Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر July 31, 2023
A A A
غداً عيد الجيش… بأيّ حال يعود؟!
الكاتب: نايلة تويني - النهار

غداً عيد الجيش اللبناني. في الاول من آب، كانت تقام الاحتفالات في كل المناطق والثكنات، وتوزَّع السيوف على الضباط الجدد، وتُرفع القبعات منهم ولهم. في عيد الجيش، كان اللبنانيون يتضامنون مع جيشهم وينظرون الى تلك المؤسسة خشبة خلاص، ويؤكدون مرارا وتكرارا انها الضامنة للبلد ولأمنه واستقراره ووحدته.

لكن العيد يأتي حزينا، وإن كان الاصرار على بقاء الجيش الضامن الاول، وليس الأوحد كما يدّعي البعض، اذ إن المؤسسات الدستورية هي التي تضمن البلد وتوفر الغطاء للجيش وغيره، ومتى عانت المؤسسات من عدم انتظام، يصير الجيش وغيره في تصريف اعمال، اي في ثلاجة انتظار ما سيأتي، وما سيُقرر، وما سيصيب كل مؤسسة وفرد من تلك القرارات.
الجيش اليوم ليس في أفضل حال. ولا نكشف سراً في هذا المجال. ومعاناة الجيش تتمثل على مستويات عدة. منها ما هو مزمن، وبنيوي، ومنها ما هو طارئ، ومرتبط بالاوضاع العامة المتدهورة.

في البنيوي، ان قائده من الطائفة المارونية، وهي الطائفة نفسها لرئيس الجمهورية. وصار كل قائد جيش يطمح لان ينتقل من اليرزة الى بعبدا، وهذا الطموح – الشرعي وغير الدستوري – يجعل حسابات السياسة تطغى على حسابات العسكر في احيان كثيرة، علماً ان نجاح تجربة الرئيس فؤاد شهاب او غيره، على مستويات مختلفة، لا يعني حكماً نجاح العسكر في السياسة، بل العكس هو الصحيح. واذا كان الطموح شرعيا، فان انتقال قائد الجيش الى بعبدا، وهو لا يزال في الخدمة، مخالف للدستور، حتى وإنْ تآمر النواب على الدستور وعدّلوا فيه ما شاؤوا ومتى شاؤوا خدمة لهذا الفريق او ذاك الهدف.

أما احوال الجيش المرتبطة بالاوضاع العامة في البلاد فحدِّث ولا حرج. الاوضاع المالية جعلت العسكر في حاجة. والخوف كل الخوف ان يجوع العسكر في كل دولة، لانهم غالبا ما يشكلون وقود الثورات والانقلابات، و الفوضى. وحمداً لله ان الجيش اللبناني لا يزال صامدا في وجه الاعاصير التي تلفّه من كل صوب. والمؤسف ان قيادة الجيش، ومعها كل الدولة، صارت تستعطي لتوفر للجندي مبلغا اضافيا يسدّ جوعه، وذلك بعدما فُتحت له ابواب العمل الاضافي خارج المؤسسة.

والجيش يعاني من فراغ في مواقع عدة، يحول دون ملء هذا الفراغ خلافات سياسية ادارية، واحيانا شخصية، تجعل من المؤسسة العسكرية مطية لهذا او ذاك من السياسيين او الطامحين.

الجيش اللبناني كان، ولا يزال، مفخرة للوطن، وضمانة له، وحبذا لو يجري تحييده عن كل الصراعات والحسابات المتداخلة، كما إبعاد السياسة عنه، للمحافظة على ما تبقّى من الوطن المنهار، قبل ان يعمّ الانهيار.

الجيش في عيده يستحق أكثر من أغنية، يستحق التقدير المتجسّد بالأفعال.