Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر March 25, 2018
A A A
غربال الثلاثاء
الكاتب: عمر حبنجر - الأنوار

منتصف ليل الاثنين – الثلاثاء تتظهر اللوائح الانتخابية ومعها تتبلور اتجاهات الناخبين، الذين لن يكون بوسعهم، مع هذا القانون الانتخابي ذي اللائحة المعصومة، تمييز الغث من السمين، انما كل ما يستطيعه هو التأشير على اسم وصورة المرشح الأعزّ لديه، مقدما له ما يعرف بالصوت التفضيلي.

أهمية حصر اللوائح أيضا في الغربلة الحكمية التي تجريها للمرشحين، ممن فوّتوا مهلة الانسحابات، لعل وعسى يحالفهم الحظ بالعثور على مقعد في لائحة قيد الاكتمال، لكن الحظ كالنسيم السريع، لا يمكن القبض عليه بسهولة.

من هنا فان من فاجأهم تدنّي أعداد المنسحبين ضمن المهلة ٥٨ مرشحا من أصل ٩٧٦ يتوقعون تساقط العشرات، ان لم يكن المئات، عن شجرة اللوائح المحدودة الاستيعاب، من دون ان تتسنى لهم فرصة بيع انسحابهم الى رئيس هذه اللائحة أو تلك، لتأتي التصفية الأخيرة في السادس من أيار، عبر الحاصل الانتخابي والصوت التفضيلي، اذا ما أقبلت الظروف، وأدبرت الآثام، ومرّ الربيع اللبناني بأمان وسلام.

المراصد الاقليمية، توحي بانضباط الأمور، بدليل تراجع الهمس حول مصير هذه الانتخابات، تحصل أو لا تحصل، لكن القلق ما زال يكمن في زوايا الأذهان والأفكار، فغيرنا الصوت، ونحن الصدى، وهناك فارق شاسع بين أن تكون الصوت، أو أن تكون الصدى.

اللافت ان محطّ كلام المرشحين تحوّل من التشكيك باجراء الانتخابات في الموعد المعلن، الى التأكيد على حتمية التخلص من قانون الانتخابات العنكبوتي المعقّد، اثر حصولها بعدما اكتشف الجميع، بمن فيهم أصحابه وصنّاع بنوده، انه كالغول الذي يأكل حتى أولاده.

أخطر ما في هذا القانون غموض نتائجه، وقوننته لارادة الناخب، بل ومصادرة خياراته، من خلال حصرها بالصوت التفضيلي الواحد. ولولا هذا الغموض، لما رأينا السماء تمطر مرشحين ولوائح، واللوائح ظاهرها تحالف وباطنها يا ربّي نفسي، أو أحبّك يا إسواري إنما قد زندي لأ…
انه قانون مغاير لطبيعة الأشياء، وحتى للطبيعة البشرية، فلا شيء في الطبيعة يعيش لنفسه، النهر لا يشرب ماءه والأشجار لا تأكل ثمارها والشمس لا تشرق لذاتها، انه قانون الله، ومن دونه سنبقى في دائرة الضياع.

واذا كان من حسنة لهذا القانون، تذكيره بحسنات القوانين الانتخابية السابقة، أو بمعظمها، فالحسن يظهر حسنه الضدّ، ومن حسناته أيضا انه يصغّر الكتل الكبيرة بدل ان يكبّرها، ويفسح المجال لتحريك الأسواق، بفضل طفح السيولة وازدهار البورصة الانتخابية، في بلد يتعطّش معظم ناخبيه، لما هو غير ممارسة الحق الدستوري، أو إرواء الظمأ من حرية الرأي، وصحة التمثيل وسواها من الشعارات المحببة.

والمؤسف، ان هذا بعض من عاداتنا، وبحسب مارك توين، لا يمكن التخلص من العادة برميها من النافذة، بل يجب جعلها تنزل عن الدرج، درجة درجة….