Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر July 20, 2022
A A A
عن أي عيش مشترك تتحدثون؟!
الكاتب: عبد الفتاح خطاب - اللواء

 

نتفاخر بالتجربة اللبنانية والصيغة الفريدة، وبالفسيفساء من العادات والتقاليد والثقافات، وبالتنوّع في الأديان والمذاهب، لكن نـتصرّف وكأن ذلك مجرّد دعاية سياحية.
ونـتكلم عن التسامح والعيش المشترك والتعايش، لكننا نتصرّف بشكل مصطنع وكأنه أمر يجب مجاهدة النفس على إتيانه والقبول به ثمناً لاستمرار الوطن، وليس لأنه نمط حياة ومتعة وفرادة.

ثقافة التسامح ليس نتيجة قرار يُتخذ، أو توافق بين المجموعات في الوطن الواحد. وعلى تعدد التعريفات فإن التسامح يعني الانفتاح على التنوُّع والتعدُّد بمختلف أشكاله، وقبول الآخرين وحقهم الكامل في الاختلاف في الرأي والمنحى في الحياة، ونهج التسامح هو عماد العيش المشترك أو العيش الواحد.
لكن قبل الوصول إلى هذه المرحلة السامية، فليسأل كل منكم نفسه وبمنتهى الصراحة، ماذا يعرف عن «الآخر» سواء لجهة التقاليد والأعياد والمناسبات والمفاهيم، أو لجهة العادات الخاصة بالتهنئة والتعزية والمواساة والزواج والمرض وغيرها.
ماذا نعرف عن عيد الأضحى وعيد الفطر وعاشوراء؟ وماذا نعرف عن الفصح وانتقال السيدة العذراء والجمعة العظيمة؟
هناك جهات سياسية ودينية وبلدية تمنع بيع الأراضي بين أبناء الطوائف المختلفة، أو حتى مجرد التمكين من الاستئجار والإقامة والعمل.
كما اننا لم نتمكن لأسباب طائفية من توحيد كتاب التربية الوطنية لأننا لم نتفق على ماهية الوطن، وكذلك لم نتمكن من توحيد النظرة إلى علاقة الدين بالدولة.
ثمّ ان النقاش الدائم والمستمر والمستفيض حول العيش أو التعايش المشترك هو بحدّ ذاته مؤشر خطير يدلّ على أننا نعيش فترة «هـدنة» فـقـط. وصحيح أننا لسنا في حالة حرب أهلية، لكن هذا لا يعني أننا في حالة سلم أهلي!
من الواضح أنه لا يمكن بناء وفاق وطني على «الفولكلور» والتكاذب المتبادل، أو على فرض التعايش المشترك، بل يجب أن يأتي الوفاق بولادة طبيعية من تزاوج الثوابت الوطنية والمصالح والقناعات والرغبات، وسيادة روح التسامح الحقة.
ثقافة التسامح تبدأ بالقناعة التامة والصدق الخالص والشفافية المطلقة، انطلاقا من القلب وانطلاقا من العقل معاً.
الشيء الوحيد المشترك بيننا في هذا الوطن هو النّق والنفاق وغياب النقل «المشترك»!