Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر April 8, 2017
A A A
غريب هذا التواطؤ الموضوعي بين اميركا والجهاديين!
الكاتب: سميح صعب - النهار

روسيا وليس سوريا
*

سوريا هي أولى حروب دونالد ترامب في العالم. هذا رئيس في أشد ما يكون حاجة الى نيل شرعية لرئاسته بعد الحملات الواسعة في الداخل الاميركي التي تقول بأن روسيا هي التي أوصلته الى البيت الابيض ولم يصل بأصوات الاميركيين.

وقبل ترامب فعلها جورج بوش الابن عام 2001 الذي كان ثمة تشكيك في شرعيته بعدما كان يؤخذ عليه انه وصل الى الرئاسة بقرار صدر عن المحكمة العليا بوقف فرز الاصوات في فلوريدا اثر اشكالات في أوراق الاقتراع. وبعد أشهر من انتخابه ذهب الى الحرب في افغانستان مستنداً الى هجمات تنظيم “القاعدة” في نيويورك وواشنطن ومن ثم ذهب في 2003 الى الحرب في العراق. وحاول بوش عبر هاتين الحربين صياغة رئاسته وإكسابها الشرعية.
واليوم ينطلق ترامب من خان شيخون كي يبدأ أولى حروبه التي عادت تجمع الاميركيين من كل الشرائح حولها قبل أن يبدأوا انتقادها في ما بعد عندما يبدأون بدفع الاثمان. ولم ينتظر ترامب اجراء تحقيق في ما جرى في خان شيخون، ولا صدور قرار من مجلس الامن حول الهجوم الكيميائي، بل سارع الى العمل العسكري الاحادي. وهذا نهج تسير عليه الإدارات الاميركية منذ انتهاء الحرب الباردة وحتى الآن وكأنه الدليل على أن اميركا لا تزال الدولة العظمى الوحيدة في العالم وأن لها الحق وحدها في قيادة العالم من دون منازع.
الرسالة الصاروخية الاميركية تتعدى النظام في سوريا ليصل صداها الى أسوار الكرملين. ونصها أنه ممنوع على روسيا أن تعود دولة ذات مكانة دولية على قدم المساواة مع الولايات المتحدة، وأن كل ما يحكى عن عالم متعدد القطب لا يزال ضرباً من الوهم ما دامت الولايات المتحدة تتمتع بقوة اقتصادية تؤهلها لإنفاق أكثر من 650 مليار دولار على الموازنة العسكرية.
والرسالة الصاروخية الاميركية التي بعث بها ترامب الى سوريا بينما كان يصافح الرئيس الصيني شي جينبينغ في أحد منتجعات فلوريدا، تحمل تحذيراً واضحاً لبيجينغ كي تضبط جارها الكوري الشمالي وكي لا تذهب بعيداً في تحركاتها العسكرية في بحر الصين الجنوبي في مناطق متنازع عليها مع اليابان.
منذ حرب العراق عام 1991 والولايات المتحدة تتصرف وكأنها شرطي العالم. لا يعني هذا أن مبدأ القوة الذي تعتمد عليه أميركا يضفي الشرعية على أفعالها. ومجدداً تعود واشنطن لخوض حروب لا ينجم عنها سوى تعزيز جانب القوى الجهادية في العالم. وكل ما قاله ترامب من انه لن يتبنى سياسة اسلافه في عملية بناء الامم في الخارج وتغيير الانظمة، لم يكن سوى خداع. والمشكلة ان اميركا تهدم دولاً وأنظمة وأن “داعش” و”القاعدة” يملآن الفراغ.
غريب هذا التواطؤ الموضوعي بين اميركا والجهاديين!