Beirut weather 31.32 ° C
تاريخ النشر May 24, 2024
A A A
عن نظرة الحزن في عيون الفيحاء
الكاتب: اللواء

كتبت صحيفة “اللواء”

في خضم حملات الإفتراء السياسي والتشويه الإجتماعي، التي تتعرض لها عاصمة الشمال، للنيل من مكانة ثاني أكبر مدينة في لبنان، وإلصاق تهم الإرهاب بأهلها، تسطع مبادرة إعلان «طرابلس عاصمة للثقافة العربية»، لتبدد الكثير من المظلومية التي لحقت بالفيحاء وأهلها الميامين، في السنوات الأخيرة.
طرابلس التي كانت في الخمسينات والستينات مدينة صناعية مزدهرة، أصبحت اليوم تُعاني من أعلى نسبة بطالة في لبنان، بعد تضرر مصانع الخشب والحديد والمعدات الأخرى في بداية الحرب.
طرابلس التي تتوفر فيها كل مقومات لعاصمة إقتصادية ليس للبنان وحسب، بل على المستوى الإقليمي، حيث المرفأ الذي يستقبل أكبر بواخر الشحن، والمطار المغلق على بُعد كيلومترات في ضاحيتها الشمالية، ومصفاة نفط المعطلة وتُستخدم خزاناتها كمستودعات لتخزين النفط والفيول المكرَّر في الخارج!، ومباني معرض دولي كبير تمتد مساحته على مليون متر مربع، ويُعتبر تحفة هندسية عالمية، وأُدرجته منظمة الأونيسكو مؤخراً على لائحة التراث العالمي، ورغم كل هذه المقومات الأساسية، والنادر توفرها في مدينة واحدة عالمياً، فإن طرابلس تُعتبر المدينة الأكثر فقراً بين مدن حوض البحر الأبيض المتوسط.
طرابلس التي كان يسكنها رؤساء جمهورية وحكومات، ويلتقي على منابرها المفكرون والأدباء والشعراء، وتستضيف قاعاتها المؤتمرات والندوات، وأسواقها مركز جذب للبنانيين والجيران السوريين، وشوارعها مشعشعة بكهرباء قاديشا، التي كانت تؤمن الطاقة لمناطق عديدة في الشمال، هي اليوم أشبه بقرية كبيرة، تفتقد إلى أبسط مواصفات المدن الكبرى: شوارعها مظلمة، النفايات تُحاصرها، الفوضى تسيطر على طرقاتها، آثارها مهملة، مدارسها متصدعة، والبيوت القديمة تتساقط فوق رؤوس ساكنيها.

طرابلس، مدينة العلم والعلماء، تعض على الجرح، وتتسلح بالصبر والإيمان، وتتمسك بتراثها العروبي والوطني العريق الحاضن لتجربة العيش الواحد بين الأديان، وترفع اليوم راية الثقافة العربية، بفخر وإعتزاز، لعل دعم وزارة الثقافة، وجهود وزيرها الهمّام، تؤدي إلى تغيير نظرة الحزن في عيون الفيحاء.