Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر January 10, 2018
A A A
«فصول لبنان».. شفاء جمال السعيدي من ويلات الحرب
الكاتب: جويل رياشي - الأنباء

أن تضع روحك على كفك وتعبر الجبهات وتواجه المسلحين وتكون شاهدا على حروب ومآس لتخلدها بعدستك، هو مصير كل من اختار مهنة التصوير الصحافي، لكن أن تنال منك الصورة وترسخ فيك الويلات التي جمدتها بآلتك فذلك يعني انك إنسان يقف في الضفة الأخرى من العدسة يتشارك مع المصابين والضحايا مآسيهم. هذا هو حال كبير مصوري وكالة ««رويترز» جمال السعيدي الذي قادته كاميراته الى حافة الانهيار، ولكنها عادت وأنقذته عبر رحلة علاجية في رحاب الطبيعة اللبنانية، فتحولت الصورة عنده من داء إلى دواء. «الأنباء» التقت السعيدي وكان لها حوار معه عن شؤون المهنة وشجونها وتبدلاتها مع التطور التكنولوجي، وعن كتابه الجديد «فصول لبنان» الذي يمجد طبيعة لبنان «العلاجية».

يقول مسترجعا فصول ذكرياته في تغطية الحروب، كانت التجربة القاسية التي عاشها في العراق كنقطة الماء التي جعلت الوعاء يفيض، هذه لم تكن المرة الأولى التي يتعرض فيها للتوقيف والضرب من قبل مسلحين، ففي لبنان «ما بقي حزب ما بل ايدو فيي»، ولكن هذه المرة استنفدت قدرته على الاحتمال، مرت عليه أحداث ومآس عاش تفاصيلها ونقلها بعدسته من الاجتياحات الإسرائيلية الى مجازر صبرا وشاتيلا الى اغتيال بشير الجميل وغيرها وغيرها.. خطف، ضرب، أصيب بطلقات نارية، تعرض لنوبات ذعر وعاش كوابيس متلاحقة.. كل هذه الذكريات عادت إليه وتفجرت في داخله بعد «حادثة» العراق.

«كان لا بد من العلاج النفسي لئلا يقع في هاوية الانهيار»
بعد جلسات عدة، وجدت الحل مع طبيبتي: سأنزع كل هذه الصور السوداء من ذاكرتي واستبدلها بأخرى جميلة. فلجأت إلى الطبيعة اللبنانية ورحت التقط صورا أكرمتني بها وشفتني من خلالها. طبيعة لبنان الخلابة كانت العلاج وصورها أخذت مكان صور الحرب والدمار. من هنا كانت فكرة الكتاب. وهو رسالة بيئية وطنية الى الأجيال الجديدة لكي يحافظوا على لبنان ويتمسكوا به. يسألونني دائما لماذا لا تصدر كتابا عن الحرب. جوابي في كتابي عن لبنان. ليس هروبا من الحرب بل شفاء منها». الكتاب متعة للعين ورحلة بصرية بين الفصول الـ 4 فيه لقطات من الجنوب والبقاع الغربي وكسروان وجبيل وتنورين وعكار وبيروت «لا استعمل الفوتوشوب، انتظر الإضاءة الطبيعية المناسبة والتقط صوري».

ماذا عن المنافسين الجدد على مواقع التواصل الاجتماعي بعدما أصبح كل حامل هاتف ذكي مصورا وصحافيا؟ يجيب: «يجب ان يخلقوا لدينا تحديات جديدة. الثورة التكنولوجية يجب ان نفهمها ونواكبها. والمصور الحقيقي والبارع لابد ان يميز نفسه»، يقولون لنا في كليات الإعلام ان «الصورة تساوي ألف كلمة»، ولكنهم يحذروننا من «الزاوية» التي التقطت منها. ماذا تقول بعد ٤٠ سنة في مهنة التصوير الصحافي؟… «الصورة تثبت مليون ومليون كلمة، شرط ان تكون حقيقية وغير ملعوب بها وموضوعية. الصورة بإمكانها ان توقف حربا، كما حصل بعد مجزرة قانا في جنوب لبنان في العام ١٩٩٦».
*

جمال السعيدي يوقع كتابه فصول لبنان