Beirut weather 22.43 ° C
تاريخ النشر October 13, 2021
A A A
«ع الحلوة والمرة»… ميزان الربح والخسارة
الكاتب: الشرق الأوسط

يصحّ اعتبار مسلسل «ع الحلوة والمرة» («إم بي سي 4» و«شاهد»)، استراحة لطيفة. استلقاء من دون تفكير و«pause» من المشاعر الثقيلة. لا تتكفل أحداثه بالإزعاج، وصنفه لا يكبّد مزيداً من العبء. مواقف طريفة تدنو أحياناً من البساطة، وسياق يلفّ حول فكرة واحدة: تحضيرات العرس. دراما على الطريقة التركية، من بطولة نيكولا معوض ودانا مارديني، مع باميلا الكيك وجو طراد. هل هو نقلة نوعية لرباعي البطولة؟ ربما لا. المسلسل (إعداد السيناريو والحوار: لبنى مشلح ومي حايك؛ إخراج فكرت قاضي)، يخفف عن الناس ولا يضيف الكثير فنياً لأبطاله. ليس انتقاصاً من قدراتهم؛ إنما لأن السياق لا يحتمل قبض الأدوار على محمل الجد. الممثلون يتسلّون ويسلّوننا.

مناخ المسلسل تركي، مع فارق، يرجى التوقف عنده: لا نواح! البطلة، دانا مارديني، بدل كآبات الليل والنهار، وفتح الشلالات الدفّاقة في العينين الواسعتين، تستبدل بالمآسي الهزل. كوميدية العمل هي نجاته. فيه نسمات «هضامة»، فهو ليس من المسلسلات التي تشغّل الرأس وتحرق الأعصاب. المشاهدة للترفيه فقط لا غير.

ما القصة؟ «لانا» (باميلا الكيك) عروس مستقبلية، والمسلسل يدور حول التحضيرات لعرسها من دون الجزم بأنه سيتم. الكيك في دور يلبسها تماماً: الثرية الدلوعة. تشعر بأن شيئاً ليس على ما يرام في علاقتها بـ«ريان» (نيكولا معوض)، ومع ذلك تستمر في مطاردة أوهام الهناء الكامن في حبهما الملتبس. الماضي محرّك الأحداث، والحاضر استجابة لنيرانه. فمن بين كل منظّمي الأعراس، لم يقع «ريان» إلا على «فرح» (دانا مارديني)، حبيبته التي تركها في يوم زفافهما، لتنظّم له عرسه. ظن أنه طوى الصفحة، إلى أن ظهرت مجدداً في حياته، «فخربطته وخربطها».

تصب المواقف في موقف لا قبله ولا بعده: الطريق إلى «الفضيحة». كل ما يحدث مصدره ترسبات الماضي، وما جرى سابقاً بين حبيبين لم يتجاوزا صدمة القدر. لا «ريان» ولا «فرح» شُفيا من الفراق. فإذا بالصدفة تخبط بيدها على الطاولة: الحبيبة السابقة تنظّم عرس الحبيب السابق، وتصبح صديقة خطيبته. ماذا بعد؟ يدخل «وسام» (جو طراد) على الخط، ولا يبدو أنه خصم سهل. للصدفة أيضاً، «وسام» شقيق «لانا». و«لانا» خطيبة «ريان». و«ريان» يحوم حول «فرح». لحِّق على ضحك.

مرّت 30 حلقة، والمفاجآت ليست من العيار الثقيل. هناك إنذارات، أي إنّ حادثاً يقع، فيمرّ على خير. يجتمع «ريان» و«فرح» على مواقف محرجة، نهايتها واحدة: الخروج كالشعرة من العجينة. منذ الآن وحتى يُكشف الحبيبان السابقان، لن ينتقل المسلسل إلى مرحلة جديدة. شك «وسام» بـ«فرح» يرفع الحماسة. الحلقات للمغامرة معروفة النتيجة: المياه تجري من تحت قدمي «لانا» المتظاهرة بسعادة مشكوك فيها، لكن ذلك لن يدوم طويلاً.

المسلسل ثنائيات، بين ثلاثي يضيف طعماً لذيذاً على الخلطة: كارمن لبّس بشخصية «أسمى»، الأرستقراطية الأنيقة (والوحيدة) الواثقة بنفسها؛ محمد خير جراح بشخصية «صلاح» الأب الطيب القلق على ابنته؛ وسلمى المصري بدور هستيري: «شيري»، الأم الناقمة على من حولها. الثلاثية الذهبية، «ثقل» المسلسل. تنضم إلى ثنائية عفوية، هي الأكثر انسجاماً: هادي أبو عياش بدور «تيم» ونور علي بدور «آية». شاب يبحث عن فرصة لإثبات الحب، وشابة تبحث عن الإحساس بالقبول، فترمم الخذلان في داخلها. هنا، تكتمل التركيبة: ثنائيات الغرام، بجانبيه الحلو والمر. ما يريده القلب ولا يحصل عليه.

نيكولا معوض عفوي، سلس، يمرّ على الشاشة كشربة ماء. دور «ريان» من دون مطبات، لا يحك جلده. لطفه أقوى من القسوة الموجودة في الشخصية. ودانا مارديني فنانة، تُحسن التقلّب بين الضحكة والدمعة. تمسك بتعابير وجهها وتُخضع ملامحها للدور. حضورها في المسلسل مفلوش، لا يقتصر على موقف واحد. واضطرابها كوميدي، خفيف على القلب. كما أن جو طراد ممثل شاطر، لم تختلف عليه الأجواء كثيراً عن «عروس بيروت». المواجهة مع «ريان» بسبب الحب، أجمل من لقطات الحب نفسها. يصبح الرجل ذئباً حين يتعلق الأمر بامرأته. لا يداري الود ولا يحفظ خط الرجعة.

تبقى باميلا الكيك التي تضيف إلى الدور رشّة سكر زيادة. الشخصية مُحلّاة، وأمكن شدّ بعض تفاصيلها. فالتراخي يغلب أحياناً. هو الدور الذي يشترط شابة ثرية، تتعامل مع الحياة كطفلة مدللة. تملك كل شيء، وتفقد أهم الأشياء: الطمأنينة. في اللحظات التي تخرج فيها «لانا» عن دلعها وتصطدم بالخوف، تصبح حقيقية. الإفراط في الدلع يعرّضها لخطر الـ«فايك» ويحاول أن يسطّحها. في انتظار ردّ الفعل بعد الكشف عن المستور. فالمرأة العاشقة حد التغاضي عن برودة حبيبها، لن تسكت عن وجود امرأة عائدة من الماضي، تنغّص عليها فرحتها. المواجهة بينها وبين دانا مارديني، نقلة المسلسل النوعية.

الميزان ليس خاسراً، وهو أيضاً لا يحقق أرباحاً طائلة. أجمل ما فيه بعده عن النكد. لا بأس إن ضحكنا على المغامرات الساذجة وانتظرنا مسلسلاً لا يتطلب تركيزاً عميقاً. في هذه الأيام يفيض الهم. «يلي فينا مكفينا».