كتب مرسال الترس في موقع “الجريدة”
منذ تسلم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهامه رسمياً، مطلع هذه السنة في ولاية ثانية، انغمست الإدارة الأميركية حتى الثمالة في تقديم “الخدمات” لحكومة كيان الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو الذي اقترف من الجرائم في قطاع غزة بما يفوق أي تصور، إن لجهة جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها بالمجازر التي يريد فيها إبادة غزة والتي أسفرت عن نحو ستين ألف شهيد وأضعافهم من المفقودين والجرحى والمعوقين، أو لجهة التدمير شبه الشامل لكل ما هو قائم من مباني.
كل ذلك دفع المجتمع الدولي، الذي يقف متفرجاً، إلى التساؤل: لماذا تعمل إدارة “أقوى امبراطورية” في القرن الحادي والعشرين بخدمة إحدى الدول الصغرى من حيث المساحة وتعداد السكان، فتسخّر كامل قدراتها وتستخدم مختلف الأساليب المتاحة من أجل تقديم شهادة حسن سلوك للكيان الذي تم إختراعه بوعد بريطاني أُطلق عليه إسم “وعد بلفور”!
ويبدو أن إدارة ترامب مستعدة لفتح حرب مع كل من يواجه كيان الاحتلال الإسرائيلي:
* صحيح إن واشنطن تفاوض إيران، ولكن أهدافها المعلنة هي تقويض البرنامج النووي الذي يقلق كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي يهدّد منذ سنوات بتدمير ذلك البرنامج. وتدرك حكومات الاحتلال جيداً أنها لن تستطيع ذلك من دون مساعدة أميركية كاملة، الأمر الذي قد يجر ليس إلى حرب إقليمية وحسب وإنما قد يكون مقدمة لحرب عالمية ثالثة بكل ما فيها من أسلحة نووية!
* انجرّت واشنطن للإنخراط في شن غارات جوية عنيفة على اليمن لمحاولة تقليص الاستهداف الصاروخي وعبر الطائرات المسيّرة من صنعاء بإتجاه الأراضي المحتلة. مما عرّض الأساطيل الاميركية لأكثر من استهداف وهزّ صورة القوة التي لا تقهر.
* ها هي “واشنطن العظمى” تنكث بالوعود المالية والاقتصادية التي قطعتها لدول مثل مصر والأردن، من أجل توقيع اتفاقيات سلام مع العدو الإسرائيلي، وتمارس عليها ضغوطاً كي لا تصل إلى مستوى تنافس فيه كيان الاحتلال المدلل.
* لا يمكن نسيان الأدوار غبر الأخلاقية التي مارستها الإدارات الأميركية المتعاقبة على كل من العراق وليبيا وسوريا خدمة لبقاء الكيان المصطنع مسيطراً.
* شهدت وسائل الاعلام العالمية على الاساليب المذلة التي اعتمدها الرئيس ترامب مع ملوك ورؤساء وزعماء، لدفعهم إلى إتخاذ مواقف تخدم تفوّق كيان الاحتلال الإسرائيلي، وآخرهم رئيس دولة جنوب افريقيا التي اتهمها ترامب بأنها دعمت حركة “حماس” في غزة و “حزب الله” في لبنان.
وجاء في تقرير نشرته “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأميركية ” إنَّ دولة جنوب أفريقيا “اختارت التحالف مع المنظمات المسلحة والكتل المُعادية للغرب”، مشيراً إلى أنَّ “هذه السياسات تقوض الأمن القومي الأميركيّ”!
بدل أن تكون الدول الصغيرة في خدمة “السلطان”، وفق مفهوم “التسيّد” الدولي، بات واضحاً أن الآية قد انقلبت، وأن ما يجري يتم تنفيذاً لرغبات اللوبي الذي له اليد الطولى في مختلف إدارات الدولة العميقة التي تتحكم بمصير سياسات الكوكب، وبالتالي فكل الاحتمالات واردة!