Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر February 7, 2017
A A A
فضيحة المرشح فيون.. الجمهوريون في فرنسا في ورطة انتخابية!
الكاتب: كيرستن كنيب - موقع D W

الفضيحة التي تلاحق المرشح المحافظ للانتخابات الرئاسية فرانسوا فيون تضع الجمهوريين أمام اختبار صعب، فيما طالب أوائل المنتقدين فيون بالتراجع عن ترشحه. لكن الأمر لا يتعلق بمستقبل حزب سياسي فحسب، بل بمستقبل بلد بأكمله.
*

%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%85%d9%87%d9%88%d8%b1%d9%8a%d9%88%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d9%81%d8%b1%d9%86%d8%b3%d8%a7-%d9%81%d9%8a-%d9%88%d8%b1%d8%b7%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d8%ae%d8%a7%d8%a8%d9%8a%d8%a9
لم يبقَ أمام مرشح الجمهوريين فرانسوا فيون سوى مطالبة أنصار حزبه بالانتظار خمسة عشر يوما فقط. في غضون هذه المهلة سيقدم الادعاء العام المختص بالشؤون المالية النتائج الأولى لتحقيقاته. وعلى ضوء تلك النتائج المرتقبة سيتم تحديد مستقبل المرشح فيون، يتراجع عن الترشح، أم لا يتراجع. بينما يواصل فيون الحديث عن حملة موجهة ضده، لكنه لم يقدم لحد الآن أدلة تفند التهم الموجهة إليه بشكل واضح. لهذا يبقى فيون في دائرة الشبهة فيما يخص توفير عمل وهمي لزوجته واثنين من أولاده. ويبلغ مجموع ما حصلت عليه عائلته عبر التعيين الوهمي من مكافأة نحو مليون يورو.

في هذا السياق يقول النائب الجمهوري عن مقاطعة رون، جورج فينيش، إن الانتظار لمدة أسبوعين قبل ثلاثة أشهر من موعد انطلاق الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية أمر لا يمكن مطالبة الحزب به. ويضيف قائلا:”لا يمكن للمرء الذي يعيش في عائلة سياسية كبيرة كحزبنا الجمهوري والذي يريد أن يتولى السلطة مجددا أن يضع مصيره بين أيدي قاض أو مدعي عام”. بعبارة أوضح يطالب النائب الجمهوري من فيون أن يستقيل من الترشح.

الانتخابات الرئاسية رهينة القضاء
في غضون ذلك يتبنى كثير من الفرنسيين الموقف نفسه، فسبعة من عشرة ناخبين يعتبرون مطالبة فيون بالاستقالة أمرا صحيحا، وفق آخر استطلاع للرأي في هذا الشأن تم إجراؤه هذه الأيام. ويشارك الخبير السياسي ورئيس تحالف وطني سياسي ومرشح رئاسي أيضا نيكولاس دوبون ـ أينان هذا الرأي ويقول في هذا السياق: “فيون وحزبه الجمهوري يتعاملون مع الانتخابات الرئاسية ومع عموم التحالف اليمني الليبرالي كرهينة لديهم”. وهناك آخرون يذهبون في ذات الاتجاه ويعتقدون أنه طالما لم يتم توضيح قضية فيون، لا يمكن للجمهوريين إطلاق حملتهم الانتخابية، حيث يبقى الكثير من الناخبين في حالة قلق مستمر خلال فترة الانتظار. وأظهر حادث الاعتداء في متحف اللوفر أن البلاد لا تستطيع فترة أطول مرحلة الجمود السياسي.

من جانبه يقول الباحث السياسي جيروم جيفري في حديث مع صحيفة “لو فيغارو” اليومية إن فضيحة فيون قد تسببت لحد الآن في الكثير من الخسائر، ويصف الباحث السياسي الخسائر بالقول “تصدر الجبهة الوطنية (اليمنية المتطرفة) نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية دون أن يثور أحد، والقضاء في قلب السياسة. والانتخابات الرئاسية برمتها، تلك اللحظات الديمقراطية الكبيرة تتحول إلى مهزلة شعبية”.

