Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر August 12, 2024
A A A
غياب القروض السكنية وتوقف التسليف المصرفي ساهما في “الركود الكبير” في القطاع العقاري..
الكاتب: سناء صبرا

كتبت سناء صبرا في “الديار”

بعد خمس سنوات على الازمة المالية والاقتصادية في لبنان وتضرر معظم القطاعات الانتاجية وتراجع القدرة الشرائية والاستهلاكية لدى اللبنانيين، يبقى القطاع العقاري في واجهة القطاعات التي تأثرت بالازمة ، الا انه ما زال صامدا ولم ينهار رغم الركود الكبير الذي يشهده القطاع بحسب خبراء الشؤون العقارية وعلى الرغم من ذلك فلم تشهد أسعار “الشقق” هبوطًا مدويًّا كما كان قد توقع بعض الخبراء.

علما، ان الجمود الحاصل منذ العام 2019 عمق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. كما ان من أحد الأسباب الرئيسية وراء معاناة السوق العقاري هو توقف القروض السكنية، ما جعل من الصعب على الشباب امتلاك شقق أو عقارات. ومع الظروف غير المستقرة أمنيًا وسياسيًا، أصبح الاستثمار في العقارات محفوفًا بالمخاطر وخصوصا بعد نشوب الحرب القائمة في جنوب لبنان والاعتداءات والتهديدات الاسرائيلية بشن الحرب على لبنان، ما بعني ان المناخ السياسي والأمني قضى علي اي فرصة للاستثمار في العقارات “.

 

 

وبحسب أرقام الدوائر العقارية، تراجعت العمليات العقارية في لبنان بنسبة % 84.96 ، بحيث برزت 11,639 عملية شراء وبيع عقارات خلال 2023، مقارنة بـ 77,38أما بالنسبة لأسعار العقارات في ظل هذا الجمود، فهناك تفاوت واضح بين طبقات المجتمع بحسب المناطق فهناك مناطق تدنت فيها الأسعار بحدود الـ 50% والتي تعتمد على القدرة الشرائية لمعظم المقيمين. فيما انخفضت الأسعار بمناطق أخرى ما بين 25% و 30% تقريباً”.

لكن يبقى هناك عمليات بيع للشقق خجولة ومعظمها كان في بعض المناطق الراقية من بيروت كالواجهة البحرية وذلك بعد ان لجأ بعض “المودعين الكبار” الى سحب اموالهم من المصارف بواسطة “الشيكات المصرفية” واستثمروها في شراء الشقق ،وقد وصلت اسعار هذة الشقق الى ما نسبته 70 و 75% من قيمتها الفعلية التي كانت عليها عام 2019، لكن هذة البيوعات لا تعني انها فكت الجمود الذي يضرب القطاع العقاري فمثلا في بعض المناطق مازال اصحاب الابنية يعرضون شققا للبيع بنسبة 50 % من سعرها الحقيقي، ولكن القدرة المالية عند اللبنانييين تراجعت ولا يوجد من يشتري وخصوصا ان القروض السكنية متوقفة ورواتب القطاعين العام والخاص لا يسمحا كما في السابق تقسيط شقة او ادخار بعض الاموال كدفعة اولى.

• الاراضي هي الثقل في السوق العقاري

اما حال البيوعات المتمثلة بالأراضي فلم تشهد عمليات بيع رغم أسعارها التي تراجعت إلى نصف قيمتها، علمًا أنّ الثقل في السوق العقاري يكمن في الأراضي أكثر من الشقق. اذ هبطت اسعار الأراضي ما بين 50و 60% مما كانت عليه في العاصمة .اما خارج بيروت فقد هبطت إلى حدود 75% في بعض المناطق، ولكن كمعدّل وسطي تراجعت الأسعار إلى حدود 40 و 50% من قيمتها مقارنة بالعام 2019″.

وهنا لا بد من الاشارة الى ان سوق شراء المحال التجارية نشط بعض الشيئ في الاونة الاخيرة بقصد عرضه للايجار مع ارتفاع الايجارات نتيجة الازمة الامنية الحاصلة وتراجع اسعار المحلات إلى مستويات متدنيّة جدًا”.

