Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر March 18, 2020
A A A
عندما تختلط ″الكورونا″ اللعينة بالاعتبارات الموبوءة!
الكاتب: مرسال الترس - سفير الشمال

صحيح أن ″فيروس الكورونا″ يُهدّد منذ عدة أسابيع سكان الكرة الأرضية بدون تفرقة، وكل معاهد الأبحاث عاكفة وبنشاط لإستنباط الدواء الناجع له. لكن هناك ″فيروسات″ قد ضَربت عقول بعض اللبنانيين من دون القُدرة على إيجاد السبيل للتخلص منها.
استناداً لهذه الوقائع، توقّف المواطنون عند الكلام الذي أطلقه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في جلسة مجلس الوزراء التي إتخذت اجراءات تصل الى مستوى الطوارئ، لمواجهة آثار ″الوباء اللعين″ حيث قال:″أمام صِحّة كل مواطن تًسقُط الإعتبارات السياسيّة الضّيقة كافة. ليس الوقت مُطلقا لتسجيل نقاط وتبادل الاتهامات، كما أنه ليس الأوان للاستثمار السياسي أيا كان. فهذا الوباء لا يُميِّز بين موالٍ او معارض، بين مُطالبٍ بحق أو لامبالٍ″.
لماذا استنجّد الرئيس عون بهذه العبارات في وقتٍ عصيب كهذا؟ سؤال فرض نفسه لدى اللبنانيين القابعين في منازلهم، ولكنه كان واضحاً لدى المُراقبين والمُتابعين الذين سجلوا النُقاط التالية:
أولاً: هناك مجموعة واسعة من الأفرقاء السياسيّين دأبت منذ وصول ″بوادر الكورونا″ الى الأراضي اللبنانية على توجيه اللّوم، لا بل الإتهامات، إلى فئة معينة من الشُركاء في الوطن، كأن لها شغف غير محدود بالمرض، وأنها هي التي سَعت لإستقدامه الى البلاد، وأنّ أفراد أُسَرِها وأطفالها لا يعنون لها شيئاً!.
ثانياً: هناك فئة جَنَت عشرات مليارات الدولارات في مرحلة ″تطويع″ لبنان مالياً، تَقف متفرجة على ما يُمكن أن تقوم به الدولة بقدراتها المتواضعة جداً نتيجة تصرفاتها وسياساتها هي بالتحديد، ولم يَعُد لديها أي هم سوى توجيه الإنتقادات الجارحة أحياناً لما يعِتمده المسؤولون، بدون أن تبادر الى تقديم مساعدات ولو عينية في إطار التكافل والتضامن الأجتماعي!.
ثالثاً: إطلاق الأخبار المُضخَّمة التي تصل الى مستوى الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية، لتخويف المواطنين ودفعهم لرفع النقمة على السلطة، ليس لهدف مقبول إجتماعياً وإنما لمصالحها الضيقة!.
إزاء هذا وسواه، من الأخطاء الفادحة في ممارسة المواطنية الصحيحة والمسؤولة، دَفعت رئيس الجمهورية الى الدعوة: ″لأنبل وأرقى مظاهر الالتزام الإنساني ببعضنا البعض″. وحفّزت رئيس الحكومة حسّان دياب على القول: ″عندما تَبيَنت صِحة ما قمنا به، ارتفعت وتيرة المزايدات التي وضَعت الاستثمار السياسي أولوية على حساب صحة الناس″.
فهل غاب عن تلك الفئات ″المشبوهة الأدوار″ أنَّ المسؤولية مشتركة بين أبناء الوطن متكاتفين؟ فإذا لم ننجح جميعاً في تخطى المرحلة البالغة الخطورة، قبل أن تتحول الى مأساة، سندفع كُلُنا ضريبة اعتماد ″فيروسات″ التبعية والعصبية والمناطقية والعنصرية والمصالح الأنانية!