37397515_401
الوضع الأمني قد يحسم توجه الناخبين في فرنسا

“الخطة البديلة” كارثية
لكن مشكلة الجمهوريين الكبرى تكمن في توفرهم على مرشح مقنع بديل لفيون في حالة تراجع الأخير عن ترشحه. فرئيس الوزراء السابق وعمدة مدينة بوردو الحالي آلان جوبيه والذي خسر الانتخابات التمهيدية أمام فيون مازال مترددا في قبول الترشح بديلا عن فيون. ويقول أحد المقربين من جوبيه، يرفض كشف هويته، في حديث مع صحيفة “لو موند”: “إن جوبيه يطالب بتنصيبه مرشحا رسميا وأن يعلن فيون بنفسه أن جوبيه هو خليفة له في المنافسة الرئاسية”.

بيد أن ترشح جوبيه لا يضمن إطلاقا إمكانية قيادته للجمهوريين إلى الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويعتقد كبار المسؤولين في الحزب الجمهوري أن سمعة الحزب قد تضررت بشكل كبير ولا يمكن إصلاحها قبل الانتخابات بوقت قصير. ورغم وجود خطط بديلة لدى الجمهوريين وبأشكال مختلفة، لكن لا يوجد بينها خطة تبدو مقنعة بالنسبة للمسؤولين في الحزب الجمهوري. في هذا السياق يقول النائب عن الجمهوريين في المجلس الوطني الفرنسي بنوي آبرو “إن الخطة البديلة أسوأ من الوضع الحالي السيء”. ويصف النائب الخطة البديلة بأنها خطة “لا خطة”. وتشارك صحيفة “لوموند” هذه الرؤية وتستخدم قولا مأثورا لرئيس الوزراء البريطاني السابق وينستون تشرشل بتصرف وكتبت تقول: “في الوقت الحالي يعتبر المرشح فرانسوا فيون أسوأ المرشحين بالنسبة لليمينيين… إذا لم نأخذ بعين الاعتبار مرشحي القوى السياسية الأخرى”.

الجبهة الوطنية غير مستفيدة
لكن الأمر في هذه الانتخابات لا يتعلق برفاهية ومعاناة الجمهوريين فحسب، فالأمر يتعلق بتوجه مستقبلي جذري لعموم البلاد. توجه قد تحدده مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان. لوبان تحتل حاليا مركز الصدارة في استطلاعات الرأي هذه الأيام. واستنادا إلى نتائج استطلاع تم إجراؤه يومي 30 و31 من كانون الثاني الماضي، أي بعد الكشف عن فضيحة فيون، فقد حصلت لوبان على نسبة 26 على 27 بالمائة من التأيد الشعبي. فيما احتل المرشح الليبرالي المستقل ايمانوئيل ماكرون المركز الثاني بنسبة تأييد بلغت ما بين 22 إلى 23 بالمائة. أما المرشح الجمهوري فيون فقد احتل المركز الثالث بنسبة تأييد وصلت ما بين 19 و20 بالمائة.

في نفس الوقت تكشف هذه المعطيات أن مرشحة اليمين المتطرف “الجبهة الوطنية” لوبان لم تستفد كثيرا من فضيحة فيون، أو بالكاد استفادت منها. وكانت لوبان قد حصلت على نفس النتائج في استطلاع للرأي تم إجراؤه مطلع كانون الثاني الماضي وذلك عندما كانت الحملة الانتخابية تجري في حالتها الاعتيادية.

رفض أسلوب حملة ترامب
لكن مرشحة اليمين المتطرف لوبان تظهر نفسها بأنها متفائلة جدا رغم توجيه تهمة توفير وظائف وهمية لها من قبل إدارة البرلمان الأوروبي. ففي مقابلة مع صحيفة “لوموند” عبرت لوبان عن ثقتها بإمكانية فوزها في الانتخابات المقبلة. وقالت لوبان إن حزبها “الجبهة الوطنية” تمكن من حشد الكثير من الفرنسيين من توجهات سياسية مختلفة تحت رايته”. وأضافت أن “آخرين سينضمون إلينا قبل الجولة الأولى من الانتخابات وآخرين قبل الجولة الثانية منها وبعدها”.

لكن الباحث السياسي جيروم جافري يعتقد أن تجري الأمور بشكل مغاير تماما. فالمرشحة اليمينية لوبان تتميز بتملكها جذور عميقة بين أوساط الطبقات السفلى في المجتمع الفرنسي. لكنها إذا ما نسخت حملة ترامب الانتخابية على المقاس الفرنسي، فإن ذلك سيرعب الكثير من ناخبيها. ويضيف الخبير السياسي “أن لوبان لا تفكر أن أي محاولة لتقليد أسلوب ترامب في الحملة الانتخابية سيفقدها ثقة الكثير من الناخبين”.