Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر January 24, 2018
A A A
فقد الهجوم على حزب الله قيمته كمادة انتخابية.. ماذا عن ريفي؟
الكاتب: روزانا رمّال - البناء

كان يمكن قبل أزمة الحريري التي أعلن فيها الاستقالة من الرياض وغاب أياماً بشكل ملتبس «الرهان» من بعض قوى التطرف «السني» على هجوم على حزب الله ودوره وعلاقته بإيران لاستخدامه كملف انتخابي مثمر، لكن اليوم وبعد ان اتجهت البلاد نحو المزيد من الاستقرار والضغط الدولي لاستعادة الحريري والمحافظة على الأمن في لبنان لأسباب جلها أمني يتعلّق بمكافحة التطرّف من المدّ نحو القارة الأوروبية فإن حزب الله لم يعد مادة قادرة على استجلاب الصوت القادر على قلب المعادلات.

يراهن بعض القوى السنية الموصوفة بالتطرف نظراً لمواقفها الحادة تجاه إيران وسلوكها التصعيدي تجاه سورية مثل الوزير السابق أشرف ريفي على إحداث خرق في الانتخابات النيابية، مستنداً على الخرق والنجاح الذي حققه في الانتخابات البلدية وهي نتيجة كانت فعلاً قادرة على اعتباره ورقة رابحة في إحداث تغيير «ما» في خرق سطوة تيار المستقبل على الشارع السني السياسي، لكن النتيجة هذه لم يطل وقت الرهان عليها، بعدما سقطت بالكامل بعد أزمة الحريري، وريفي كان قادراً على الاستثمار بشكل لافت على الورقة البلدية شمالاً لإقناع المموّلين أو الداعمين وبعض الدول والسفارات العربية لمساعدته أكثر على أساس أنه قادر على تحقيق ما لم يتمكّن خصمه اللدود سعد الحريري المتهم بالخروج عن خط رفيق الحريري من تحقيقه.

بعد عودة الحريري والهدوء السياسي الملحوظ والتعاطف الذي أظهره الفريق الشيعي عبر الأرضية العريضة المتضامنة مع الحريري قلباً وقالباً المدفوعة من الحيثية «الشيعية» السياسية بشخص أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري تغيّرت الأجواء وتحول الشحن السني وأغلب الشارع الذي كان قد عبّئ لسنوات لجهة قتال حزب الله في سورية وعلاقته بإيران وأخذ لبنان الى ما هو خارج الإجماع العربي، ونحو خرق سياسة النأي بالنفس كل هذه أدوات للتحشيد سقطت اليوم أمام التهدئة والاعتدال الواضحين. فصارت الساحة السنية التي رأت في القيادات الشيعية أكثر مَن وقف ودعم الحريري في محنته او على الأقل في الموقف الملتبس الذي تعرّض له وتعرضت سيادة لبنان على أثره لمهانة كبرى غير مقتنعة كثيراً بأن حزب الله يرى في الحريري خصماً يستوجب إبعاده ولا ترى فيه خصماً تجب مواجهته.

كل شيء يشير اليوم إلى أن خصوم الحريري في الساحة السنية، والحديث أكثر عن ريفي، لأنه الأكثر جذباً للصخب في هذه الأيام في ما يوحي إرباكاً جدياً يحيط به بعد أن كان قد ارتاح لذخيرة شعبية وازنة شمالاً بدأت تعيش مخاطر حقيقية لجهة الرسملة عليها بصندوق الاقتراع. فالحريري انتعش أكثر وصارت هناك حاجة جدية لإيجاد طرق أخرى لحشد النفوس بوجه الحريري.

في الواقع صبّ الصوت السني بأغلبيته باتجاه الحريري وصارت الذريعة الأقوى والحجة الأكثر تأثيراً أي «مهاجمة حزب الله» أو أمين عام حزب الله من بوابات متعدّدة أكانت الأسرة العربية وغيرها من الشعارات غير قادرة على جذب الناس. وبالتالي، فإذا كان هذا الخيار قد أخفق في إحداث فارق، فإن هذا الأمر يعني أن البلاد تتوجّه نحو منطقين أساسيين على اعتبار ان الدول تتحدث عن الانتخابات البرلمانية اللبنانية كانتخابات تقع ضمن حسابات استراتيجية لمفهوم الربح والخسارة عندهم.

أولاً: أن تكون الدول المعنية بإحداث خرق في لبنان او المحافظة على الاكثرية النيابية قد حسمت سلفاً واقتنعت بعد أزمة الحريري أنه صار ضرورياً رفع اليد عن لبنان أو عن التدخل بأمنه واستقراره ونتائج الانتخابات فيه، لأنه صار ساحة مشاكل ومتاعب من جهة، ولأنه هناك قرار دولي بعدم المسّ باستقراره والمقصود هنا «العبث» السعودي وتسليم الملف اللبناني للأوروبيين والفرنسيين تحديداً.

أو ثانياً: الرهان على تمرير المزيد من الوقت والتحضير لخضات أمنية أو سياسية تعيش عليها القوى التي تعتمد على الاضطرابات، وبعض منها عاش منذ ما بعد عام 2005 على الدماء والتفجيرات للفوز بالانتخابات وكسب أصوات الناس. وهذا وحده قادر على وضع البلاد أمام حذر وقلق جدي، إذا أراد احد الشاعرين سلفاً بالخسارة بتعويضها عبر اللجوء الى وسائل تعرّض السلم الاهلي الى الخطر.

الأهم، أن ذريعة التمسك بالهجوم على حزب الله بعدما اظهر في اكثر المواقف التي كان قادراً فيها ان يستغل الكرسي السني في البلاد «رئاسة الوزراء» لصالح قبول استقالة الحريري والدخول في دوامة اختيار اسم مقرّب منه او حتى الى الشارع، حيث يستطيع التفوق سياسياً وأمنياً بالمعنى العملي للمشهد، بمعزل عن مسألة الفوضى والاشتباك. وبالتالي فإن على المرشحين الطامحين الى استنهاض الناس عبر تجييش طائفي أو مذهبي يستهدف حزب الله وإيران أن يفكروا بأساليب أقرب الى المنطق الذي صار يحكم المنطقة. ولا بدّ من الإشارة دوماً الى أنه لولا التقدم الميداني لفريق مؤيد لروسيا وإيران في الميادين السورية والعراقية ما كانت مسألة تحييد لبنان واردة في هذه الأيام، لأن الساحة اللبنانية محسومة سلفاً في أي قتال مسلح لصالح القوة المسلحة الأكبر فيه «حزب الله» فتمت خسارة باقي الرهانات.