وفي هذا الاطار يشير احد الخبراء “ان القطاع العقاري في لبنان سيكون آخر القطاعات التي ستعاود نشاطها ونموها بعد الأزمة، لأنه لن يكون هناك إستثمار عقاري بالمعنى الإقتصادي الحقيقي من دون تَوَفُّر التمويل لإنشاء مشاريع عقارية، وهذا غير ممكن قبل نهوض القطاع المصرفي”.

• نقيب الوسطاء العقاريين:

الجمود الحاصل اليوم لا مثيل له

وهنا يشرح رئيس نقابة الوسطاء والاستشاريين العقاريين وليد موسى” الذي كان له مشاركة لافتة في “المنتدى العقاري الثاني في لبنان” .اوضاع القطاع المتعثرة بسبب الازمة الاقتصادية والمالية معددا اسباب الجمود والحلول الايلة لاعادة تحريك السوق العقاري بالقول: “وصلنا الى هذه المرحلة من الجمود التام الذي ليس له مثيل في تاريخ لبنان المعاصر. هذا لأنه، بحسب ارقام المديرية العامة للشؤون العقارية، انخفضت العمليات العقارية بحدود 82% في اول 11 شهر من عام 2023 مقارنة بـ اول 11 شهر من 2022 ” وأضاف” دعونا نوضح ما هي اسباب الأزمة العقارية والسكنية التي نعيشها في هذه المرحلة؛

اولاً :غياب الإستقرار السياسي وعدم انتخاب رئيس للجمهورية، طبقاً لما ينصّ عليه الدستور اللبناني، حيث تبدأ الحكومة الجديدة بتنفيذ الإصلاحات الجذرية الملحّة التي طال انتظارها، واهمّها انتظام العمل داخل المؤسسات والإدارات في القطاع العام، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي.

ثانياً: غياب التمويل اللازم عن القطاع العقاري. وهنا نؤكد انه لا يوجد قطاع عقاري مستدام بدون تمويل، تمويل للبناء وتمويل للشراء. نحنا بحاجة للقروض السكنية للمواطنين والتمويلية للمطوّرين، ولكن ايضاً لقطاع مصرفي سليم يستعيد ثقة الجميع به.

ثالثاً: عدم وجود إستقرار أمني؛ في المبدأ، المستثمر بطبيعته هو جبان وحذر. وكيف اذا كان البلد الذي يريد ضخّ الإستثمار فيه يعاني من مناكفات سياسية داخلية وحرب واغتيالات وتهديدات من عدو لايرحم وإجرامه لا يردعه رادع ولاحتى اي قرارات او مواثيق دولية ؟

رابعاً: عدم إنتظام عمل الدوائر العقارية والإقفال الذي استمر بحدود السنتين . وهنا نتمنى على مدير عام مديرية الشؤون العقارية ان ينوّرنا عن تاريخ فتح ابواب جميع الدوائر العقارية للعمل بشكل يومي وطبيعي. هذا الإقفال الذي كبّد الخزينة العامة نفسها حوالي 200 مليون دولار ، واليوم في موازنة 2024 من المتوقع تحقيق مدخول يناهز 350 مليون دولار اذا سارت الأمور بشكل طبيعي.

خامساً واخيراً، عدم وجود رؤية سكنية او اي خطة إسكانية او خطة تشجيعية للاستثمارات العقارية من قبل الحكومات المتتالية وبمن فيها الحكومة الحالية” وتابع” ثمة خطة تم تحضيرها من قبل المؤسسة العامة للإسكان ولكن لم يتم طرحها في مجلس الوزراء منذ سنة 2018، اذا يمنع اي حكومة من الحكومات اوعدد من النواب تقديم مشروع قانون يقضي بإلغاء وزارة المهجرين وإنشاء وزارة للإسكان التي تم إلغاؤها عام “2000 “.”

