Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر October 17, 2020
A A A
عون بين العودة الى الصواب او العزلة
الكاتب: علي حمادة - النهار
كلما مر الوقت وتزاحمت التجارب، يكتشف اللبنانيون حجم الكارثة التي يمثلها ميشال عون رئيسا. آخر التجارب و ليس الأخيرة، الخطوة السيئة التي قام بها عشية موعد الاستشارات الملزمة، بتاجيلها مدة أسبوع بذريعة ما يسمى “عدم توافر الميثاقية المسيحية” لتطليف سعد الحريري تشكيل الحكومة. انها سقطة كبيرة تضاف الى مسلسل لا ينتهي من السقطات التي تراكمت منذ يوم انتخاب الجنرال ميشال عون رئيسا. و لعل السقطة الأخيرة التي أتت بخلفية شخصية وعائلية ومصلحية ضيقة، تؤكد ما كنا نقوله منذ وقت طويل، بأن هذا العهد وبال على لبنان. انها نقمة الدهر تضرب اللبنانيين، وباتت أكثرية اللبنانيين ترى انه بأفعاله هذه، غير مؤهل للبقاء في منصبه، و خصوصا انه تجاوز ما كان يدعيه من انه يستعيد صلاحيات كانت مسلوبة، ليحاول جعل الدستور مطية لمصالح عائلية معروفة. وكل الذرائع التي ساقتها “مصادر” رئاسة الجمهورية لتبرير تأجيل الاستشارات الملزمة لم تقنع غالبية اللبنانيين الذين رأوا فعلة رئيس الجمهورية تجاوزا خطيرا للدستور، و للاعراف، ومحاولة تطويع لهما وللمؤسسات لمصلحة خاصة ضيقة على قياس صهره جبران باسيل.
لقد ارتكب عون خطأ كبيرا بتأجيله الاستشارات، أولا بسبب ممارسته الاعتباطية و غير المقنعة لصلاحياته الدستورية، و ثانيا بسبب تجاوزه إرادة غالبية أعضاء مجلس النواب، و ثالثا بسبب تعريضه المبادرة الفرنسية الى مزيد من الاهتراء. والادهى من ذلك انه فيما البلاد تسلك طريق المنزلق الكبير نحو الكارثة الكبرى التي لن تكفي كل حكومات العالم لتخليص اللبنانيين منها، اتى رئيس الجمهورية بدوافع عائلية ، ليرمي العراقيل بوجه تكليف رئيس جديد للحكومة، وبوجه تشكيل حكومة جديدة ينتظرها المجتمع الدولي لكي يجلس مع أركانها الى طاولة المفاوضات المالية الضرورية لاخراج اتفاق انقاذي يحول دون الانهيار التام.
صحيح ان رئيس الجمهورية ممتعض من بعض الشكليات التي تجاهلها الحريري في مبادرته، و صحيح انه استشعر بوجود صفقة تحت الطاولة بين الحريري وكل من “الثنائي الشيعي” والحزب التقدمي الاشتراكي وآخرين، وانه و صهره يريدان ان يجلسا على الطاولة، لكن من قال ان الصفقة تمت حكما؟ و من قال انه بالإمكان تجاوز رئيس الجمهورية بسهولة ؟ فدور الرئيس محفوظ في مكان ما في آلية التشكيل والتوقيع اللذان يمنحاه قدرة على انتزاع “حصة” من على طاولة المحاصصة متى وجدت. و مع ذلك كله لا يمكن لميشال عون ان يتصرف بهذه الطريقة التي تشبه الى حد بعيد ممارساته في مرحلة 1988-1990، و التي انتهت بكارثة المذبحة المسيحية – المسيحية و اجتياح السوريين قصر بعبدا و لجوئه الى السفارة الفرنسية على النحو الذي نعرفه .
نقول انه، وبصرف النظر عمن سيكلف تشكيل الحكومة المقبلة، سعد الحريري او غيره، على رئيس الجمهورية ان يعود الى جادة الصواب، و ان يضع حدا لهذا الأسلوب في ممارسة صلاحياته، وخصوصا عندما تكون الممارسة شخصانية، مصلحية، عائلية، لئلا يصبح عبئا على الأصدقاء و الحلفاء قبل الخصوم و الأعداء ، فيجد نفسه معزولا في نهاية حياته السياسية .