Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر November 16, 2020
A A A
عندما يخطئ موارنة من لبنان في قراءة التاريخ!
الكاتب: مرسال الترس - سفير الشمال

شكلت العقوبات التي رفعتها الولايات المتحدة الأميركية بوجه صهر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على خلفيات الفساد الذي تفشى في الوطن الصغير، حالة جدلية دفعت أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله إلى رفع الإشارة الحمراء إزاء هذا التصرف حتى ولو طال خصومه في السياسة.
صحيح أن شريحة واسعة من المواطنين قد تضامنت مع باسيل إزاء تصرّف مسؤولين أميركيين غارقون هم اصلاً في “فساد” انتخاباتهم الرئاسية، لكن أن يتنطح أحد المستشارين السابقين لوزير الخارجية الأسبق الذي “قدّر له الفلك” أن يتسلم مقاليد مقعد وزاري ليقول عبر إطلالة إعلامية: “إن باسيل هو اول زعيم مسيحي إتخذ موقفاً بوجه اميركا”! فذاك إهانة واضحة للعديد من المواقف الفذّة التي رفعها مسؤولون لبنانيون منذ أن فرضت واشنطن وجودها في هذه المنطقة في خمسينيات القرن الماضي كوريثة للاستعمارين الفرنسي والبريطان مع ما رافق ذلك من تحيّز فاضح للكيان الصهيوني.
في ذلك الكلام تجنٍ كبير على قَدَر رجالات ستبقى أسماءهم مضيئة في التاريخ الماروني واللبناني. بخلاف مرور العديد من المسؤولين الذين لم يحسنوا إستخدام وجودهم كقادة لهذه الطائفة التي كانت في اساس تكوين هذا اللبنان، وما زالت مؤثرة في إدارة دفته.
ولمن خانتهم الذاكرة عن قصد أو جهل لا بد من التذكير ببعض المواقف لمجلّين، إزاء التصرفات الأميركية وفق التسلسل الزمني:
فرض رئيس الجمهورية كميل شمعون عام 1956 على السفير الاميركي شراء التفاح اللبناني باسعار مرتفعة ( 25 ليرة للصندوق الواحد في حين كان الحد الأدنى للأجور مئة وخمس ليرات) وعندما أحس الرئيس شمعون أن السفير سيماطل في تلبية الطلب تحدث أمامه عن توجه لإستدعاء سفير الإتحاد السوفياتي لهذا الغرض!
رئيس الجمهورية سليمان فرنجيه الذي كان يردد بأن “أميركا دولة عظمى بقلة اخلاقها”، أجبَر السفير الأميركي غودلي على أخذ إجازة. وكانت له أكثر من محطة مواجهة مع الأميركيين فهو صارح وزير خارجية أميركا هنري كيسنجر في منتصف السبعينيات بالقول:” إبلغ بني قومك (اليهود) أن المسيحيين لن يغادروا هذه الأرض”. وأنهى إجتماعه فوراً مع الموفد الأميركي دين براون عندما أبلغه بأن هناك بواخر أميركية في البحر لنقل مسيحيي لبنان إلى كندا. وقال لموفد رئاسي عندما وجه إليه دعوة لزيارة واشنطن بعد إنهاء زيارته للأمم المتحدة: “أنا هنا على أرض دولية ولن أدنس رجلي بالأرض الأميركية”!
البطريرك الماروني نصرالله صفير رفض في أواخر ثمانينيات القرن الماضي إختيار اسم من خمسة عرضهم عليه الموفد الأميركي ريتشارد مورفي ليكون رئيساً للجمهورية خلفاً للرئيس أمين الجميل. ثم كان طرح “مخايل الضاهر أو الفوضى” وصولاً إلى إتفاق الطائف!
ليس من العيب أن نجهل الوقائع التاريخية، ولكن من المعيب أن نعمل على تحويرها خدمة لتلميع صورة هذه الشخصية أو تلك مهما علا كعبها.