Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر October 20, 2018
A A A
عن الشعارات المطويّة… والبدائل المنتظرة؟
الكاتب: جورج شاهين - الجمهورية

إعتاد اللبنانيون على معادلات سياسية وحكومية لا بد لها من أن تتراجع لحظة ولادة الحكومة، لتُستَبدل بأخرى تتماشى والمرحلة المقبلة بمحطاتها الدستورية، بما فيها تلك التي تتصل بالبيان الوزاري، وصولاً الى الإنتاجية والتضامن الحكوميَّين. فما هي العبارات التي يجب نسيانها وتلك التي سيتم تداولها؟
سيُضطر اللبنانيون الى نسيان كثير من المعادلات السياسية والشعارات، التي صمّت آذانهم منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، لتقلب التطورات صفحة حكومية وتفتح أخرى على كثير مما هو متوقّع وقليل مما هو مجهول.
فمعظم المحطات المقبلة مكشوفة على ما هو متوقع من أحداث. وخوف اللبنانيّين من أن لا شيء سيتغيّر سوى بعض الوجوه التي ستقلّد مَن سبقها وتعيد تمثيل الأدوار المستنسخة عن تجارب سابقة.
بداية، لا بد من أن ينسى اللبنانيون شعارات الفترة التي واكبت تشكيل الحكومة. ومنها مثلاً، «النسبية» تأسيساً على قانون الإنتخابات و»طريقة ترجمة نتائجها»، و«الميثاقية» التي رافقت الحديث عن حصر التمثيل الدرزي بطرف واحد، وإصرار الحريري على احتكار المقاعد السنية على رغم تنازله عن أحدها لمصلحة رئيس الجمهورية، وسط حديث غير ثابت عن تنازله عن آخر لمجموعة «نواب سنّة 8 آذار».
كما على اللبنانيين أن ينسوا عبارات الحملات المتبادلة بين «التيار» و«القوات» و«الإشتراكي» في مرحلة التأليف، ومنها «الغدر والخيانة» و«الحق» بـ«نَيل» تلك الحقيبة «السيادية» أو «الأساسية» أو«الخدماتية» أو تلك، عَدا عن سلّة «وزارات الدولة». ويضاف إليها شعارات «الطعن في الظهر» والخروج على «وثيقة النيات» و«تفاهم معراب» و«الإحراج للإخراج» و«الإقصاء للتفرّد والاستئثار»، وغيرها من الشعارات منذ أن جُمِّدت التفاهمات السابقة، ومنها وثيقة معراب التي بقيت سريّة الى حين فَضحِ مضمونها الذي صدمَ الأوساط المسيحية والوطنية التي رغبت في أن يكون لقاء الحزبين «مصالحة مسيحية» تطوي سنوات المواجهات التي بدأت دموية وانتهت نقابيّة وطالبيّة وسياسيّة، لا تقاسم مواقع وإلغاء الآخرين.
وعليه، سيكون على اللبنانيين فتح معاجم جديدة لشهر على الأقل بدءاً من أولى جلسات الحكومة، وتشكيل اللجنة الخاصة المكلفة وضع البيان الوزاري. وهو أمر سيفرض العودة الى شعارات وعبارات سابقة، يعاود الحديث عنها، كما في كل استحقاق حكومي، ومنها «السلاح غير الشرعي» ومواجهة التطورات الاقتصادية والعجز في مواجهة كلفة الدين العام، وسيواكبها نقاش سياسي ودستوري للبحث في مدى تطابقها والدستور ومقتضيات «وثيقة الوفاق الوطني».
كان ذلك قبل 26 عاماً عند صدور ما عُرف يومها بـ«إتفاق الطائف»، قبل ان يتحوّل دستوراً. ولا يجهل أحد ما طرأ عليه من تعديلات عندما جرى تطعيمه، بعد حرب تموز 2006 وأحداث 8 أيار 2008، بشعارات عدة، في مقدّمها ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، وفي موازاتها الثلاثية الأخرى التي قالت بـ«الجيش والشعب والدولة» ودور القوى الأمنيّة الشرعيّة في ضبط الأمن بمفردها، إضافة الى ما يتناول تدخّل بعض اللبنانيين في أحداث المنطقة.
والى هذه النقطة التي سيتجدد النقاش فيها، ثمّة بحث مجدداً في المخارج المقترحة لها وبعبارات تضمّنها بيان «النأي بالنفس» الذي صدر في 5 كانون الأول الماضي، بعد شهر ويوم على استقالة الحريري من الرياض وعودته الى بيروت من طريق باريس، بما تضمّنه من تجديد الموقف الرسمي الرافض التدخل في شؤون الدول العربية، على خلفية البحث في دور «حزب الله» في اليمن ودول خليجية أخرى، كما بالنسبة الى وقف الحملات الإعلامية التي شكّلت اختباراً سيّئاً عندما ثبت لاحقاً أنّ «الحزب» لم يلتزم ما جاء في البيان في أكثر من مناسبة وموقف الى الآن.
وعلى هامش النقاش المرتقب حول البيان الوزاري، ثمة من يقول انّ هناك مخرجاً لكل نقطة ستُثار فيه ولن تكون هناك أزمة فعلية كتلك التي رافقت تأليف الحكومة.
لكنّ النقاش سيفتح مجدداً، وكما هو متوقّع، حول ضرورة حماية «التضامن الحكومي»، وخصوصاً إذا نقل المشاركون فيها مواقفهم من متاريسهم الحالية الى طاولة مجلس الوزراء، وهذا ينذر بمواجهات تقسّم الحكومة وتفرز اعضاءها مجدداً بين موال ومعارض، وهو أمر يُحتسب له من الآن.
فتركيبة حكومة العشرات الثلاث ستسمح بالمناكفات التي ستتجدد حول عدد من الملفات الكبرى الداخلية والإقليمية، وليس أدلّ الى ذلك أكثر من مواقف الجميع المتناقضة من العلاقة مع سوريا وملفّات الكهرباء والنفايات، وغيرها من الخطط الحكومية التي تتناول القضايا العالقة في الأدراج الحكومية منذ سنوات، والتي ورثتها الحكومة السابقة عن سابقتها، وستهديها الى الحكومة الجديدة في مسلسل قد لا ينتهي قريباً.