Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر January 27, 2017
A A A
«فتح الشام» تدفع المعارضة إلى «الاندماج»
الكاتب: ايليا ج مغناير - الراي

أعلنت «جبهة فتح الشام» (جفش) الحرب على الفصائل التابعة لـ «الجيش السوري الحر»، التي شاركت في اجتماع استانة للبحث في وقف اطلاق نار شامل على الارض السورية مع استثناء «جفش» وتنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، علماً ان مؤتمر استانة أرجأ البحث بمقرات «فتح الشام» المتداخلة في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية ولم يقبل ممثلون من المعارضة البحث في التفاصيل، الا ان «جفش» ارتأت ان تقوم بعملية استباقية لـ «ابتلاع» فصائل معارضة منتشرة جنباً الى جنب مع مقاتليها في ارياف حلب وادلب.

وتمثل «جفش» مع «أحرار الشام» اكبر الفصائل التي تحارب قوات دمشق وحلفائها في الشمال السوري، بينما تمثل القوات التابعة لـ «الجيش الحر» وتحت اسماء مختلفة عدداً قليلاً إذا ما اخذ كل فريق على حدة، مع الاشارة الى ان هؤلاء لا يملكون العقيدة القتالية ما يعطي «فتح الشام» الارجحية على كل الفصائل من دون استثناء.

وهكذا، لم يجد كل من «صقور الشام» و«جيش الاسلام – قطاع ادلب» (الذي ترأس زعيمه محمد علوش وفد المعارضة إلى استانة)، و«جيش المجاهدين» و«كتائب ثوار الشام» و«تجمع استقم كما امرت» و«الجبهة الشامية» و«لواء المقدام» وعدد آخر من الكتائب والسرايا إلا الاحتماء تحت مظلة «احرار الشام» والانضمام تحت جناحها واعلان الاندماج معها لحماية أنفسهم من القتل، رغم أن «جفش» استطاعت ان تستولي على مخازن اسلحة ومستودعات متعددة تابعة للمعارضة السورية.

01aw20r_2701

غير أن إعلان «ابو عمر»، أمير «احرار الشام» النفير العام وقراره مجابهة «جفش» إذا ما استمرت في قضم المعارضة او مهاجمة مقراتها، دفعها الى التريث وعدم الاستمرار في القتال لأن «جفش» لم تصل الى مستوى «التمكين» و«التغلب» لتجابه اكبر تنظيم مسلح مثل «احرار الشام» ما دام متماسكاً. ويدل هذا الاقتتال الداخلي على هشاشة الوضع في ادلب وأريافها وارياف حلب بين المعارضة والجهاديين وعلى ان الاصطدام واقع عاجلاً ام آجلاً، الا ان توقيته مؤجل اليوم، وهو أمر لن يطول لان «احرار الشام» و«جفش» سيصلان الى يوم في الاشهر المقبلة يعلنان فيه الحرب على بعضهما البعض لاسباب متعددة منها:

• قبلت روسيا واميركا استيعاب «احرار الشام» وجعله تحت مسمى فصيل معارض على النحو الذي لا يصنفه بين اولئك الذين قرر المجتمع الدولي محاربتهم (مثل جبهة فتح الشام وداعش).

• تتمتع «احرار الشام» بفكر أكثر انفتاحاً عن «فتح الشام» وتبتعد عن التكفير والغلو وتضم قلة قليلة من المهاجرين او الاجانب.

• هناك جناح داخل «احرار الشام» اكثر تشدداً من الغالبية وهو قريب من «القاعدة». الا انه لن يشترك يوماً بقتال إخوته في الجزء الاخر – الاسلامي طبعاً – إلا أنه اكثر واقعية في التعامل مع الغرب او الدول التي تحوط سورية (مثل تركيا).

• أعلنت «احرار الشام» رفضها المشاركة في مؤتمر استانة مع مباركتها المشاركين ومن دون اتهام هؤلاء بالخيانة. وقررت «الاحرار» الوقوف الى جانب «فتح الشام»، ليس لانها جزء منها، بل لانها تخشى ان ينشطر تنظيمها الى قسمين إذا ما لبت دعوة تركيا بالذهاب والاجتماع بروسيا وايران، مما سيسبب إضعافها وإضعاف «القاعدة» والخروج من الشمال السوري الى غير رجعة لأن ذلك من شأنه ان يعطي الغلبة للجيش السوري وحلفائه الذين سيجدون أمامهم بلدات ومناطق أنهكها الاقتتال الداخلي.

إذاً تسبب اجتماع استانة بشق صفوف المعارضة والجهاديين، وتالياً فإن «فتح الشام» حققت الاجندة الروسية من حيث لا تعلم بتثبيت صيغة سيطرت «جفش» على الساحة الشمالية السورية تماماً كما كان ومازال يصرح الرئيس بشار الاسد. ومما زاد الطين بلة كان تصريح «فتح الشام» ببيان لها انها «تتواجد على كل محاور القتال» وانها تمثل «ثلثي المقاتلين في جبهات الدفاع والهجوم».

وأعلنت الفصائل المعارضة ان «فتح الشام» استولت على مقراتها الرئيسية والفرعية في اكثر من 40 نقطة رباط في الريف الحلبي الشمالي (حريتان، عندان، حيان وجمعية الزهراء والطامور وغيرها)، متهمة امير «جفش» ابو محمد الجولاني «بتقليد النظام» خصوصاً ان قاعدته انقلبت على الفصائل التي دافعت عنها طوال اعوام في المحافل الدولية. وانقلب الشعار «النصرة تمثلني» الى «كفى بغياً» لتكون الساحة الشعبية مهيأة اليوم اكثر مما مضى للتخلي عن حماية «القاعدة» وعدم توفير البيئة الحاضنة لها.

الا ان المفاجأة الاخرى على الساحة السورية اتت ايضاً من جانب موسكو التي سربت نقاط اقتراح جديدة لاستيعاب المعارضة وانهاء الحرب السورية. فحسب الوثيقة، فان روسيا تقترح تعديل الدستور السوري لتعطي الرئيس مدة محددة في القيادة لـ7 سنوات وستأخذ من جعبته الكثير من الصلاحيات وتعطي استقلالية (او فيديرالية) للاكراد السوريين، رغم ان المراقبين وحلفاء سورية يعتقدون ان روسيا لا تستطيع فرض هذه التغييرات بل ان الامر يرتبط بالبرلمان وتصويته على اي تعديل يمس بصلاحيات الرئيس وان روسيا «تستعجل الحلول غير الناضجة» لرغبتها بتحقيق انتصار سريع بينما لا تملك الارض (بل السماء) ولم تنته الحرب بعد ما دام هناك اطراف متطرّفة (فتح الشام وداعش) على ارض سورية.