Beirut weather 13.54 ° C
تاريخ النشر August 26, 2017
A A A
عين الحلوة الى أين؟
الكاتب: محمود زيات - الديار

مجددا، ومع كل جولة اشتباكات يشهدها المخيم، يُطرح السؤال نفسه، وسط مخاوف من جولات امنية جديدة في المستقبل، طالما ان كل الحلول الموضوعة لمعالجة الاشتباكات الاخيرة، التي دارت على مدى اسبوع بين الاسلاميين المتشددين المتناغمين مع التنظيمات الارهابية، ما تزال «ترقيعية» تؤجل المعالجة التي تنادي بها اوساط فلسطينية واسعة ولا تفرضها، لـ «يتحرر» اكبرالمخيمات الفلسطينية في لبنان من اجندات العبث بالامن اللبناني، الذي يشكل امن المخيمات جزء منه.

تقدمت مجموعات حركة فتح العسكرية الى داخل حي الطيرة، المعقل الاساسي للجماعات الارهابية التي يقودها بلال بدر وبلال عرقوب اللذين تواريا عن الانظار، واقاما في احد الاحياء المتاخمة لحي الطيرة، وعززت حركة «فتح» من وجودها العسكري، وافسحت في المجال امام القوة الامنية الفلسطينية التي تضم مختلف الفصائل الفلسطينية، للانتشار في الاحياء التي تحولت الى جبهات قتال، كخطوة اولى لتفكيك «مؤقت» للغم الذي قد يعود ليظهر من جديد، في جولة جديدة ..وربما في حي جديد من احياء المخيم.

الهدنة التي يشهدها مخيم عين الحلوة، التي افضت اليها حالة اللاحسم مع الجماعات الاسلامية المتطرفة، ترى فيها اوساط قيادية فلسطينية، انها فرصة لاعادة تنظيم الجماعات الارهابية صفوفها، لتكون في جهوزية تامة لخوض جولة تفجير امني جديدة، وان كانت حركة «فتح» اصرَّت على البقاء في المناطق التي سيطرت عليها خلال المعارك، وقد فرض الواقع العسكري في «ميدان» حي الطيرة هذه الخطوة التي كانت في السابق مرفوضة من قبل جماعة بلال بدر، وكشف مصدر امني فلسطيني ان بلال بدر وبلال عرقوب غادرا حي الطيرة، قبيل الاعلان عن وقف النار ظهر الخميس الماضي، ومجموعات من انصارهما الى حي الصفصاف وان ظهور هؤلاء علني، حيث يقيمون بحماية جماعات اسلامية متشددة، قدمت دعما مباشرا بالاسلحة والمقاتلين الى جماعة بدر.

الاتهامات متبادلة بين مختلف الفصائل والقوى الفلسطينية حول ما جرى في الايام السبعة للاشتباكات، وبخاصة حول الصيغة الجبهوية التي تجمع كافة الفصائل في اطار دور وطبيعة ووظيفة القوة الامنية الفلسطينية المشتركة المكلفة تولي الاشراف على الوضع الامني والتعامل مع اي متورط في احداث امنية، وبخاصة في حي الطيرة، لكن الاتصالات، وفق ما يقول قيادي فلسطيني، لم تنقطع والتنسيق في حده الادنى ما زال متوفرا، استجابة لمصلحة المخيم وسكانه، اما عن اصطدام حركة «فتح» بمواقف مغايرة لمواقفها في مسألة الحسم العسكري مع الجماعات، فاسبابه متعددة ومعقدة، بعضها مرتبط بالواقع اللبناني الذي لم يكن جاهزا لمعركة عسكرية في عين الحلوة، بالتزامن مع معارك مع التنظيمات الارهابية في جرود رأس بعلبك والقاع يخوضها الجيش اللبناني من الجانب اللبناني و«حزب الله» والجيش السوري من الجانب السوري، وبالتالي، فان اي توسيع للمعركة سيحدث ارباكا على المستويين الفلسطيني واللبناني، وان كانت المعركة التي تخوضها حركة «فتح» وبقية الفصائل ضد جماعات ارهابية، معركة تلقى اجماعا فلسطينيا ولبنانيا، في حين ان قياديين من حركة «فتح» يلقون اللوم على بعض الفصائل الفلسطينية التي بدت غير متحمسة لمعركة عسكرية حاسمة.

خطورة الاوضاع الامنية في مخيم عين الحلوة، فرضت على القيادة المركزية لحركة فتح ورئيسها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الى ايفاد المشرف على ملف المخيمات الفلسطينية في لبنان لدى السلطة الفلسطينية عزام الأحمد الذي بدأ تحركا باتجاه القيادات الفلسطينية والمسؤولين اللبنانيين، من دون ان يحمل اي جديد في ما خص الملف الامني في مخيم عين الحلوة، فالتقى النائب بهية الحريري في بيروت، بحضور السفير الفلسطين في لبنان اشرف دبور وامين سر قيادة حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي ابو العردات، واجرى اتصالات مع امين عام التنظيم الشعبي الناصري الدكتور اسامة سعد.

وكانت الحريري التقت في مجدليون وفدا من القوى الاسلامية الفلسطينية في مخيم عين الحلوة، ضم رئيس الحركة الاسلامية المجاهدة الشيخ جمال خطاب ومسؤول عصبة الأنصار الشيخ ابو طارق السعدي، كما التقت بحضوره وفدا من حركة حماس برئاسة المسؤول السياسي للحركة في لبنان الدكتور احمد عبد الهادي حيث جرى بحث في التطورات الأمنية الأخيرة في المخيم وسبل العمل على اعادة تثبيت الأمن .الاوضاع الامنية في عين الحلوة، كانت عنوان اللقاء الذي جمع رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود مع قيادة حركة «حماس» برئاسة الدكتور احمد عبد الهادي وقياديي عصبة الانصار والحركة الاسلامية المجاهدة.

والتقى امين عام التنظيم الشعبي الناصري الدكتور اسامة سعد في مكتبه في صيدا، وفدا من حركة حماس برئاسة المسؤول السياسي للحركة في لبنان الدكتور أحمد عبد الهادي يرافقه مسؤول منطقة صيدا أيمن شناعة، ومسؤول العلاقات اللبنانية زياد حسن، بحضور أعضاء من قياديي التنظيم، كما التقى وفد القوى الإسلامية، وتم التداول في اوضاع المخيم، والتأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار ونشر القوة الأمنية والتعويض على المتضررين. كما تم التأكيد على ضرورة وضع حد نهائي لمسلسل الأحداث الأمنية المتكررة في المخيم التي تؤدي إلى سقوط الضحايا البريئة، كما تلحق أفدح الأضرار والخسائر بالمخيم وسكانه، فضلا عما يهدد المخيم ودوره ومصيره.

وشدد سعد على معالجة أسباب الاشتباكات، لا نتائجها فقط، محذرا من تكرارها، ومنبها من الأوضاع المزرية التي وصل إليها المخيم، وداعيا إلى المعالجة الشاملة لهذه الأوضاع على مختلف الصعد السياسية والأمنية والمعيشية والاجتماعية. كما شدد على أهمية انطلاق أي معالجة من توحيد مواقف الفصائل الفلسطينية حول أولوية التصدي لكل من يعبث بأمن المخيم خدمة لمشاريع خارجية لا تمت بأي صلة لمصلحة القضية الفلسطينية أو للمصلحة الوطنية اللبنانية.