Beirut weather 20.3 ° C
تاريخ النشر September 13, 2017
A A A
“عيد الصليب”… قصة انتصار الحياة على الموت
الكاتب: ريتا الدويهي - موقع المرده

يحمل الرابع عشر من ايلول عيداً من اكبر الاعياد في الشرق، وهو “عيد الصليب” الذي يرمز الى علامة انتصار السيد المسيح على الموت، حيث يمتزج نسيم نهاية الصيف مع نيران دافئة يشعلها المسيحيون احتفاءً بالعيد، ويعود اضرامها للامل الذي يتمثل بالالتفاف حولها وسط فرح بالمخلّص الذي أحرق خطايا البشر بموته على خشبة تحولت مع عذابه عليها لاداة مغفرة بدلاً من العار، لا سيما ان الرومان كانوا يستخدمونها كمشنقة لتعذيب كل من يعارض سلتطهم الاستبدادية.
ولعيد الصليب الذي يرمز لموعد اكتشاف خشبة الصليب بعد اخفائها ارضاءاً للشر المسيطر على اليهود آنذاك، محطة خاصة في حياة المسيحيين في مختلف اصقاع الارض “فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة اللَّه”.ولهذه المناسبة تقاليد مختلفة، من اشعال النار الى تناول حبات الرمان التي ترمز للكنيسة الواحدة التي تجمع المؤمنين، ووفقاً للرواية فانه وبعد صلب المسيح وقيامته قام البعض من اليهود المتعصبين بردم قبر المخلص ودفن الصليب المقدس وصليبَي اللصين الآخرين اللذين كانا معه، نظراَ للمعجزات التي كانت تحدث بجوار القبر المقدس، فاختفى أثره منذ ذاك الوقت ولمدة تناهز ثلاثة قرون من الزمن. وفي مطلع القرن الرابع الميلادي أراد قسطنطين الكبير أن يأخذ روما ويصبح إمبراطورَ الغرب، فشن معركة ضد عدوه “ماكسينـتيوس” على مشارف المدينة بالقرب من نهر “التايبر”، وفي الليلة التي سبقت المعركة ظهر الصليب في السماء محاطاً بالنور وكانت أم قسطنطين الملكة هيلانة مسيحية، لذا كان لدى ابنها مودّة تجاه المسيحية، فجعل راية الصليب تخفق على كل راية وعلَم، وخاض المعركة وانتصر على عدوِه. وعندما أصبح إمبراطوراً على روما، أمر بهدم معابد الأصنام وشيد مكانها الكنائس. بعدها نذرت والدته القديسة هيلانة أنْ تذهب إلى أورشليم لنيل بركة الأراضي المقدسة، ولما وصلت أخذت شيخاً من اليهود وضيقت عليه بالجوع والعطش حتى اضطر إلى اعلامها بالمكان الذي يحتمل وجود الصليب فيه، وتم العثور على 3 صلبان خشبية، ولما لم يعرف صليب الرب، اقترح بطريرك أورشليم بأن يختبروا فاعلية الصليب ولأجل ذلك أحضروا ميتاً ووضَعوا عليه أحد الصلبان فقام الميت ومجَّد اللـه، وبذلك توصَّلوا إلى معرفة الصليب الحقيقي للسيد المسيح.
وتعتبر رسم اشارة الصليب على وجه المؤمنين قبل بدء الصلاة، أول حركة ايمانية تعلمها المسيحيون وترافقهم دوماً، ولهذه الحركة رمزية كبيرة خاصةً عندما تترافق بكلمات: “باسم الآب والابن والروح القدس”، وترقى قصة “الاشارة” لفترة تتزامن مع فترة انطلاقة الكنيسة الرسولية حيث لم تكن الرموز بداية علنية، الى ان أصدِر مرسوم ميلانو، وتمَّ الاعتراف رسمياً بالدين المسيحي، وأقِرّت الحريات الدينية، ولاستخدامها عمق شخصي وعميق حيث يُشَبه التزام المسيحي بالمعمودية بقسم جنود الإمبراطورية: “إن انطلقنا في الطريق، إن دخلنا أو خرجنا، إن لبسنا أو اغتسلنا أو ذهبنا الى المائدة أو السرير أو إن جلسنا، نرسم في مستهل كلّ هذه الأعمال اشارة الصليب على جبيننا.”
وتبقى عبارة “كل مين صليبو على قدو”… “ايقونة” يستخدمها كل مسيحي مصاب للدلالة على معاناته، وتيمناً بمعاناة المسيح لاجلنا على الصليب.