حالة الدولة اللبنانية هذه الأيام هي أشبه ما تكون بسفينة بلا قبطان تُصارع الرياح العاتية والموجات العالية، وتفتقد قيادتها الرؤية الواحدة، ويغيب التعاون والإنسجام بين المسؤولين الذين يتولون تسيير الأقسام المختلفة في الباخرة المتهاوية في مهب العاصفة.

لم يكن اللبنانيون بحاجة لسماع خطاب رئيس الجمهورية الأخير ليتأكدوا أن التباعد بين المسؤولين يكبر يوماً بعد يوم، وأن الخلافات والصراعات بين مواقع القرار، عطلت آلية إتخاذ القرارات الملحَّة في الإصلاح والإنقاذ، والتنابذ المتصاعد بين ترويكا الحكم فاقم من تدهور الأوضاع العامة في البلد، وضاعف إنعكاسات الإنهيارات المستمرة.

الكلام بين الرئيسين عون وميقاتي تحول إلى رسائل وألغاز على المنابر الخطابية والإعلامية. العلاقة بين رئيسي الجمهورية ومجلس النواب تتسم بالتراشق بين الطرفين بالمراسم المعطلة، حيث يطلب الأول عودة مجلس الوزراء للإجتماع، وتحريره من عقدة قاضي التحقيق في إنفجار المرفأ طارق البيطار، في حين ينتظر الثاني توقيع مرسوم فتح دورة إستثنائية لمجلس النواب تغطي الفترة الفاصلة بين الدورة العادية التي تنتهي مع نهاية الشهر الحالي، ومثيلتها التي تبدأ أواسط شهر آذار المقبل.

وإذا أضفنا إلى هذا الواقع المحزن، ذلك الحجم من التباينات التي تُجمّد الجهود الإصلاحية، وكل المحاولات الإنقاذية، لأدركنا حقيقة الصعوبات والمآسي التي تنتظر اللبنانيين في العام المقبل، في ظل التعطيل الحاصل لإجتماعات الحكومة، وإشتداد ضغوط دوامة الأزمات المعيشية المتصاعدة، وعجز الدولة والمؤسسات الخاصة عن الإقدام على أي خطوة لتصحيح الرواتب، بسبب الإنحدار المتواصل في الأوضاع الإقتصادية والكساد التجاري السائد في مختلف القطاعات الإنتاجية والإستهلاكية، فضلاً عن التعقيدات المحيطة بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، إلى آخر سلسلة الأزمات التي تُطبِق على أعناق اللبنانيين المكتوين بنيران هذه المحنة غير المسبوقة في تاريخهم الحديث.

عشية إطلالة العام الجديد، نُفتِّش عن بصيص أمل يُبدد مشاعر القلق والتشاؤم..، ولكن الغيوم السوداء تحجب نور الشمس في الأفق القريب!