفات بالدولار الأميركي بفائدة صفر في المائة لمدة 5 سنوات بقيمة القروض الاستثنائية الممنوحة بالليرة اللبنانية أو بالدولار الأميركي وفقاً لأحكام التعميم فور تقديم الطلبات المستكملة الشروط. ويتم اعتماد سعر وسطي لعملة القرض الممنوح للعميل بالليرة اللبنانية، كما هو بتاريخ موافقة «المركزي» على طلب المصرف أو المؤسسة المالية.
وطلب «المركزي» أن تتأكد المصارف والمؤسسات المالية على مسؤوليتها من حاجة العميل المعني لتغطية هذه المستحقات، وأن تحتفظ بالمستندات كافة المتعلقة بالقروض التي تمنحها، على أن تمكن لجنة الرقابة على المصارف من الاطلاع عليها في أي وقت كان، وبما يشمل عقود القروض الموقعة مع العملاء وجداول التسديد. كما ألزم المصارف أو المؤسسات المالية المعنية بتسديد الرواتب مباشرة للموظفين ولعاملين لدى العملاء المعنيين الذين يحصلون على القروض المدعومة، وذلك وفقاً لجداول الرواتب التي يتم تزويدها بها من قبل هؤلاء العملاء.
وفي آخر الاستغاثات الصادرة عن القطاع الخاص، ناشد رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني الرامي، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بإصدار قرار معجل بمفعول فوري، يقضي بتجميد جميع استحقاقات القروض المدعومة وغير المدعومة وجميع السندات العائدة الموقعة من أصحاب المؤسسات السياحية على اختلاف أنواعها، وتأجيل تواريخ الاستحقاق، ومنح فترة سماح لمدة لا تقل عن 6 أشهر قابلة للتمديد، وفق مقتضيات الأوضاع.
ولفت إلى «أنّ قرار التعبئة العامة الذي اتخذته الدولة اللبنانية لمحاربة تفشي فيروس كورونا المستجد، يشكل خطوة ضرورية تهدف إلى المحافظة على الأمن الوقائي».
إلا أن «المسمار الأخير في النعش يتمثل بالغياب التام لأي قرار أو إجراء دعم متعلق بمصير الاقتصاد ومؤسسات القطاع الخاص وموظفيه».
وقال: «إن تخلّي الحكومة عن إنقاذ ما تبقى من مؤسسات سياحية سيؤدي حتماً إلى خسائر فادحة ترتد على اليد العاملة وعلى القطاعات الحيوية الأخرى، وتقدّر قيمة الخسائر في القطاع السياحي بما لا يقلّ عن 500 مليون دولار أميركي شهرياً، إذا أخذنا قياساً الدخل السياحي لعام 2018 الذي كان قد وصل إلى 6 مليارات دولار».
وفي سياق متصل، نفت وزارة العمل أمس، «ما يتردد عن توجه لتقديم اقتراح يجيز تعديل عقود العمل وتخفيض الأجور حماية للعمال والأجراء من تداعيات الأزمات المتلاحقة»، مؤكدة أن «الحكومة مجتمعة، تضع في أولوياتها دراسة المقترحات ووضع الحلول العلمية لتجنيب العمال تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية والوبائية المستجدة، نتيجة انتشار فيروس كورونا، والتي تلقي بثقلها على قطاعات الإنتاج كافة، وبشكلٍ خاص على العمال الذين يعانون كثيراً من الصعوبات للحفاظ على وظائفهم وتأمين لقمة عيشهم، ولا سيما المياومين منهم وأصحاب الدخل الأدنى».