Beirut weather 26.41 ° C
تاريخ النشر July 4, 2024
A A A
عودة “التزلف” في “المصنع”
الكاتب: مرسال الترس

كتب الاعلامي مرسال الترس في موقع الجريدة تحت عنوان: عودة “التزلف” في “المصنع”

يبدو أن اللبنانيين أو الشعوب التي عاشت على هذه الأرض قد فُطرت على التزلف و”الانبطاح” أمام من يحكمها لتيسير أمورها وفق مفهوم “التجارة” في كل شيء!
فقد كشفت موسوعة تاريخية أعيد إصدارها في السنوات الأخيرة للمؤرخ الزغرتاوي جواد بولس عن اللغة التي كان يستخدمها حكام المدن والولايات في بلاد “كنعان وسوريا ولبنان” إزاء الفرعون تحتموس الثالث في مصر الذي كرّس سلطته على تلك البلاد في القرن الخامس عشر قبل الميلاد… ومما جاء في بعض نصوص الرسائل التي عُثر عليها في تل العمارنة:
“إلى الملك، سيدي، إلهي وشمسي، وأيضاً: “أنا خازانو مدينة ن…خادمك وغبار قدميك والأرض التي تدوس عليها، خشبة كرسيك وسلّم رجليك، وحافر خيلك، إني أنقلب على ظهري وبطني سبع مرّات متمرغاً بالغبار عند قدمي الملك، سيدي، شمس السماء…فأنا خادم الملك وكلب بيته، وأنا أحرس كل بلد، ن…من أجل الملك سيدي”.
هذا الأمر – وربما هي الصدفة – قد تزامن مع حالتين على الساحة اللبنانية تعكسان تفكير المجموعات التي تعيش على هذه الأرض في القرن الحادي والعشرين بعد الميلاد:
*فرغم الحرب والمناوشات العسكرية التي تحكم الوضع في الجنوب اللبناني مساندة لما يجري في قطاع غزة من تدمير وإبادة ممنهجين منذ تسعة أشهر دون أي إنقطاع، هناك مناطق أخرى في لبنان تعتبر نفسها غير معنية بما يجري في جنوب البلاد، وأهلها الى جانب كونهم غريبين كلياً عن أجواء الحرب والمقاومة، فكثيرين منهم لا يتورعون بالتعبير عن آرائهم بفظاظة ووقاحة تجعل الآخر على قناعة تامة بأنهم يفضلون أن يربح العدو الاسرائيلي على الشريك في الوطن. مع التذكير بان هذا العدو كان ينظر بفوقية مطلقة إزاء هذه المجموعات التي تستمد قوتها منه، عندما قُدِّر له ان يحتل العاصمة بيروت في العام 1982 ويساهم في إيصال رئيس للجمهورية.
أما الحالة الثانية فتجسدت في الإزدحام غير المعقول والمسبوق على الحدود اللبنانية – السورية وبشكل خاص عند نقطة المصنع. مع الإشارة الى أن مجموعات كبيرة من اللبنانيين التي كانت تبني مستقبلها السياسي على العلاقة مع الوجود العسكري السوري في لبنان. ولكنها بعد إندلاع الحرب على سوريا في العام 2011 إنقلبت على نفسها مئة وثمانين درجة. وها هي اليوم وبعدما لمست ملامح العودة العربية الى دمشق فانها تمني النفس في العودة الى ما مضى من عهود والتباري في “نظم القصائد” في مدح حكام أرض الشام أو فتح خطوط إتصال باتجاههم!
إنه ولا شك الطبع المبني على التزلف المرتبط بالأنانية المفرطة والبعيد كل البعد عن المبادئ والذي لا يمكن ان يبدّل فيه أي مظاهر من “التطبع” أو “التطبيع” وما يتصل بهما من تعابير.