منصوري: أزمة المصارف

تشكل عائقا لتمويل القطاع

وكان حاكم مصرف لبنان بالانابة قد لفت الى تأثير توقف القروض السكنية على واقع القطاع العقاري، في غياب التسليف المصرفي الذي يشكل عائقا في اعادة اطلاق القطاع رابطا ازمة القطاع العقاري بأزمة المصارف ويشير منصوري خلال مشاركته في المنتدى العقاري الذي انعقد مؤخرا في لبنان. “ﻗﺒﻞ أزﻣﺔ ﺗﺸﺮﯾﻦ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻌﺎم ٢٠١٩، ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﺮوض اﻟﺴﻜﻨﯿﺔ ﺗﺸﻜّﻞ ﺣﻮاﻟﻲ ١٩٪ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﺘﺴﻠﯿﻔﺎت اﻟﻤﺼﺮﻓﯿﺔ، ﻛﻤﺎ اﺳﺘﺤﻮذ ﻗﻄﺎع اﻟﺴﻜﻦ ﻋﻠﻰ ٦٠٪ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع رزم اﻟﺤﻮاﻓﺰ اﻟﻤﺼﺮﻓﯿﺔ ﻟﺪﻋﻢ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﯿﻦ اﻷﻋﻮام ٢٠١٣ و٢٠١٩. ﺣﺎﻟﯿﺎً، ﯾﺸﻜّﻞ ﺗﻮﻗّﻒ اﻟﺘﺴﻠﯿﻒ ﺑﺴﺒﺐ أزﻣﺔ اﻟﻤﺼﺎرف اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﯿﺔ ﻋﺎﺋﻘﺎً ﻛﺒﯿﺮاً ﻓﻲ وﺟﮫ إﻋﺎدة إطﻼق ھﺬا اﻟﻘﻄﺎع. ﻟﻘﺪ أدى ھﺬا اﻟﺘﻮﻗﻒ إﻟﻰ ﻧﻘﺺ اﻟﺴﯿﻮﻟﺔ اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺮﯾﻦ واﻟﻤﻄﻮّرﯾﻦ، ﻣﻤﺎ أﺑﻄﺄ وﺗﯿﺮة اﻟﻤﺸﺎرﯾﻊ اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ وأدى إﻟﻰ ﺗﺠﻤﯿﺪ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻨﮭﺎ. وﯾﺘﻄﻠّﺐ ھﺬا اﻟﻮﺿﻊ إﯾﺠﺎد ﺣﻠﻮلٍ ﻓﻌّﺎﻟﺔ وﺳﺮﯾﻌﺔ ﻟﺘﺤﺮﯾﻚ ﻋﺠﻠﺔ اﻟﺘﻤﻮﯾﻞ اﻟﻌﻘﺎري ﻣﻦ ﺟﺪﯾد. ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ، ﯾﻮاﺟﮫ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات ظﺮوﻓﺎً اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﯿﺔ وﺿﺎﻏﻄﺔ، ﻓﻤﻨﺬ ﺑﺪاﯾﺔ اﻷزﻣﺔ ﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﯿﻮم، ﺷﮭﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻧﻜﻤﺎﺷﺎً واﻧﺨﻔﺾ ﻣﻦ ﺣﻮاﻟﻲ ٥٥ ﻣﻠﯿﺎر دوﻻر ﺳﻨﻮﯾﺎ اﻟﻰ أدﻧﻰ ﻣﻦ ٢٠ ﻣﻠﯿﺎر، وﻓﻘﺪت اﻟﻠﯿﺮة اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﯿﺔ ٩٨% ﻣﻦ ﻗﯿﻤﺘﮭﺎ، ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻠﻎ ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﺘﻀﺨﻢ ٣,٢٢١% ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ٢٠٢٣. أﻣﺎ اﻟﻤﻮازﻧﺔ، ﻓﺎﻧﺨﻔﻀﺖ ﻣﻦ١٧ﻣﻠﯿﺎر دوﻻر اﻟﻰ ٣٫٢ ﻣﻠﯿﺎر. ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻤﺆﺷﺮات اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ، ﻧﺤﻦ ﻧﺮى أن اﻟﻮﻗﺖ ﻗﺪ ﺣﺎن ﻟﻜﻲ ﯾﻌﯿﺪ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﻤﺼﺮﻓﻲ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﺴﻠﯿﻒ، ﻷﻧﮫ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ إﻋﺎدة اﻟﻌﺠﻠﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ ﻣﻦ دون ﻋﻮدة اﻹﻗﺮاض إﻟﻰ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص. ﻓﺎﻟﻘﻄﺎع اﻟﻤﺼﺮﻓﻲ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ ﯾﺸﻜّﻞ ﺟﺰءاً أﺳﺎﺳﯿﺎً وﺣﯿﻮﯾﺎً ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ وھﻮ ﯾﻌﺘﺒﺮ اﻟﻤﺤﺮّك اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻌﻤﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ. وﺗﻮﻓّﺮ اﻟﻤﺼﺎرف واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ واﻷﻧﺸﻄﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ”.