Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر September 29, 2017
A A A
عواصف خليج المكسيك وفلوريدا قد تنقذ ترامب
الكاتب: مروان اسكندر - النهار

أقلقت توجهات ترامب أقرب معاونيه كما رؤساء دول مؤثرة كألمانيا وروسيا والصين. وتراجعت شعبية ترامب حسب استطلاعات الرأي العام بسرعة وهو لو ترشح اليوم لما انتخبه سواء الشعب أو مندوبو التصويت في الولايات.

اضرار عواصف خليج المكسيك وما أصاب صناعة النفط والغاز ومعامل التكرير كانت كبيرة، لكن الاضرار الافدح واجهت سكان هيوستن والمناطق المحيطة بها. والخوف من النتائج تعاظم مع العواصف التي اجتاحت جزر البحر الكاريبي ومن ثم مناطق شاسعة في فلوريدا. ويكفي ان 6.5 ملايين منزل ومسكن ومخزن ومدرسة الخ تضررت الى حد كبير في هذه الولاية التي يقطنها 22 مليون أميركي وأميركية غالبيتهم ممن قصدوا فلوريدا للتمتع بطقس دافئ بعد انهاء أعمالهم ومن ثم تقاعدهم وسعيهم للعيش الهنيء.

التقديرات الاولية لتكاليف اعادة تجهيز قواعد البنية التحتية ومن ثم المنازل والمدارس والمؤسسات العامة تفيد عن خسائر تتجاوز الـ300 مليار دولار، وهذا الرقم بالغ الارتفاع حتى في الولايات المتحدة حيث حجم الدخل القومي على مستوى 20 تريليون دولار.

كيف لهذه الاضرار ان تفيد ترامب وربما تؤخر المطالب المتصاعدة بإقالته من رئاسة الجمهورية؟

يتذكر الجميع، سواء في الولايات المتحدة أو خارجها، ان ترامب في سعيه للنجاح في حملته الانتخابية ركز الى حد بعيد على مشروع انجاز جدار حماية على طول الحدود الاميركية مع المكسيك، وهو اعتبر ان هذا الجدار سيحول دون استمرار تسلسل آلاف المكسيكيين للعمل في الولايات المتحدة، وخصوصاً في الولايات الغربية حتى الحدود المكسيكية، مثل تكساس وكاليفورنيا واريزونا الخ.

وكان ترامب يدعو الى ترحيل جميع الاجانب المقيمين في الاراضي الاميركية ممن لا يحوزون إجازات اقامة وعمل، ويقدر عدد هؤلاء ب11 مليون مهاجر غير شرعي. وتقديرات تكاليف ترحيل هؤلاء تفوق مستوى الاضرار التي تحققت، ومشروع الترحيل لقي معارضة في صفوف العديد من أعضاء حكومة ترامب وكبار المسؤولين في ادارته.

الاضرار المستجدة والتي سارع ترامب الى تخصيص 8.5 مليارات دولارات من المساعدات للمتضررين في تكساس، من الصعب تأمين الاموال اللازمة لمعالجتها. ومعلوم ان الكونغرس يفترض ان يصوت على رفع سقف مديونية الولايات المتحدة قبل نهاية هذا الشهر، وهذا الوضع كان واضحاً قبل الاضرار التي اصابت نحو 24 مليون أميركي واميركية.

اضافة الى الحاجة المالية الملحة التي تفرض على الكونغرس رفع سقف الاقتراض قبل نهاية شهر ايلول، وتالياً صعوبة تخصيص مبالغ ضخمة تفوق كثيرًا 8.5 مليارات دولار التي بادر الى تخصيصها الرئيس الاميركي، هنالك موضوع العمالة من الوافدين غير الشرعيين.

يبدو ان الملايين الـ11 غير الشرعيين، يحوزون نسبة مرتفعة من الوظائف، وان ثمة حاجة في ولاية تكساس وحدها الى 800 الف مهاجر جديد للإسهام في اعادة البناء.

لذا فإن ترامب لن يستمر في المطالبة بسياسات لترحيل المهجرين التي كانت تلقى معارضة، كما ان المخصصات لانجاز الجدار لمنع تسلل المكسيكيين والتي لم تلق موافقة من الكونغرس لن تتوافر وتالياً سقطت سياستان مستغربتان كان يتمسك بهما الرئيس الاميركي.

وهنا نأتي الى لب مشاكله مع بقية العالم. فهو كان قد اعلن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس الهادف الى ضبط ارتفاع حرارة المناخ وخفض نسبة التلوث عالميًا بهدف الوقاية من الفيضانات والاعاصير.

وكان ترامب أشار في زيارته لفرنسا للمشاركة في احتفالات 14 تموز الى انه ينوي بعد الانسحاب من اتفاق باريس ادخال تعديلات تسهم في ضبط ارتفاع الحرارة وتوسع التصحر. وكان الرئيس الصيني قد انتقد ترامب على موقفه. والصين هي ثانية كبرى الدول الملوثة للبيئة في العالم، لكن الحكام الصينيين بادروا الى وضع اهداف تتجاوز ما يوصي به اتفاق باريس.

وللتوضيح نذكر ان الصين انجزت حقولاً واسعة للالواح الحرارية التي تسهم في تأمين الكهرباء وتجاوزت طاقة هذه الحقول طاقة انتاج الكهرباء من الفحم الحجري التي كانت تعتمدها، وهي تسعى الى اقفالها خلال عشر سنين واحلال الطاقة الشمسية والهوائية مكانها حفاظًا على البيئة وصحة الـ1.2 مليار صيني الذين اصبحوا يتمتعون كأمة بثاني اكبر دخل في العالم. وتكاليف انتاج تلك الالواح انخفضت بنسبة 70 في المئة، والصين والهند، وهما البلدان اللذان يبلغ عدد سكانهما 30 في المئة من البشرية، تجهزا بالألواح الحرارية باعلى معدل في العالم عام 2016.

ارتداد ترامب عن استهدافات اتفاق باريس اصبح أمرًا مؤكدًا وعلى الغالب سيحاول تقليد المنهج الصيني، وهو ان فعل، وان تخلى عن ترحيل المهاجرين غير الشرعيين وانجاز جدار العزلة، قد يستفيق على نسبة تأييد أعلى له من الاميركيين وتالياً يستطيع تمديد ولايته فترة تتجاوز ما توقع الكثيرون من انها ستكون قصيرة بسبب سياساته الخرقاء.

المانيا التي تشتكي من سياسات ترامب حققت حتى تاريخه أفضل تحسين على صعيد اعتماد وسائل انتاج الكهرباء المستدامة من الالواح الزجاجية والمراوح الهوائية وقد اصبحت هذه الوسائل تغطي 32 في المئة من حاجاتها من الطاقة. وفي 2022 ينتهي عهد مولدات الطاقة النووية في المانيا التي اصبحت الدولة الكبرى اوروبيًا ونجحت في تجاوز مفاعيل ازمة 2007 – 2008، ذلك أن نسبة البطالة لا تتجاوز الـ4.5 في المئة، والمانيا تحقق أكبر فائض على ميزانها التجاري في العالم.