Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر December 23, 2022
A A A
فرحة العيد وعن أيّ عيد في ظل هذا الوضع
الكاتب: غنوة الصايغ - الديار

 

يأتي العيد هذا العام بعد ثلاث سنوات من المعاناة والأزمات الإقتصادية والاجتماعية التي فرضت نفسها على اللبنانيين. منذ ثلاث سنوات ونحن ننتظر أن يأتي العيد في السنة التالية بشكل أفضل، لكن هذا لم يحدث، وما زالت الأمور تزداد سوءا يوما بعد يوم.

في البداية اعتقدنا أن الشعب اللبناني سيحقق بعض ما تمناه عندما اندلعت الثورة، لكن الحلم سرعان ما تحول الى كابوس لم نصح منه حتى الآن. كنا نعاني في تلك الفترة من أزمات ومشاكل متعددة رغم أننا كنا نقبض رواتبنا على 1500، وكان الحد الأدنى للرواتب ما يقرب 500 دولار. كنا نعاني رغم أننا كنا نحصل على الكهرباء بمعدل 10 ساعات في اليوم والباقي نؤمنه من خلال الاشتراكات في المولدات الخاصة. كنا نعاني رغم أننا لم نفكر يوما في كلفة الطعام الذي سنحضره للغداء أو العشاء.

بالفعل كنا نعاني، فمن غير المقبول أننا في زمن التطور والعلم، بلدان أخرى تسير رحلات الى الفضاء، ويعتمدون على مصادر جديدة للطاقة، ويجعلون للسعادة وزارة، ونحن ما زلنا في تقنين الكهرباء (تكوا الساعة، نزلوا القازان… ). كنا نعاني من البنى التحتية، والطرقات الممتلئة بالحفر، من الحرائق وسوء الإدارة، من السرقات والسمسرات والتوظيف العشوائي، من غلاء الإتصالات والدواء والثياب وغيرها الكثير. فما بالكم باليوم، ولقد أصبح الدولار 46000 ل.ل، والتضخم وصل لذروته في ظل الرواتب المتدنية؟ ما بالكم باليوم وأموال الناس وجنى عمرها ضاع في المصارف؟ ما بالكم باليوم ونحن لا نرى الكهرباء سوى ساعة واحدة كل ثلاثة أيام، وندفع فواتير اشتراك المولدات بالدولار؟ ما بالكم ولقد أصبح سعر صفيحة البنزين يساوي راتب العسكري؟

اليوم نحن على أبواب الاحتفال بعيدي الميلاد ورأس السنة، الفترة الأحب على قلوب اللبنانيين العاشقين للفرح والحياة والسهر. لكننا للأسف سنحتفل مع الدولار الذي يحلق عاليا ويرقص على أوجاعنا. كيف سنحتفل اذا كنا سنرتدي ثيابا كلفتها أكثر بكثير من رواتب معظمنا؟ كيف سنحتفل بمطاعم ومقاه أصبحت حكرا على فئة محدودة من المجتمع؟ كيف سنحتفل اذا كانت الفئة الكبرى من اللبنانيين تعاني لكي تؤمن احتياجات أطفالها. كيف سنحتفل وهناك فئة كبيرة من الناس خسرت عملها؟

إذا أردنا أن نبدأ بالأطفال الذين لا ذنب لهم في أزمة الدولار والتضخم، فهل باستطاعة الأهل أن يلبوا احتياجات طفل واحد في فترة الأعياد؟ (بالطبع الأهل الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية)، بعملية حسابية بسيطة، اذا أراد الأهل شراء ثياب جديدة (40$ على الأقل)، حذاء جديد (20$ على الأقل)، لعبة واحدة كهدية على عيد الميلاد (10$ على الأقل) ما مجموعه 70 دولارا أو ثلاثة ملايين ليرة لبنانية تقريبا. هذا ولم نتطرق الى أننا في السابق كنا نأخذ الأطفال الى مدينة الألعاب والمطاعم وأماكن التسلية للاستمتاع بالعطلة. هذا ما تنفقه الأسرة لشراء بعض الحاجات الأساسية لطفل واحد فقط، فما بالك بالأسر الأكبر والتي تملك طفلين أو أكثر؟

أما بالنسبة الى سهرتي الميلاد ورأس السنة، فلقد تغيرت مخططات اللبنانيين الذين اعتادوا البذخ في هذه الليالي، سواء أكانت السهرة ستقام في المنزل أو خارجه. اعتاد الناس تحضير مآدب غنية من مختلف المأكولات اللبنانية والشرقية والغربية، وإحضار الحلويات والمشروبات على أنواعها. هذا حتما ما لن يحصل هذا العام وسيكتفي معظم الناس بالجلوس في منازلهم وحدهم دون الأقارب والأصحاب لمشاهدة البرامج الفنية وتوقعات الأبراج على التلفاز.

عن أي فرحة وأي عيد نتحدث في ظل هذه الظروف؟ ما يعزينا دائما ويخفف عنا ان الصحة جيدة. «أهم شي الصحة». لكن احذروا لأن أي عارض صحي سيدمر ما تبقى منا اذا لم يكن لدينا تأمين صحي بالفريش دولار.