Beirut weather 28.41 ° C
تاريخ النشر September 26, 2016
A A A
عودة النازحين مفتاح الحلّ للارهاب
الكاتب: دوللي بشعلاني - الديار

يكتشف المتابع للمحادثات التي تجري في كواليس الأمم المتحدة أنّ موضوع رئاسة الجمهورية في لبنان مؤجّل الى أجل غير مسمّى. حتى أنّه لم يعد موضع نقاش بين أي من المسؤولين على أعلى المستويات. فلبنان في وادٍ وحسابات قادة العالم في وادٍ آخر لا تهمّهم سوى مصلحتهم أولاً وأخيراً..

ويلحظ أي مراقب وهو يجول في شوارع نيويورك أيضاً بأنّ الأميركيين ليسوا متحمّسين كثيراً للانتخابات  الرئاسية الأميركية التي تجري في الثامن من تشرين الثاني المقبل، فلا صور ترتفع للمرشحين المتنافسين الديموقراطية هيلاري كلينتون, والجمهوري دونالد ترامب. واللافت أنّ «ترامب تاور» الضخم الذي يقع في أحد شوارع هذه المدينة الكبيرة التي لا تنام يستحوذ على انتباه المارة والسياح فليتقطون الصور أمامه، كونه يرمز الى أحد المرشحين للرئاسة.

غير أن ما يظهر في شوارع نيويورك من عدم مبالاة بالانتخابات الرئاسية التي باتت على قاب قوسين لتحديد إسم الرئيس الجديد للبيت الأبيض الذي سيحكم العالم خلال السنوات المقبلة، هو عكس ما يجري من حروب مستعرة بين المرشحين ومناصريهما على شاشات التلفزة الاميركية، لا سيما في برامج ‘التوك شو» التي يمكن مشاهدتها في أي ساعة وعلى قنوات عدة، منذ الصباح وحتى المساء، والاطلاع على الاستفزاز المباشر من قبل مناصري كلّ من المرشحين، بهدف إيصال مرشحه.

لكنّ أحداً في أروقة الأمم المتحدة، على ما تؤكّد أوساط ديبلوماسية لا يربط الإنتخابات الأميركية باللبنانية، فلو فازت كلينتون أو فاز ترامب، فلا شيء سيتغيّر بالنسبة للبنان ودول المنطقة، ولا شيء سيزيل بالتالي العقبات أمام انتخاب الرئيس، فالأمر مرتبط بشكل مباشر بالإتفاق الأميركي- الروسي على جملة أمور، إلاّ أنّه لم يحدث بعد.

وما يُقلق بال قادة وشعوب العالم اليوم، على ما ذكرت أوساط ديبلوماسية مواكبة، ليس مغادرة الرئيس الأميركي باراك أوباما البيت الأبيض أو من يحلّ مكانه. وكان قد ودّعمهم في إطلالته الأخيرة في الجمعية العمومية في الأمم المتحدة مفنّداً بالكلام ما يحتاجون اليه اليوم من دون أن يحمل عهده سوى الأزمات، وليس حلّها، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.

فما يُقلق كلّ رؤساء وزعماء العالم الذين تحدّثوا في أعمال الدورة العادية ال 71 للجمعية العمومية للامم المتحدة والتي لا تزال تجري في نيويورك حتى الساعة هو موضوع واحد ألا وهو أزمة النازحين السوريين والمهاجرين غير الشرعيين الذين يبلغ عددهم الملايين ويجرّون مع انتقالهم من بلد الى آخر ثمّ الى ثالث الويلات والأعباء، فضلاً عن خشية تغييرهم للأنظمة والديموغرافيا، على غرار ما حصل في بعض دول الشرق.

تبدو الدول الأوروبية شديدة القلق في ظلّ ما تظهره دول العالم من فشل في حلّ هذه الأزمة الكبيرة التي طالتها أخيراً، وعدد كبير منها بات يتفهّم موقف لبنان في هذا الإطار الذي تنقله الديبلوماسية اللبنانية، وعلى رأسها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل خلال المؤتمرات الدولية أو الإجتماعات الثنائية والجانبية التي تحصل في نيويورك، كونه يُعاني ويتحمّل أعباء جمّة نتيجة وجود أكثر من مليوني نازح ولاجىء على أرضه. كما أنّ باسيل يصرّ على عودة النازحين الآمنة الى بلادهم، وليس الطوعية على ما يحلو لكلّ منهم، كونه يجد فيها المفتاح الرئيس لحلّ مسألة الإرهاب التي تضرب لبنان ودول العالم.

غير أنّ هذا التفهّم لا يكفي، بحسب الأوساط نفسها، فالمطلوب أن تتحرّك هذه الأخيرة لمنع إبقاء النازحين السوريين حيث هم في دول الجوار، ومن ضمنها لبنان، الى حين إيجاد الحلّ النهائي للأزمة السورية، فيُخيّروا عندها بالعودة الى بلادهم أو بالتوجّه الى أي من دول اللجوء في العالم توافق على طلبهم بعيداً عن الأراضي اللبنانية. فلا حلّ جذرياً لهؤلاء إلاّ بعودتهم الى بلادهم، وقد بدأ عدد كبير منهم يعود الى المناطق الآمنة في سوريا. فلا يمكن للمرء التخلّي عن أرضه وجنسيته واللجوء الى دول لا تمتّ اليه بصلة، بهدف الحصول على المساعدات أو العيش على حساب الدولة..

وألمحت الاوساط الى أنّ الحلّ السلمي للأزمة السورية الذي قد يفضي الى تقسيمها، على ما تعمل وتريد دول عدّة في المنطقة والعالم، من شأنّه أن يمهّد الى العودة الشاملة للسوريين، إذ يعود كلّ منهم الى المنطقة التي يتبع لها سياسياً ودينياً وطائفياً وما الى ذلك، من دون إثارة أي مشاكل مع هذه الجهة أو تلك.

والخوف المتفاقم من أزمة النزوح، يرتبط أيضاً بالإرهاب الذي نتج عنها من خلال تسلّل الارهابيين في صفوف النازحين والمهاجرين المسالمين الفارّين من المعارك الى الدول الأوروبية. حتى أنّ الإنفجار الذي شهدته تشيلسي في نيويورك وأوقع 29 جريحاً وجاء تزامناً مع انعقاد الدورة العادية للأمم المتحدة، وجد فيه البعض رسالة واضحة الى دول العالم التي تقوم بمحاربة الإرهاب، تقول الاوساط بأنّ الارهابيين لا يزالون حاضرين، ويمكنهم ضرب أي بقعة في العالم، في أي ساعة يشاؤون، حتى ولو كانت الولايات المتحدة نفسها. علماً أنّ هذه الأخيرة تنشر رجال الشرطة في نيويورك شوارع نيويورك وأحيائها بشكل كثيف جدّاً وذلك للحفاظ على سلامة وأمن المواطنين والسيّاح والعاملين فيها.

من هنا، فلا تداول بأي من أسماء المرشحين الى الرئاسة اللبنانية، تؤكّد الأوساط نفسها، وأكثر ما يهمّ دول العالم هو أن يجري انتخاب الرئيس أياً يكن، علماً أنّ الجميع يغفل مدى ارتباطه بالإتفاق الأميركي – الروسي، كما بين السعودية وإيران. فمن دون غسل القلوب وتنقية النوايا لا يمكن للإتفاقات الدولية أن تُثمر رئيساً للبنان