Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر August 4, 2020
A A A
فشل المسؤولين عن الكهرباء أغرق لـبـنـان بالـديـن… وخـنـق اللبنانيّين مالياً
الكاتب: ناجي س. البستاني - الديار

في كلّ مرّة يظنّ فيها اللبنانيّون أنّهم وصلوا إلى أدنى درك مُمكن، يتفاجؤون أنّ الآتي أعظم! فخلال الأيّام القليلة الماضية، وفي خضمّ الأزمات الماليّة والحياتيّة والمعيشيّة المُتراكمة والمُتأتّية من كل حدب وصوب، جاءت قيمة فواتير المُولّدات الكهربائيّة الخاصة لتصدم المُرتاحين ماديًا قبل المُتعثّرين، بسبب إرتفاعها القياسي وغير المُسبوق، وذلك بالتزامن مع عودة تراكم النفايات في الشوارع. فما الذي يحصل، وكيف يُمكن أن تتطوّر الأمور؟

بحسب أوساط سياسيّة مُطلعة على مُجريات المُفاوضات بين لبنان وصُندوق النقد الدَولي، إنّ هذا الأخير الذي شدّد خلال جولات التفاوض على ضرورة سدّ مزاريب الهدر ومُكافحة الفساد وإعادة هيكلة كلّ مؤسّسات الدَولة، إلخ. إشترط ضرورة إجراء إصلاحات فوريّة بقطاعين مُهمّين جدًا، الأوّل قطاع الكهرباء الذي أرهق ماليّة الدولة وأغرقها بالديون وبالعجز، والثاني ملفّ النفايات مَعطوفًا على كامل قطاع حماية البيئة، كونه أثر على سمعة لبنان وأظهر فشل المسؤولين في التوافق على أبسط الأمور لما فيه مصلحة بلادهم. ولفتت الأوساط نفسها إلى إنّ إصرار مُمثّلي الصُندوق، ومسؤولي المُجتمع الدَولي، الذين يُكرّرون ليل نهار أنّ أحدًا لن يُساعد لبنان ما لم يُساعد هذا الأخير نفسه، وأن لا قُروض ماليّة للبنان ما لم تبدأ الإصلاحات فعليًا، ينتظرون ما ستتخذه السُلطات اللبنانيّة المَعنيّة من إجراءات، لمُعالجة مُشكلتي الكهرباء والنفايات بعيدًا عن الأعذار والتبريرات الحالية.

وبحسب المَعلومات المُتوفّرة، إنّ وزير الطاقة ريمون غجر عقد في الأيّام القليلة الماضية – مُحاطًا بمجموعة من مستشاريه ومُعاونيه، إجتماعًا عبر شبكة الإنترنت مع مُمثّلي صندوق النقد الدَولي، تناول واقع قطاع الكهرباء في لبنان، والمشاكل التي تواجهه من نقص الإمدادات، مُرورًا بفارق سعر شراء الفيول مُقارنة بالفواتير المُحصّلة، وُصولاً إلى الهدر الفنّي والأعطال في المعامل وشبكات النقل، إلخ. لكنّه سمع تشديدًا على ضرورة الإنكباب على تنفيذ خطة إصلاحيّة بدون أيّ تأخير إضافي.

من جهة أخرى، كشف مصدر في لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه أنّ فشل قطاع الكهرباء أغرق لبنان بالدين، وخنق اللبنانيّين ماليًا، بشكل مُباشر وغير مُباشر. وذكّر بأنّ المجموع التراكمي للتحويلات الماليّة التي وصلت إلى مؤسّسة كهرباء لبنان مع إحتساب الفوائد، منذ العام 1992 حتى العام 2008، بلغ 10,865 مليار دولار. وأضاف أنّ هذا المجموع التراكمي بلغ منذ العام 2009 حتى العام 2019، أيّ في ظلّ إستلام وزارة الطاقة من قبل وزراء مُنتمين مُباشرة أو أقلّه مَحسوبين على «التيّار الوطني الحُرّ»، 30,584 مليار دولار، أي عمليًا نحو ثلاثة أرباع إجمالي عجز مؤسّسة الكهرباء، وهو ما يُعتبر أحد أبرز أسباب مُشكلة الدين العام في لبنان، وأحد أبرز أسباب تراكم الفوائد التي بدّدت أموال مصرف لبنان المُستدانة من المصارف والعائدة في نهاية المطاف إلى المُودعين.

وقال المصدر في لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه: «في الأمس، كان الجدل القائم في البلاد، لماذا ندفع مبالغ طائلة لإستئجار بواخر توليد الطاقة في الوقت الذي يُمكن توظيف هذه المبالغ لبناء معامل جديدة في لبنان، وصيانة تلك المَوجودة؟!». وتابع: «أمّا اليوم، فإضافة إلى ما سبق، إنّ السؤال الذي يفرض نفسه أيضًا، هو: لماذا نتكبّد مبالغ طائلة ثمنًا لإستئجار بواخر توليد الطاقة، طالما أنّ الكهرباء المؤمّنة عبر كامل القُدرات الإنتاجيّة للمعامل المَوجودة وتلك المُستأجرة، لا تُغطّي سوى ساعات مَحدودة وقليلة جدًا من كل يوم في أغلبيّة المناطق اللبنانيّة؟!». وسأل: «ما ذنب المُواطنين ليدفعوا مئات آلاف الليرات هذا الشهر، ثمنًا لخدمة غير مُتوفّرة، في ظلّ هذا الفشل الذريع من المسؤولين المَعنيّين عن ملفّ الكهرباء الذين وقفوا عاجزين أمام الفيول المغشوش والتلاعب بالفحوص المخبريّة، وأمام الهدر الإداري والهدر الفنّي والأعطال في المعامل وشبكات النقل، وأمام المحسوبيّات وغياب الشفافيّة في المُناقصات، إلخ؟!».

وتوقّع المصدر نفسه في الختام، أن يُشكّل الواقع المُزري لكلّ من الكهرباء والنفايات، قنبلة مَوقوتة ستزيد مُستوى الإحتقان الشعبي المَكبوت، وقد تُفجّره في الشوارع من جديد في أيّ لحظة.