Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر January 22, 2025
A A A
غزة تُطيح بأركان الجيش الاسرائيلي.. وجنين لتعويض الفشل!
الكاتب: غسان ريفي

كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”:

مع وقف إطلاق النار في غزة والبدء في عملية التبادل، ظهرت بوضوح آثار وتداعيات عملية طوفان الأقصى وفشل العدوان على القطاع الذي إستمر 470 يوما في تحقيق أهدافه، على الجيش الاسرائيلي الذي سبق وأعلنت قيادته مرات عدة “أننا نخوض حرب إستنزاف لا أفق لها”، مطالبة حكومة نتنياهو بوضع حد لهذه الحرب.

وقد ترجم ذلك أمس بإعلان رئيس أركان الجيش الاسرائيلي هارتسي هاليفي إستقالته في شهر آذار (مارس) المقبل، وذلك نتيجة فشله في مواجهة أحداث السابع من أكتوبر، كما أعلن قائد القيادة الجنوبية في الجيش يارون منكلمان إستقالته، وقال في تصريح: “إن الفشل في السابع من أكتوبر محفور في ذاكرة حياتي الى الأبد”.

هاتان الاستقالتان اللتان سيليهما إستقالات عدة لقيادات عسكرية صهيونية (بحسب ما أوردت القناة 12 الاسرائيلية) تؤكدان أن إسرائيل فشلت سياسيا وإستخباراتيا وعسكريا في مواجهة طوفان الأقصى، وهي من المفترض أن تدخل في صراع جديد مع طلب زعيم المعارضة يائير لابيد تشكيل لجنة تحقيق لتحديد المسؤوليات، والاسراع في إجراء إنتخابات مبكرة لإختيار حكومة جديدة، ما يعني مزيدا من الضغط على نتنياهو الذي يلجأ الى الحرب والقتل والتدمير لتلافي كأس المحاكمة المر، وهو بات سيفا مسلطا على رقبته.

لذلك، لم يكد نتنياهو ينتهي من العدوان على غزة بعد الاتفاق على صفقة التبادل ووقف إطلاق النار، حتى إتجه بآلته العسكرية نحو مخيم جنين والضفة العربية، في محاولة منه لتمديد هذه الحرب وتوسيعها والاستفادة من دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى البيت الأبيض وتسلمه مقاليد السلطة، كون نتيناهو يعوّل عليه كثيرا في توفير المزيد من الدعم ومن الحماية، لا سيما مع تأكيده أن “الاستيطان ليس عقبة في وجه عملية السلام، خصوصا أن خارطة إسرائيل صغيرة عليها”.

لا شك في أن العدوان الاسرائيلي الجديد على الضفة الغربية يأتي من بوابة “سردية النصر” التي يحاول العدو ترويجها سواء في غزة أو في لبنان أو في جبل الشيخ في سوريا واليوم في الضفة الغربية، خصوصا أن نتنياهو أكد وما يزال أن “إسرائيل خاضت الحرب على سبع جبهات ونحجحت في تغيير وجه الشرق الأوسط” لكن يبدو أن نتنياهو وحده الذي يصدق هذه “السردية” في الوقت الذي يرى العالم بأسره بشاعة المشهد، وهزيمة إسرائيل إنطلاقا من كونها فشلت في تحقيق أهداف الحرب التي أعلنتها لا سيما في غزة ولبنان.

لذلك، فإن العدوان على جنين يهدف الى أمور عدة أبرزها:

أولا: توسيع العمليات الاستيطانية والاستفادة من وجود دونالد ترامب في البيت الأبيض.

ثانيا: تعويض الفشل في غزة، حيث أن نتنياهو الذي أعلن أنه سيقضي على المقاومة الفلسطينية وسيستعيد الأسرى بالقوة، خضع أخيرا للمفاوضات معها والتي أفضت الى إعادة الاسرى وفقا لتوقيت حماس.

ثالثا: محاولة نتنياهو إرضاء الائتلاف اليميني المتطرف ووزير المالية سموتريتش الذي هدد بالاستقالة والاطاحة بالحكومة في حال توقفت الحرب على غزة.

رابعا: الايحاء بصورة إنتصار وهمية أمام المجتمع الاسرائيلي.

خامسا: إستفادة نتنياهو من إستمرار الحرب للحصول على مكاسب داخلية ومواجهة خصومه والهروب من المساءلة والمحاكمة.

الى ذلك، طرح العدوان على جنين جملة من الأسئلة لجهة، إذا كانت الاعتداءات على غزة ناتجة عن عملية طوفان الأقصى، ما هو الذنب الذي إقترفته الضفة للاعتداء عليها اليوم؟، وإذا كان الاسرائيلي يعتبر أن غزة تشكل خطرا وجوديا عليه، فما هو الخطر الذي تشكله الضفة؟، ثم أين السلطة الفلسطينية من كل ما يجري؟، ولماذا لم تتدخل لوقف هذا العدوان الجديد؟، وهل ستدفع الضفة فصائل المقاومة الى التعاون مع بعضها البعض لصد العدوان؟، أم الأمر قد يترجم بعمليات من نوع آخر في مناطق ومدن وبلدات فلسطينية محتلة؟.

في كل الأحوال، ثمة حقيقة ثابتة، هي أن الاسرائيلي لا يتطلع الى الفلسطيني إلا شهيدا أو أسيرا أو مشردا، ولم يعد أمام الفلسطينيين من حل سوى المقاومة وتفعيل الكفاح المسلح كونه كيان جشع ودموي وإستيطاني!..